الرئيسية / الأخبار / فلسطين
مشاغل الخياطة في نابلس تعاني الأمرين ومخاوف من الاندثار
تاريخ النشر: الأثنين 23/02/2015 11:23
مشاغل الخياطة في نابلس تعاني الأمرين ومخاوف من الاندثار
مشاغل الخياطة في نابلس تعاني الأمرين ومخاوف من الاندثار

  

أصداء-هديل أبو شهاب-  لم تعد شوارع وحارات حي رأس العين بنابلس كالسابق تحتضن مئات مشاغل الخياطة وحياكة الملابس، بعد اضطرار القسم الأكبر منها على إغلاق أبوابها،  بسبب انغلاق السبل أمام أصحابها خلال السنوات الأخيرة.

وتكاد محال الخياطة حاليا في مدينة نابلس أن تكون معدودة وقليلة، بعدما كانت مزدهرة ومنتعشة، وكان سابقا يكاد يوجد شارع إلا وفيه مخيطة ومشغل للخياطة يزدحم فيه العمال والعاملات، الأمر الذي أضحى الآن قليلا، مما جعل كبار السن ممن يمارسون المهنة يعتقدون أنها في طريقها نحو الاضمحلال.

ويعبر عدد من أصحاب مشاغل الخياطة في محافظة نابلس عن استيائهم من تردي الأوضاع الاقتصادية، فيما يخص العمل في مشاغل الخياطة، خاصة بعد إغلاق عشرات مشاغل الخياطة في الأيام الأخيرة.

إهمال مستمر.. ومخاوف حقيقية

ويؤكد نقيب أصحاب مشاغل الخياطة في محافظة نابلس بسام عرفات، أن المحافظة  كانت تحوي على  1400 مشغل خياطة، كانت تستوعب زهاء 50 ألف عامل، أما الآن فلا يوجد سوى 425 مشغلا لا تستوعب سوى 3 الآلف عامل فقط.

ويرجح عرفات أسباب تراجع المهنة وإغلاق مشاغل الخياطة إلى إهمال السلطة والجهات الرسمية للسوق المحلي والصناعات الوطنية، بالإضافة إلى فتح باب التصدير والاستيراد من الصين.

ويرى أن  مشاغل الخياطة تعاني من تراجع وانحدار شديد، حيث يؤكد المسؤولون أنه من المحتمل  خلال سنوات قليلة إغلاق كافة المشاغل إذا بقيت الأمور هكذا، فالأجور منخفضة ولا تكفي لإعالة أسرة واحدة.

ويوضح نقيب أصحاب مشاغل الخياطة، وهو أيضا صاحب مشغل للخياطة أن مشغله متوقف عن العمل منذ أربع سنوات، بسبب إهمال السلطة للسوق المحلي والصناعات الوطنية وفتح باب التصدير والاستيراد من الصين، وأن 70 عاملا كانوا يعملون لديه في السابق جميعهم تم تسريحهم، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية.

وحول طبيعة العمل في المشاغل في السابق قال عرفات: "كنا نستورد قماش ونفصل ملابس وخياطتها، ونبيعها لصالح الوكيل الإسرائيلي الذي يضع  اسم الشركة الإسرائيلية على المنتج، مع أنه صنع بأيد فلسطينية".

الملابس المستوردة

ولفت عرفات إلى أن التجار المستوردين للملابس الجاهزة من الخارج أثروا بشكل سلبي في المنتج المحلي الذي كانوا ينتجونه، مما اضطرهم إلى التوقف عن صناعة الملابس، والتوجه إلى خياطة الملابس حسب طلب السوق الإسرائيلي.

وأشار إلى أن محافظة نابلس مميزة في إنتاج ملابس الجينز والخياطة وجودته العالية تسمح بتسويقه عربيا وعالميا، كما أنه يأتي على أحدث خطوط الموضة التي يرغب فيها الجميع، لافتا إلى أن مصانع الخياطة قادرة على العودة للعمل من جديد، بعد توفر رؤية للأسواق التي يمكن أن تستوعب كميات الإنتاج، وهو ما يحتاج إلى متابعة من قبل السلطة.

 وطالب نقابة أصحاب مشاغل الخياطة في محافظة نابلس من وزارة الاقتصاد إلى الوقوف إلى جانبهم في إعطائهم المجال لإخراج الصناعات  "بأيد فلسطينية" وليس "بأيد إسرائيلية"، وحتى يكون لهم القدرة على منافسة الصناعات الأخرى.

حلول متواجدة ولكن دون جدوى

واستعرض عرفات جانبا أخر من المعاناة  حيث قال: "مشاغل الخياطة تعاني من عطل ستة شهور في السنة" وهذا أمر خطير قد يدفعنا إلى إغلاقها بشكل كامل".

و أشار أمين سر النقابة عبد الوهاب الشنار إلى أن الوضع يمكن أن يتغير إيجابيا بشكل كبير في حالة توفير الحماية الكاملة للمشاغل وتوفير فرص عمل محلية.

انخفاض مستمر

وفي محله المعروف في السوق الأخضر وسط مدينة نابلس يعد الخياط راسم حمدي الرطروط (80 عاما)، من أقدم الخياطين في المحافظة الذي يبدي امتعاضه من الحالة التي وصلت إليها هذه المهنة:" كنا 33 خياطا في المدينة، وتقلص العدد أخيرا إلى 5 بعدما توفي أقدم الخياطين قبل أيام".

التحق الرطروط بهذه المهنة وعمره 16 عاما، ليمضي 64 عاما من عمره حتى الان في هذه المهنة، التي رافقته كل هذه المدة وعلمها لأحد أبنائه.

ويضيف وهو يمسك بنطلونا لتقصيره لأحد الزبائن: "كنا نعمل بدلات لعشرات الزبائن أسبوعيا، لكن الآن بعد السماح باستيراد البدلات الجاهزة.. يقتصر عملنا على تصليح وتقصير الملابس الجاهزة".

ويتوقف برهة ويتابع عندما نمسك قطعة لأي زبون من أول نظرة يتبين لنا هل نوعية القماش جيدة أم لا، مستطردا حاليا الغالبية من الملابس المستوردة، خاصة من الصين ذات نوعية رديئة، ولا تصمد كثيرا بعكس الملابس التي كنا ننتجها محليا.                   

لم تكن مهنة الخياطة بالمهنة العادية، بل كانت واحدة من أبرز المهن اليدوية التي لا غنى عنها قبل أقل من أربعين عاما وخاصة في المناسبات، يقول مؤيد عبد المنعم: "كنا نعمل طوال العام إلا أن موسم المدرسة والأعياد كان الحقيقي لهذه المهنة".

"مؤيد عبد المنعم"  خياط  يمارس عمله في صناعة الملابس منذ حوالي خمسة عشر عاما في مشغله الموجود في راس العين في مدينة نابلس، يقول عن كيفية احترافه للمهنة" بدأت اعمل  في مهنة الخياطة في الصف السادس، كنت أتعلم واعمل في الوقت نفسه، درست الصحافة، ولكن فضلت العمل في هذه المهنة كونها كانت تجلب دخل ممتاز بالنسبة لدي".

ويضيف:" أن المهنة اليوم أصبحت ضعيفة جدا وهناك احتمالية كبيرة في اندثارها، بسبب الاستيراد من الصين، وتفضيل الزبائن لشراء الإنتاج الغير محلي".

"مهنة مش جايبة همها"

يضيف عبد المنعم أن هناك العديد من العاملين تركوا مهنة الخياطة وتوجهوا للعمل داخل أراضي فلسطين المحتلة 48، فالعامل هنا يأخذ شهريا حوالي 1000 شيقل فقط، وهذا  المبلغ لا يكفيه، مما يضطر الغالبية إلى ترك المهنة، والتوجه للعمل إلى داخل الخط الأخضر".

ويبدي خالد جود الله 24 عاما وهو العملين في هذا المخيطة عن مخاوفه من الإغلاق واندثار المهنة قائلا :" تعاني مشاغل الخياطة منذ أعوام من ندرة العمالة المحلية، فأنا أعمل منذ 10 سنوات إلى جانب إنني طالب في جامعة القدس المفتوحة، ولكن أرى أن المهنة أصحبت تواجه صعوبات كثيرة، وهناك تخوفات بتراجعها واندثارها".

 

من جانبه إعتبر الدكتور نائل موسى المحاضر بكلية الاقتصاد في جامعة النجاح أن قطاع الملابس تعرض لنكسة، بسبب أمرين الأول إنتقال التعامل رجال الإعمال الإسرائيليين في مجال الملبوسات إلى الإردن والثاني تبعات الإستيراد من الصين. وأضاف أن هذا الوضع تسبب ببطالة عالية في العاملين بهذا القطاع، مما أضطر القسم الأكبر منهم البحث عن بدائل إضافة إلى تراجع مساهمته في الناتج المحلي الفلسطيني.

المزيد من الصور
مشاغل الخياطة في نابلس تعاني الأمرين ومخاوف من الاندثار
مشاغل الخياطة في نابلس تعاني الأمرين ومخاوف من الاندثار
مشاغل الخياطة في نابلس تعاني الأمرين ومخاوف من الاندثار
مشاغل الخياطة في نابلس تعاني الأمرين ومخاوف من الاندثار
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017