الرئيسية / الأخبار / أخبار اسرائيلية
التدريبات العسكرية في الضفة الغربية ودلالاتها السياسية..
تاريخ النشر: الجمعة 06/03/2015 10:08
التدريبات العسكرية في الضفة الغربية ودلالاتها السياسية..
التدريبات العسكرية في الضفة الغربية ودلالاتها السياسية..

 نفذ الجيش الإسرائيلي بكافة مكوناته العسكرية والأمنية والاستخباراتية أوسع تدريب أشرف عليه قائد هيئة الأركان، امتد على مدار يومين شمل كيفية إعادة احتلال وتقسيم أراضي الضفة والاعتقالات المنزلية ومواجهة انتفاضة محتملة واغتيال قيادات فلسطينية. وأوضحت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذا التدريب كان بعلم السلطة الفلسطينية.


من المفيد أن نعلم أن هذا التدريب؛ الأوسع من نوعه منذ عام 1967، نفذ في ظل مجموعة من الأحداث المحلية والإقليمية والدولية، ويشكل مؤشرا لما يمكن أن يحدث خلال هذا العام أو العام المقبل.

نُفذ هذا التدريب والمؤسسة الأمنية والعسكرية تشن حملة اعتقالات واسعة النطاق في جنوب الضفة الغربية، وتنشئ معبرا/حاجزا جديدا في السواحرة الشرقية لفصلها عن محيطها وسط وجنوب الضفة الغربية، وفي ظل تغول المتشددين اليهود؛ من استيلاء على الأراضي وانتهاك للأملاك وللحرمات والمقدسات، وتعقيدات للعلاقة بين مجموعات فلسطينية محسوبة على فتح والأمن الوقائي، بخاصة في منطقة نابلس، وتخوف إسرائيلي رسمي من سيطرة "حماس" على الضفة الغربية، في حالة إجراء انتخابات، ومن تحسبات لحالة الاحتقان التي يعيشها المواطن الفلسطيني في مناطق السلطة، والتي تنذر باندلاع انتفاضة باتت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على قناعة أنها لن تكون نزهة بالنسبة إليها وإلى جيشها وأمنها ومؤسساتها السياسية.

هذا التدريب يحمل معاني ورسائل سياسية وأمنية لأكثر من جهة؛ تبدأ من الداخل الإسرائيلي والعمل على إعادة ترميم عناصر هذا الجيش، الذي تتكشف، يوما بعد يوم، حصيلة حربه على غزة والنتائج الكارثية التي حلت عليهم، وهذا التدريب إعادة اعتبار وترميم حالة وشحذ همة ورفع للمعنويات، ويأتي تزامنا مع تدريب آخر نفذه الجيش في تدمير للأنفاق في شمال البلاد، تحسبا من أن تستخدمها عناصر "حزب الله" لاحتلال شمالي البلاد.

وفيه رسالة واضحة إلى السلطة الفلسطينية، التي عقدت مجلسها المركزي هذا الأسبوع. والرسالة جاءت في ظل التهديدات "الفارغة" التي يشنها رجالات السلطة بين الحين والآخر بوقف التعاون الأمني مع الاحتلال، وتسليم مفاتيح السلطة إليه. وفيه رسالة سياسية إلى الطيف السياسي الإسرائيلي، الذي يخوض انتخابات الكنيست، مفادها أن الجيش وحساباته فوق الاختلاف السياسي، إذ ينطلق في عمله من مصلحة "واقع ومستقبل إسرائيل". وهذا المنطلق لا ينفي تقاطعه مع سياسات وبرامج أحزاب بعينها ترى في بقاء الاحتلال وبقاء السلطة حالةً "لحدية" موجودة على الأرض الفلسطينية.

وفيه رسالة إلى الفصائل الفلسطينية من أن تل أبيب بكل مكوناتها جاهزة لمواجهة أي طارئ فلسطيني، بخاصة وأن حالة الاحتقان التي يعيشها الفلسطيني في مناطق السلطة تنذر بهبة لن تكون كسابقاتها، وستكون على السلطة والاحتلال، وما يدور بين الحين والآخر في مخيم بلاطة مؤشر على حالة الاحتقان، التي وصل إليها الشارع الفلسطيني. ولعل التعاون الأمني بين السلطة والاحتلال، وإدراك المواطن الفلسطيني لحجمه الكارثي، سيدفعه إلى الانتفاضة على هذا الواقع "المشوّه"، بخاصة وأن حالة من التماثل في اللاوعي الجماهيري مع المقاومة الفلسطينية تتجلى في الكاسيتات والأناشيد الشعرية التي تملأ الفضاء الفلسطيني. ولا ننسى الأحداث التي جرت في مدينة القدس، وكشفت عن هشاشة "الحالة الإسرائيلية" ومستوى التوتر في المدينة المقدسة، الذي ينذر بانفجار في كل لحظة، وهو ما دفع المؤسسة العسكرية والأمنية إلى استباق مثل هذه الأحداث والاستعداد لها.

وهناك رسالة إلى أكثر من طرف إقليمي ودولي تصب في مجرى واحد مفاده أن "إسرائيل" هي السيد على هذه الأرض، وإن دار وسيدور الحديث حول مستقبلها وسبل إنشاء دولة فلسطينية على ما تبقى من تراب هذا الوطن، بخاصة وأن عباس يصرح صباح مساء أن المساعي الفلسطينية التي يقودها في المحافل الدولية لا تعني عدم رغبته أو رغبة السلطة في التفاوض مع الاحتلال، رغم إدراكه مسبقا فشل هذا الطريق بعد عشرين سنة من التفاوض غير المجدي، والذي أدى إلى نتائج كارثية على الشعب الفلسطيني أرضا وبشرا.

في المجمل العام هذه التدريبات حملت أكثر من معنى؛ ابتداء من تعزيز وترميم ما هدمه "الجرف الصامد" من جهة، وتعزيز الثقة بقدرات الجيش العسكرية واللوجستية، وبعث رسالة إلى الشعب الفلسطيني بكل مكوناته؛ أنهم موجودون على هذه الأرض برسم القوة، وفقط برسمها..

 

 

 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017