يا يمن نعتذر منك فلم يبقى في مقلتينا فيض دموع ..و لم تعد مشاعرنا تطاوعنا فقد تلبدت المشاعر و شاخ القلب و نزفت لهفتنا و تبعثر اهتمامنا ...لقد ذرفنا الدموع في سوريا حتى نبضت هذه الدموع ..واستهلكنا المشاعر في ليبيا حتى اصبحنا بلا احساس ..وتراقص القلب خوفا و وجلا على العراق ..و بالغنا في اهتمامنا بمصر حتى اصبحت همنا ...و اوقدنا الشموع على الضحايا في تونس و لبنان وسوريا و ليبيا و العراق و مصر ....ولم يبقى شموع نضيئها حتى لفلسطين ..ومررنا بمخيم اليرموك تلك القطعة من جسدنا الفلسطيني على ارض سورية و تركناه يذبح و يصلب و يموت بطيئا ...و جاء دورك يا يمن فماذا تبقى لك ؟؟!! حقيقة نحن آسفون ..آسفون فلن نبكيك و لن نشعر بمأساتك الماضية عبر الزمن ..و لن نهتم لدمارك و ضحاياك اليومية فقد ضحينا بكل شيء بشر و حجر و تراث ..فلم يتبقى شيء ..فلماذا تكوني الاستثناء ؟؟!! عليك ان تسيري على نفس الدرب المرسوم فلماذا تطالبينا بالبكاء و التعاطف ؟؟!!
ايا يمن اتذكرين كيف كانت العراق و كيف اصبحت؟ اوتذكرين كيف كانت سوريا و كيف اصبحنا نشيح وجوهنا عن وجهها المشوه لقسوة المنظر...و لا اظن انك نسيت ليبيا التي اصبحت بلا ملامح .. اجل بلا ملامح و من منا بملامح الم تشوه ملامح فلسطين قبل ذلك ؟؟ الم تنزف ؟؟ الم تغتصب ؟؟ و لكن كان كل ذلك بيد العدو ..وكان الشقيق اما متخاذلا او صامتا او متواطئا ...ام ما يحصل الآن بين العرب فالشقيق هو المدمر و المغير للمعالم !! و العدو الرئيسي اخذ دور ليس الصامت و لا المتواطيء ..بل المشارك !!
و تنتظرينا بعد ذلك يا يمن ؟؟!! يا يمن بلاد العرب اوطاني و لكن لا اجد فيها حاني و لا اجد فيها عقلاني و هذا ما يدمر عقلي و قلبي و وجداني ...اصبح الجنون عنوان المرحلة ..بربك يا يمن من اين جاؤوا بكل هذا الحقد و اللؤم و الدموية ؟ بل من اين جاؤوا ليمزقوا و يشعلوا نار فتنة عمرها اكثر من الف و اربعمائة عام؟! يا يمن كل من ذكرتهم لك يمزقون من الداخل اما انت فتمزقين من الداخل و جاء الشقيق الغني لا ليخفف من فقرك بل ليصطنع نزالا بين الاقوى و الاضعف في عربنا المحطم ..و لا زلت تتألمين و تأملين منا ان نتأثر و تأخذنا الحمية العربية ؟؟ يا يمن نحن الفلسطينيون نتألم و نعض على الجراح و نصمد ونقاوم منذ قرابة المائة عام و نستصرخ الضمائر العربية و الاسلامية و ندق نواقيس الخطر ..الخطر الداهم الذي يضعنا في رأس الحربة و لكن الهدف نحن و انتم جميعا ..الهدف كل المقدرات و التراث و التاريخ و النسيج المجتمعي ..و الهدف المرور على اجسادنا حتى يصلوكم جميعا ...او تنتظرين بعد انتظارنا يا يمن؟!
يا يمن دعك من كل ما ذكرت فقد كنت اعاني من هذيان و الم و اهوال المشهد من المحيط الى الخليج ..شعرت انني ارتشف الخمر المحرم حتى الثمالة لاجد الطعم مختلفا ..طعم ممزوج بالدم الاحمر فهو لا يجعلني ثملا بل يصيبني بالغثيان و الذهول و القرف ..انشرب دماء بعض ؟ انلوك لحوم بعض؟ انهتك اعراض بعض ؟ و باسم ماذا ؟؟باسم الدين؟! و الدين براء براء براء مما يفعلون !! يا يمن لا لاتحزني و الله ان نشفت الدموع فلدينا عصير دمائنا في المقل ..و ان جفت الضمائر و الاحاسيس فلهول الصدمة وتبقى فيها روح انتمائنا و ايماننا ..لا تصدقيني يا يمن فيما فضفضت به من بعثرة الكلام فاليمن كما سوريا كما ليبيا كما العراق كما مصر كما كل من يستنزف هم في اعماق وجداننا و احشاء قلوبنا و في عقولنا ..كما هو حال فلسطيننا ...و قد ضاعت البوصلة عند الكثير الكثير منا و لكن يبقى الخير و الامل فينا و سيمروا و يرحلوا بفكرهم الدموي و سنعبر المرحلة القاسية جدا ...و اما الزبد فيذهب جفاء و اما ماينفع الناس فيبقى في الارض ...و ما يبقى في الوادي غير حجارة ...
سامر عنبتاوي 12-4-2015