تتضارب الاحداث في اليمن بوتيرة متسارعة في هذه الايام، فاضحى المشهد اليمني يطغى عليه المواجهات والاشتباكات وتقلب معايير التحالفات الميدانية والسياسية، فيما راح ضحية هذه التقلابات عشرات القتلى من بين صفوف جميع الاطراف، لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائما من هو الطرف الداعم للحوثيين؟ من اين لهم المال؟ وما هي مصلحة الداعم؟
تعتبر حركة الحوثيين حركة سياسية ظهرت لأول مرة في محافظة صعدة شمال اليمن، ويرجع الكثير ظهورها بشكل فعلي لعام 2004 بينما جذورها بدأت في ثمانينات القرن الماضي.
فكانت أولى المواجهات للحوثيين مع القوات اليمنية عام 2004، حيث قتل في هذا العام قائد الحوثيين حسين الحوثي على يد القوات اليمنية، بعدها إستمرت المواجهات الحوثيين مع الحكومة حتى عام 2011، ومع اندلاع الثورة على علي عبد لله صالح خرج الحوثيين في المظاهرات والاحتجاجات.
وفي فترات ما قبل عام 2011 بدأت الحكومة اليمنية بتوجيه أصابع اللوم إلى الدولة الايرانية في زعزعة الاستقرار الامني في اليمن، وذلك بعدما قامت الجماعات الحوثية بمواجهات حدودية مع القوات السعودية عام 2009.
وفي ذات العام أعلنت صنعاء أنها صادرت سفينة ايرانية كانت تنقل أسلحة مضادة للدبابات إلى الحوثيين، وفي السياق ذاته ذكرت مؤسسة "ستراتفور" الخاصة للاستخبارات العالمية في تقرير نشرته أن ايران تقوم بدعم جماعات مسلحة مقرها في اليمن.
في الوقت نفسه قال اكثر من دبلوماسي يمني أن الحوثيين تلقوا تدريبات عسكرية على يد الحرس الثوري الايراني.
وقد سبق للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وان قام بالتصريح امام وسائل الاعلام بان ايران في الفترات الاخيرة قامت بالتدخل في الشؤون اليمنية بشكل كبير جدا وواضح، كما قال ان هناك أكثر من مستشار لقائد الحوثيين عبد الملك الحوثي من ايران.
وأشار في ذات التصريح إلى ان حكومته قامت بالقبض على اثنين من ضباط الحرس الثوري الايراني وذلك بعد محاولتهم بناء مصنع صواريخ في اليمن.
أيضا قامت الحكومة اليمنية بعد ذلك باتهام ايران بتقديم المساندات المالية وتسليح الحوثيين، كما أعلنت الحكومة اليمنية في مرات عديدة انها قامت باعتقال خلايا ايرانية تعمل على زعزعة الشؤون الداخلية في الدولة.
ومن جهة اخرى وادين الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في عرقلة المبادرة الخليجية وعملية التحول السياسي في اليمن عام 2011، كما اتهم بارسال أكثر من 500 طالب يمني إلى ايران ليكونوا تحت رعايتها ووصايتها الفكرية.
فذكرت صحيفة الوئام الالكترونية عن مصادر موثوقة وقريبة من الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بانه متورط في مخطط تعاون سري مع الحوثيين.
وقبل ايام قليلة اشار نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان، إلى أن جماعة الحوثي تقود اليمن بالاتجاه الصحيح، وأنصار الله يتعاونون في اتجاه دفع العملية السياسية ومكافحة الفساد والإرهاب في اليمن، ويتحركون بشكل ذكي ووفقًا لمطالبات الشعب اليمني، ومستوى الأمن في المنطقة ارتفع في الفترة الأخيرة، و يعتبر هذه التصريح الذي ادلى به لوكالة المهر أول دعم علني إيراني لما يفعله الحوثيون في اليمن.
وذكر محمد المذحجي في تقرير للقدس العربي تصريحات لطالب علي أكبر ولايتي، مستشار آية الله علي خامنئي للشؤون الدولية، "نحث جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن أن تؤدي دوراً مماثلاً لدور حزب الله في لبنان"، وأكد على تقديم الدعم الكامل الإيراني لهذه الجماعة.
واضاف مستشار الخامنئي إلى ذلك "أن جماعة أنصار الله الحوثية ستحقق الانتصار النهائي بكل تأكيد وندرك تماماً أن النصر في اليمن بات وشيكاً".
وأعرب الخامنئي عن فرحته وارتياحه بسبب الانتصارات الأخيرة لجماعة أنصار الله في لقائه مع أعضاء ومندوبين من جماعة الحوثي يوم السبت الماضي في طهران، وقال، "نبارك ونهنئ لكم، تمكنكم من رفع علم الثورة في اليمن".
ومن الجدير بالذكر ان الحركة الحوثية تعتبر نفسها حركة تتبع المذهب شيعة الزيدية، وتنفي كلما اتيح لها الامر انقلابها على المذهب الزيدي وذلك لتبعد عن نفسها ايران، حيث يرى الكثير من المتابعين التقارب الواضح بين الحوثيين وشيعة الاثنا عشرية الايرانية.
وفي مقابل ذلك لم تتردد ايران كلما سمحت لها الفرصة في نفي تدخلها في الشؤون اليمنية، ولابعاد الشبهات عنها أكدت على ضرورة عودة الاستقرار والسلام إلى اليمن، وذلك في اجتماع دولي للامم المتحدة، مع العلم ان هذه اول مرة مشاركة لايران في اجتماعات الاممي جمال بن عمر.
ومن جهة أخرى أبدى سفير الولايات المتحدة الامريكية في اليمن فايرستابن قلقله من ضلوع ايران وحزب الله في دعم الحوثيين خاصة في المناطق الجنوبية من اليمن.
وفي الاتجاه إلى دعم حزب الله للحوثيين فقد سبق وان صريح الرئيس السابق لليمن بأن حزب الله اللبناني قام بتدريب الحوثيين على استعمال الاسلحة بكافة انواعها.
كما ذكر أحمد الشمري في تقرير نشرته صحيفة عكاظ أن عدد من الخبراء العسكريين من حزب الله توجهوا إلى محافظة صعدة، ومنها إلى مأرب والبيضاء لمساندة الحوثيين في المواجهات مع قبائل مأرب.
ويعزي الشمري استنجاد الحوثيين بخبراء حزب الله في مواجهات مأرب إلى الفشل الذريع والخسائر الفادحة في صفوف الحوثيين.
وفي مقابلة حصرية لاصداء مع البرفسور عبد الستار قاسم أكد على أن إيران تقدم دعما عسكريا وماديا للحوثيين في اليمن، لكن في المقابل لا يوجد دليل على ذلك، ولا حتى دليل على ان ايران تقاتل مع الحوثيين في اليمن.
وقال ايضا "كل الحركات في الوطن العربي التي تبحث عن مستقبل لها تحصل على دعم من ايران، وليس الحوثيين هم فقط الذين يحصلون على الدعم الايراني".
ويرى عبد الستار قاسم أن الاقلية التي لا تسير وفق ما تريد الانظمة تضطهد، والمضطهد دائما يبحث عن من يدعمه، والحوثيين منذ عام 1964 لا يوجد لهم اي نشاط في اليمن، ولذلك من المتحمل ان يكون الحوثيون هم من لجأ الى ايران اولا.
وعن اسباب دعم ايران للحوثيين اورد البرفسور عدة اسباب، فاهمها البعد طائفي فالحوثيين هم من الإيزيديين الذين ينبثقون عن الشيعة في الاصل، حتى لو كانوا هم اقرب فرقة من الشيعة للسنة.
واورد ايضا احتمال خشية ايران من وجود قوة اسلامية اخوانية في اليمن فقال "ايران والاخوان دائما في حالة عداء، وحركة الاصلاح الموجودة في اليمن هي حركة اخوانية، فاذا كانت ستسيطر على اليمن فهذا الامر لا يصب في مصلحة ايران.
اما فيما يتعلق بانكار ايران دعمها للحوثيين بين البرفسور ان الدول في طبيعتها تنكر دائما مثل هذه الامور وليست ايران فقط، وايران تدعم انكارها بعدم وجود دليل يثبت انها تدعم الحوثيين في اليمن.