تقرير نور سلامة
المخيم بزقاقه العديدة، واتجاهاته المنشودة من كل سكانه، قد لا تكفيك وحدها، فذلك المنعطف وحده هو من يوصل الغالبية هنا بالمخيم إلى مبتغاهم، هو الطريق الى العيادة الطبية التابعة للمخيم والتي ما إن تدخلها حتى يصيبك إعياء من فيها بالإعياء!.
هناك عجوز تتكأ على جارة لها تصل المكان، التعب يبدو واضحاً على قسمات وجهها وقد أنهكه الدمع، تشكو خدر في قدميها، ليجيبها الطبيب على الفور "هو السكري يا حجّة، يمكن أفطرتي حلو أو شربتي شاي "، تبدأ هي بالبكاء موضحة أن ابنها الأكبر قد سافر مؤخرا وهمها فقط الإطمئنان عليه الآن، وعندما أوضح لها الطبيب أن السكري مرتفع بشكل كبير لديها، أخبرته ببعد منزلها عن العيادة وأنها تأتي كل شهر فقط وتأخذ ما يكفيها من الدواء لهذا الشهر كاملاَ.
يعلق الدكتور ربحي والذي يعمل في مخيم بلاطة على هذا الموضوع قائلاً "سأظل أُتابعك حتى يصل منسوب سكرك 60 بالمئة ، و إن شاء الله يعود لكِ سالماً غانماً".
ويشير الدكتور ربحي أن أحد أهم وأبرز المشاكل الرئيسية لداء السكري هي الضغوط النفسية والتوتر الذي يعاني منه سكان المخيم، ويمكن أن يكون وراثيّاَ أو بسبب السمنة أو الالتهابات الفيروسية ت، وهناك تزايد في نسب السكري في الآونة الأخيرة .
يضيف الدكتور ربحي أن أي شخص مُعرّض للإصابة بالمرض، فيجب على كل فرد إن كان كبيراً، أو صغيرا،ً ذكراً، أو أنثى الاعتدال في الأكل، والمحافظة على وزنه صحيّاً، وممارسة الرياضة والمشي، ومحاولة الابتعاد عن القلق الزائد، والانفعالات السلبية.
يوجد في عيادة مخيم بلاطة أخصائية تغذية ومرشدة نفسية تأتي كل أسبوعين مرة تساعد المرضى صحياً ونفسياً لتقبّل مرضهم وكيفية التعايش معه خاصة المرضى المراهقين، ويتمّ عمل حملات توعوية عن مرض السكر والذهاب لفحص الناس في المخيم.
ويختتم الدكتور ربحي حديثه قائلاً "الدواء متوافر دائماً حيث يُعطى كل شهر لمرضى السكري في الموعد والكمية المحددة" .
دخل رجلٌ عجوز مبتورة رجله اليمنى الى غرفة الطبيب وملامح العجز والوجع في تجاعيد جبينه ووجهه على عكازة تكاد تحمله، يطلب من الدكتور تحويله الى المشفى التخصصي للقيام بعملية في عينه موضحاً أنه فقد شبكية عينه جراء مرض السكري.
يجلس بحذر على الكرسي ويكتب له الدكتور التحويلة، وبسرعة نادى على المُمرض لتوصيل العجوز لسيارة وكالة الغوث للاجئين لتوصله للمستشفى مجاناً.
هز الدكتور رأسه بحزن وذكر لي "ابنه شهيد وأرمل ومصاب بالسكري منذ سبع سنين وهو يصارع المرض اللعين وألمه الابدي ".
وبدأ الحديث متأثرا بالعجوز عن أثار مرض السكري وأولها اعتلال شبكية العين، واختلال الإحساس عادةً في منطقة اليد والقدم وممكن حدوث تلف الكلى الذي يمكن أن يؤدي إلى فشل كلوي مزمن، الذي يتطلب غسيل كلوي.
تقول الحاجة سميحة أبو زر (أم أيمن) تبلغ من العمر 75 عاماً من مخيم بلاطة في نابلس "أراجع عيادة الوكالة مند 8 سنوات، وأعاني من السكري والضغط ولدي مراجعة كل شهرين ولهذه الأمراض لدي نوعين من الدواء، انقطع الدواء عني عندما جرى إضراب الوكالة قبل عام، ولا أعتمد فقط على دواء الوكالة فابني الصيدلاني يوفر لي الادوية الاخرى".
وتشير أم أيمن إلى أنها تعاني من بُعد العيادة حيث تبعد عن منزلها نحو كيلو ونصف، إلا أن ذلك لم يمنعها من أن تذكر أن الإصابة بمرض السكري لا يعني أن الحياة قد انتهت، فالسكري مرض يعيش معنا ويمكن أن نتعايش معه دون أن يؤذينا ودون أي كلفة على صحتنا إذا أحسنّا التحكّم فيه بالأدوية الفاعلة مع تجنب حالة هبوط السكر في الدم وبالتعاون مع الطبيب وبنمط الحياة المناسب".