مسؤولون وحقوقيون يدعون لإجراءت تنفيذية مع سريان عضوية فلسطين في"الجنايات الدولية"
دعا مسؤولون وحقوقيون إلى الشروع في إجراءات تنفيذية تواكب انضمام فلسطين للمعاهدات والاتفاقات الدولية البيئية. وقدم المشاركون في ندوة نظمها مركز التعليم البيئي / الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة وكلية القانون بجامعة النجاح الوطنية بالتعاون مع سلطة جودة البيئة قراءة قانونية لانضمام فلسطين للاتفاقات والمعاهدات الدولية، وبخاصة البيئة منها.
وأنطلقت الندوة، التي حضرها أعضاء الهيئة التدريسية وطلبة القانون وباحثون ومهتمون وأعضاء منتديات نسوية بيئية وإعلاميون بكلمة كلية القانون ألقها د. محمد شراقة، أكد فيها أهمية فتح نقاش قانوني بيئي، في هذه الفترة بالذات؛ للمساهمة في جهود الإسراع بتقديم ملفات اتهامات الاحتلال للمحاكم الدولية على جرائمه البيئية المتواصلة.
وقال سيمون عوض المدير التنفيذي لـ"التعليم البيئي" إن الندوة جاءت بعد يوم واحد فقط من انضمام فلسطين رسميًا لمحكمة الجنايات الدولية، ما يعني فتح الباب عملياً أمام مقاضاة دولة الاحتلال، على كل جرائمها بحق الإنسان والأرض والبيئة في فلسطين.
وأضاف إن انضمام فلسطين إلى 20 منظمة دولية أمر غاية في الأهمية، كاتفاقية بازل بشأن التحكم بنقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود، واتفاقية قانون البحار، واتفاقية التنوع الحيوي، واتفاقية بشأن سلامة موظفي الامم المتحدة والافراد المرتبطين بها، والاتفاقية المتعلقة بقانون استخدام المجاري المائية الدولية في الاغراض غير الملاحية .فإن هذا يفرض نفسه لفهم مغزى هذا الانضمام، والمكاسب التي سنجنيها منه، والمحاذير التي قد تنطوي على هذا التحرك، وآليات توثيق جرائم الاحتلال بحق البيئة.
وتابع عوض: إن المعاهدات البيئية تشكل نقطة ارتكاز في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي في العالم، إن انضمام فلسطين يترتب التزامات وطنية داخلية، وأخرى دولية خارجية، تتمثل الأولى بضرورة مواءمة التشريعات والإجراءات الداخلية مع القانون الدولي، وهو التزام فوري ومباشر للانضمام ويشمل جميع سلطات الدولة، الأمر الذي يتطلب معرفة صناع القرار بمحتوى الاتفاقيات وطبيعة الالتزامات الناشئة عنها، بالإضافة إلى استحداث أدوات قانونية وإدارية فعّالة، وتحديث للسياسات والاستراتجيات المتعلقة بالقضايا البيئية، واشتقاق أدوات لتنفيذها.
وقالت رئيس سلطة جودة البيئة في فلسطين م. عدالة الاتيرة إن "جودة البيئة" تعتبر الملف البيئي اشتباكاً مع الاحتلال في العالم، يترتب عليه تشكيل لجان فنية وقانونية لإشراك المؤسسات المختلفة في إعداد المطلوب منها، لأن جرائم البيئة هي جرائم حرب ترتكبها دولة الاحتلال، باعتبار البيئة هي الهوية الوطنية للإنسان الفلسطيني، تندرج ضمنها الحقوق الوطنية والثقافية والطبيعية والاجتماعية والاقتصادية.
واستعرضت جهود سلطة جودة البيئة على مدار سنوات، ومنها مشاركة فلسطين في اعداد العديد من الدراسات العلمية والفنية بهدف حماية البيئة من خلال الاتفاقيات التي لم نوقع عليه إلى الآن.
وقال نافذ الرفاعي مسؤول المنظمات الأهلية في وزارة الشؤون الخارجية إن الاحتلال الذي يسعى من خلال مشاريعه الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس تحديدًا إلى فرض أمر واقع ينسف أي تواصل جغرافي وإمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة، ويرتكب انتهاكات يومية بحق البيئة الفلسطينية، الأمر الذي يتطلب توثيقاً لها، والتناغم بين المجتمع المدني والسلطة ممثلة باللجنة التي شكلها الرئيس محمود عباس من 35 عضواً لمواكبة إجراءات التوجه إلى المحاكم الدولية.
وأضاف إن اللجنة السياسية بحاجة إلى جهود أصحاب الخبرة، من أجل الإعداد الجيد لملف التوجه إلى "الجنايات الدولية". وبين أن فلسطين حملت الرقم 123 من محكمة الجنايات الدولية بين دول العالم، والرقم 19 بين دول آسيا وحوض الباسفسك التي توقع على "ميثاق روما".
وشرح فادي قرعان، مدير الحملات القانونية في (آفازAVAAZ) ، وهي الحركة العالمية على الانترنت التي تهدف لتمكين سياسات الشعوب من صناعة القرارات حول العالم، آليات عمل المحاكمة الدولية والاشتراطات الواجبة على جهات الاختصاص، وأهمها معرفة الإعداد الجيد للدعاوى، وطرق إثبات جرائم الاحتلال؛ لأن الصور والتسجيلات وحدها لا تكفي إثبات تورط الاحتلال؛ فهو أخفى في الماضي الكثير من آثار جرائمه وبخاصة خلال عدوانه الأخير على غزة.
وأضاف إن التركيز على الاستيطان وعدوان الاحتلال على غزة، يجب أن يكون منسجمًا مع ملاحقة الاحتلال على جرائمه ضد الإنسانية، وضرورة تأسيسها وفق أسس قانونية متينة، مستندة على مفهوم التمييز العنصري.
وذكر قرعان إن محكمة العدل الدولية في لاهاي تنظر اليوم في تسع قضايا أممية بطاقم من 60 شخصًا، ويتأثر نظام عملها بالتدخلات السياسية والمصالح للقوى الكبرى.
وتطرق إلى مصانع الاحتلال في طولكرم" جيشوري" وما تسببه من أضرار صحية وبيئية، داعياً إلى ممارسة ضغط إعلامي واقتصادي وحقوقي على إسرائيل، عبر إقناع الأوروبيين بالتوقف عن استهلاك منتوجات هذه المصانع، كونهم يمثلون 95% من سوقها.
واستعرضت عنان أبو شنب الباحثة القانونية في مؤسسة الحق آليات تطبيق العدالة البيئية في المحاكم الدولية، مشيرة إلى أن المادة السابعة من ميثاق روما يعتبر الجرائم البيئية جرائم ضد الإنسانية. ودعت إلى ربط الجرائم ضد البيئة بالاحتلال، واستغلال محاكم الاحتلال نفسها في مقاضاة إسرائيل على جرائم "جيشوري"، وتوثيق ذلك ليكون أرضية لمقاضاة دولية.
بدوره، دعا د. باسل منصور، أستاذ القانون الدولي في جامعة النجاح إلى دعم المواطن الفلسطيني في رفع الدعاوى ضد الاحتلال في المحاكم الدولية، وعدم تركه وحيدًا وخاصة بعد فرض الاحتلال رسومًا مالية كبيرة للتقاضي، سيعجز بمفرده عن سدادها، ما يعني عدم وصول الكثير من القضايا إلى المحاكم.
وبين أن محاكمة الاحتلال على جرائمه يحتاج إثباتات قانونية لتدعيمها وثوثيقها بشكل علمي، وبخاصة بعد أن فتح الانضمام للمحافل الدولية القضائية الباب على مصراعيه.
وذكر منصور أن الإعداد الجيد للدعاوى القضائية، والارتكاز على وثائق وأدلة، يعني النجاح في ملاحقة الاحتلال قضائياً في كل المحافل، وعلى رأسها "الجنايات الدولية".