بقلم / غسان مصطفى الشامي
لم تكن دولة فلسطين غائبة عن القمة العربية السادسة والعشرين، ولم يخلُ خطاب أي زعيم عربي دون أن يذكر فلسطين والتحديات الكبيرة التي تواجهها والظروف الحالكة التي تمر بها فلسطين المحتلة؛ وقد جدد الزعماء العرب خلال جلسات القمة تأكيدهم على أن القضية الفلسطينية أخطر وأهم قضية في الشرق الأوسط حيث أعلن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أن قضية فلسطين في مقدمة اهتمامات السعودية، وحق شعب فلسطين في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، كما أكد رئيس جامعة الدول العربية نبيل العربي أن العالم العربي يمر بتحديات غير مسبوقة، وقضية فلسطين كانت ولازالت تشكل التحدي الأكبر والأخطر للأمة العربية.
أدرك تماما أن برنامج القمة الذي جاء تحت شعار " سبعون عاما من العمل العربي المشترك" يتركز بالأساس على الأوضاع والتطورات الحاصلة في اليمن السعيد وسيطرة الحوثيين على الكثير من المناطق وضرورة التدخل العربي لحماية اليمن وشعبها من خطر الحوثيين ومن يدعمهم، ولكن هذه القمة ربما تختلف عن غيرها من القمم فهي منحت الغطاء السياسي والشرعي للتحالف العربي العسكري الذي يواجه نفوذ الحوثيين في اليمن؛ هذا التحالف الكبير وهذه الطائرات والدبابات نكأت جراحات فلسطين الصابرة، وبعثت في شعب فلسطين الأمنيات في العودة إلى ربوع فلسطين إلى أرض الآباء والأجداد ؛ لقد بعث هذا التحالف العسكري الأمل بعد انتهاء معركته مع الحوثيين في إكمال الطريق لتحرير القدس والمسجد الأقصى لمواجهة العدو الصهيوني الجاثم على الأرض الفلسطينية منذ 67 عاما وفلسطين تئن تحت وطأة الجراح، والأرض الفلسطينية تسرق ويأكلها الاستيطان والتهويد، وأجدادنا وآباءنا يحتفظون بـــ " كوشان " الأرض وصور فلسطين التاريخية، وذكريات مسحتها الدبابات الصهيونية في نكبة عام 1948 التي شردت أكثر من 800 ألف ودمرت مئات المدن والقرى الفلسطينية وقتلت الآلاف .
القمة العربية الأخيرة وغيرها من القمم أصدرت قرارات كثيرة بشأن فلسطين وغيرها من الدول العربية، وربما أهم هذه القرارات القرار القاضي بإنشاء قوة عسكرية عربية، تشارك فيها الدول اختياريا، وتتدخل هذه القوة عسكريا لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء بناء على طلب من الدولة المعنية؛ والسؤال الهام الذي يدور في خلدي أليس فلسطين بحاجة ماسة لتطبيق هذا القرار؟؟؟ أليس غزة هذه المدينة الصغيرة واجهت غزة في السنوات الأخيرة ثلاثة حروب شرسة دمرت الأخضر واليابس ولم تدمر الصمود والعزيمة !! هل سقطت صاروخ عربي خلال حروب غزة مع الصهاينة على تل أبيب ردا على العدوان على غزة ؟؟!! للأسف لقد اكتفت الدول العربية بالزيارات والدعم المالي والمساعدات الصحية والغذائية، إضافة إلى مطالبة الكيان الصهيوني بوقف إطلاق النار واحترام المعاهدات الموقعة بين العرب و"إسرائيل".
إن هذه القمة العربية جاءت في وقتها ولها أهميتها الكبيرة في الدفاع عن الشعب اليمني وحمايته؛ ولكن يجب أن تكون فلسطين حاضرة في دعمها بالسلاح، وحشد الجيوش العربية لتحرير أرض فلسطين؛ والتاريخ الفلسطيني يسجل أن جامعة الدول العربية أصدر في 12 أبريل 1948م قرارا يقضي بزحف الجيوش العربية إلى فلسطين، لكن هذه الجيوش لن تتدخل قبل انسحاب بريطانيا المزمع في 15 مايو 1948م؛ والمصيبة الكبرى كانت أن عدد الجيوش الصهاينة بلغ منذ بداية نكبة عام 1948م أكثر من سبعين ألف جندي، وهو أكثر من ثلاثة أضعاف الجيوش العربية السبعة التي شاركت في حرب 1948م.
اليوم فلسطين بحاجة ماسة إلى تجنيد وحشد آلالاف من الشباب العرب في هذه الجيوش وتطبيق هذا القرار العربي الهام لمواجهة العدو الصهيوني والتصدي لجرائمه بحق الشعب الفلسطيني، كما يجب أن يتم اتخاذ الإجراءات التنفيذية بسرعة لهذا القرار، وألا يكون القرار مجرد حبر على ورق وبحاجة إلى لجان وهيئات واعتماد هنا وهناك أو يقف تنفيذ ن فلسطين وتكون مهماته محددة، كما أن فلسطين بحاجة إلى الكثير من القرارات العربية الجريئة على رأسها قطع العلاقات مع العدو الصهيوني ووقف التنسيق وإغلاق سفارات ومكاتب العدو في الدول العربية جمعاء.
إذن القمة العربية 26 بقدر أهميتها الكبيرة وسط الظروف والأوضاع الصعبة التي تعيشها الدول العربية وعلى رأسها دول الربيع العربي؛ إلا أن فلسطين يجب أن تأخذ القسط الأكبر في الاهتمام العربي، ويجب أن تتركز الجهود العربية في مواجهة العدو الصهيوني بكافة السبل والوسائل وتحرير فلسطين الأرض والإنسان والهوية .
إلى الملتقى ،،
قلم / غسان مصطفى الشامي