بعد وفاة زوجها، أصبحت السيدة صيصة أبو داووه المعيل الوحيد لعائلتها، ولم تجد طريقة تسهل عليها العثور على عمل وتبعد عنها الثرثرة في مجتمع لا يسمح بعمل السيدات بأعمال الرجال بسبب العادات والتقاليد، غير التنكر بزي الرجال الذي احتفظت به لأكثر من 43 عاماً.
فقدت صيصة زوجها عندما كانت في سن الـ 21، وكانت حينها حاملا بابنتها الوحيدة ولم يترك زوجها أي مبلغ يسد حاجياتها الأساسية، فاضطرت للخروج للعمل. ولم تجد صيصة حيلة للحصول على عمل في مجتمعها الذي لا يسمح بعمل المرأة غير التنكر بجلابية رجالية فضفاضة وعمامة بيضاء وحذاء رجالي أسود.
قضت صيصة عدة سنوات كعامل بناء وانتقلت بعدها لتلميع الأحذية كونها تتطلب جهدا أقل، وتمكنت من تربية ابنتها وتدريسها وتزويجها لرجل أقعده المرض بعد سنوات من زواجه وأصبح غير قادر على العمل، فاضطرت السيدة صيصة مواصلة عملها لإعالة ابنتها وأحفادها أيضا.
في مقابلة لها مع وسائل الإعلام المحلية، قالت صيصة أنها تفضل الأعمال الشاقة مثل حمل الطوب وأكياس الاسمنت وتلميع الأحذية، على التسول في الشوارع من أجل كسب لقمة العيش لها ولابنتها وأحفادها".
وأضافت: "قررت أن أكون رجلا لحماية نفسي من الرجال ومن نظراتهم القاسية لي وأنا أعمل بسبب تأثرهم بالتقاليد السائدة، تنكرت بلباسهم وأصبحت أشتغل مع الرجال في قرية أخرى حيث لا يعرفني أحد."
وعلى الرغم من انكشاف سرها بسبب وسائل الإعلام، تواصل الحاجة صيصة عملها في تلميع الأحذية لكسب لقمة عيش كريمة.
وتقول ابنتها هدى: "تعمل أمي بجد وكد لإعالتنا، إذ تستيقظ كل يوم في الساعة 6 صباحاً لبدء تلميع الأحذية في محطة بمدينة الأقصر، وأساعدها في حمل أدوات العمل إلى المحطة كونها كبيرة في السن".
بعد انتشار خبرها في وسائل الإعلام، حصلت السيدة صيصة على إشادة كبيرة لصبرها وكفاحها لمدة أربع عقود من الزمن، وتكريماً لتضحياتها الجبارة، استحقت الأم جائزة "المرأة المعيلة" بمحافظة الأقصر في حفل حضره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كرم من خلاله عددا من الأمهات المثاليات عبر منحهن "وسام الكمال من الطبقة الثانية" بمناسبة عيد الأم.