نابلس ـ هديل أبو شهاب
لم تعد مبررات الايدلوجية الشعار المرفوع للسيطرة الاستيطانية على اراضي بلدات فلسطينية مقنعة، في ظل بروز توجهات اقتصادية استثمارية حاضرة ،في ظل الاطماع التي تم رصدها في المستوطنة التي اخذت اسما دينيا، لكنها سرعان ما اضحت من اكثر المستوطنات شهرة في مجال الصناعات الزراعية والحيوانية.
ومن يشاهد التوسع في مستوطنة ايتمار على مدار نحو 20 عاما يلحظ ان سبح تلال اضحت الان تحت سيطرة المستوطنين فيما تنتشر في وديانها البركسات الزراعية التي تختص بالمواشي والمزروعات مما جعلها مصدر للكثير من منتجات الالبان ومشتقاته لكبريات الشركات الاسرائيلية.
على سفوح جبال قرى (عورتا وبيت فوريك وبيت دجن ويانون والجزء الشرقي من قرية عقربا) جنوب شرق نابلس، تجثم "ايتمار" إحدى أكبر المستوطنات الاسرائيلية بالضفة الغربية من حيث المساحة بعد مستوطنة ايلي، والتي تحتل المرتبة التاسعة من بين المستوطنات الإسرائيلية القابعة بشكل غير قانوني على أراضي الضفة الغربية. إذ تبلغ مساحة المستوطنة حوالي 3097 دونما ويقطنها تقريبا 1000 مستوطن إسرائيلي .
وفي المستوطنة ذاتها ، يسكن إحدى المستوطنين المعروف بشدة تطرفه وعدائه المستمر للفلسطينيين ، والذي أطلق على نفسه لقب " ملك ايتمار" ويملك المستوطن المتطرف مزرعة للأبقار في مملكته المزعومة، و يقوم ران بتدمير المزروعات في أراضي المواطنين وتخريبها من خلال قطع أشجار الزيتون واتلافها عن طريق سكب مواد كيماوية عليها .
الناشط في قضايا الاستيطان من قرية عورتا عبد السلام عواد، يقول أن ران الملقب ب " ملك ايتمار" يبقي الخيط والإبرة معه حتى إذا جرح يخيط جرحه بيده ، وانه لا يخلع حذاءه من قدمه .
أنشأت المستوطنة في قرابة عام 1984عندما أصدرت محكمة العدل العليا التابعة للاحتلال قرارا بإزالة النواة الاستعمارية على أراضي روجيب ونقلها من موقعها الحالي إلى أراضي جبل بلال في دير الحطب بالطائرات المروحية.
تقع مستوطنة ايتمار الإسرائيلية اليوم في منطقة ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة لدولة الاحتلال, ألا وهي المنطقة التي باتت تعرف بمنطقة الممرات الإسرائيلية حيث تقوم دولة الاحتلال بفرض سيطرتها وتعزيز مكانتها في المستوطنات الإسرائيلية الواقعة فيها حتى تتمكن قبيل الوصول إلى اتفاق تسوية مع الفلسطينيين في المستقبل، من ضم اكبر عدد ممكن من المستوطنات والبؤر الاستيطانية في تلك المنطقة هذا بالإضافة إلى المستوطنات الإسرائيلية والبؤر الاستيطانية الواقعة في الجهة الغربية من الضفة الغربية. فيما بعد توسعت المستعمرة لتشمل أراضي من قرية يانون وعقربا .
أقيمت المستوطنة على أيدي طلاب معهد مئير في القدس وأطلق عليها بداية اسم "تل حاييم" وتعني الحياة اليهودية في الموقع الذي يعتبرونه رمزا دينيا وعقائدا لهم والذي له ارتباطات مزعومة به وبعد الانتفاضة الأولى بدأت المستعمرة بالتوسع وحول اسمها من تل حاييم إلى ايتمار .
ورغم الجولات المستمرة لوزير الخارجية الأمريكية جون كيري، لتحقيق عملية السلام في الشرق الأوسط وخاصة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومطالبة إدارة اوباما الحكومة الإسرائيلية لوقف الاستيطان الذي يلتهم الأراضي الفلسطينية، والذي يهدد السلام في المنطقة إلا أن إسرائيل تتجاهل المطالب الأمريكية متحدية بذلك قرارات معظم الدول الكبرى لوقف الاستيطان.
منذ عام 1967 أقامت إسرائيل أكثر من مئة مستوطنة في أرجاء الضفة الغربية ،ونهبت مئات ألاف الدونمات من أراضي السكان الفلسطينيين لصالح تلك المستوطنات ، مما أدى إلى انتهاك حق أبناء الشعب الفلسطيني الذي يعتبر تحديا ونسفا لعميلة السلام التي تهدد منطقة الشرق الأوسط وانتهاكا للقانون الإنساني الدولي.
ويضيف عواد ، أن سبب تحويل اسمها من" تل حاييم" إلى "ايتمار" يعود إلى مقام ديني إسلامي موجود في قرية عورتا يحاول اليهود السيطرة عليه من خلال نسبته إليهم .
وأكد عواد أن مساحة قرية عورتا كانت حوالي 16 ألف دونم تم مصادرة 12 ألف دونم لصالح مستعمرة ايتمار، ولم يتبقى سوى 4 ألف دونم، فيما زادت عملية التوسعة عشر أضعاف بعدما استلم بارك رئيس الحكومة الإسرائيلية .
وأضاف عواد أن هناك العديد من الأراضي والبيوت القريبة من المستوطنة تم هجرها من قبل سكانها، ويرجع السبب في ذلك إلى الاعتداءات الوحشية المتكررة من قبل المستوطنين
يقول الناشط وهو يملك ارض زراعية داخل المستوطنة انه لا يستطيع دخول أرضه ، ومنذ عام لم يسمح له بحراثتها وقد تم قطع اغلب أشجار الزيتون ، إضافة إلى أن اعتداءات المستوطنين ضدهم لا تتوقف .
تتصل المستعمرة حاليا بمعسكر حواره التابع للجيش الإسرائيلي من الجهة الشمالية بطريق التفافية نظرا لقربها الشديد منه وكذلك تتصل بنفس الطريق من الشمال بمستعمرة ألون موريه إضافة لاتصالها مع الآلاف الدونمات بالأراضي التابعة للأغوار المنطقة الوسطى المغلقة لإغراض عسكريه منذ بداية انتفاضة عام 2000م ، وتعتبر مستوطنة ايتمار واحدة من ثلاث مستوطنات كانت قد أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عمليات التوسعة ضخمة لها ، إذ يبلغ مساحة أراضيها عشرات الآلاف الدونمات وتأخذ بالتزايد إلى يومنا هذا .
ومن الجانب التعليمي تضم المستوطنة اليوم خمسة مدارس ، تعلم التلاميذ على الدين المتطرف الذي يشجع على القتل والتطرف والاعتداء على أبناء الشعب الفلسطيني ، فقد شهدت الأراضي الفلسطينية العديد من الاعتداءات الوحشية من قبل المستوطنين بحق الشعب .
ويؤكد مسئول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس، أن الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون المتطرفين على الفلسطينيين وممتلكاتهم تشهد تزايد مستمر وخطير خاصة في الآونة الأخيرة .
وحذر دغلس من استمرار وتيرة تلك الاعتداءات التي باتت بشكل يومي ، مؤكدا أن ما يجري على الأراضي الفلسطينية لا يبشر على خير .