أقر المجلس الوطني الفلسطيني، باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1974، خلال دورته العادية يوم السابع عشر من نيسان/ابريل، يوماً وطنياً للوفاء للأسرى وتضحياتهم، باعتباره يوماً لشحذ الهمم وتوحيد الجهود، لنصرتهم ومساندتهم ودعم حقهم بالحرية، يوماً لتكريمهم و للوقوف بجانبهم وبجانب ذويهم، يوماُ للوفاء لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة.
ومنذ ذلك التاريخ كان ولا يزال "يوم الأسير الفلسطيني" يوماً ساطعاً يحيه الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات ويشاركه في احيائه أحرار العالم في العديد من العواصم العربية والأوروبية، بوسائل وأشكال متعددة.
ومع حلول الذكرى السنوية لمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، لا تنفك سلطات الاحتلال الإسرائيلية ومؤسساتها وأجهزتها المختلفة، التي لا تمت للإنسانية بصلة، بمواصلة مسلسل اعتقال الفلسطينيين في كل مكان وزمان، ولتطال كافة شرائح وفئات المجتمع الفلسطيني، لتتجاوز عدد الاعتقالات منذ العام 1967 وحتى ابريل/نيسان عام 2015، نحو (850 ألف) مواطن ومواطنة، بينهم (15 ألف) فلسطينية وعشرات الآلآف من الأطفال.
ووفقا لتوثيق هيئة شؤون الأسرى فانه ومنذ بدء انتفاضة الأقصى في 28سبتمبر/أيلول 2000، ولغاية اليوم، سُجلت أكثر من (85) ألف حالة اعتقال، بينهم أكثر من (10.000) طفل تقل أعمارهم عن الثامنة عشر، ونحو (1200) امرأة فلسطينية، وأكثر من (65) نائباً ووزيرا سابقا، وأصدرت سلطات الاحتلال قرابة (24) ألف قرار اعتقال إداري، ما بين اعتقال جديد وتجديد اعتقال سابق.
وان تلك الاعتقالات لم تقتصر على شريحة معينة أو فئة محددة، بل طالت كل فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني دون تمييز، حيث شملت الأطفال والشبان والشيوخ، الفتيات والأمهات والزوجات، مرضى ومعاقين وعمال وأكاديميين، نواب في المجلس التشريعي ووزراء سابقين، وقيادات سياسية ونقابية ومهنية وطلبة جامعات ومدارس وادباء وكتاب وفنانين...
ان حالات الاعتقال وما يرافقها ويتبعها تتم بشكل مخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني من حيث أشكال وظروف الاعتقال، ومكان الاحتجاز، والتعذيب بأشكاله الجسدية والنفسية. إذ تفيد الوقائع وشهادات المعتقلين بأن (100%) من الذين مرّوا بتجربة الاحتجاز أو الاعتقال تعرضوا لأحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي والإهانة أمام الجمهور أو أفراد العائلة، فيما الغالبية منهم تعرضوا لأكثر من شكل من أشكال التعذيب.
كما ولاحظت هيئة شؤون الأسرى وخلال متابعتها تصاعد استهداف الأطفال الفلسطينيين خلال الأربع سنوات الماضية، اذ سجل خلالها اعتقال (3755) طفلا، منهم (1266) طفلا خلال العام المنصرم 2014، فيما لم تتوقف سلطات الاحتلال عن استهدافها المتصاعد للأطفال ، وسُجل خلال الربع الأول من العام الجاري اعتقال أكثر من مئتي طفل، دون مراعاة لصغر سنهم وضعف بنيتهم الجسمانية، ودون أن تلبي احتياجاتهم الأساسية، بل عُوملوا بقسوة، وتعرضوا للتعذيب، وحرموا من أبسط حقوقهم الأساسية والإنسانية، وفرضت عليهم أحكاما مختلفة بالسجن الفعلي والغرامة والحبس المنزلي.الأمر الذي يشكل خطرا حقيقيا على واقع الطفولة الفلسطينية ومستقبلها.
الأسرى في أرقام
-(6500) أسير فلسطيني، لا زالوا قابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي
ومن بين هؤلاء:
ü (480) أسيراً صدر بحقهم أحكاماً بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو لمرات عديدة .
ü )24) أسيرة، بينهن قاصرتان.
ü (200) طفل قاصر دون سن الثامنة عشر.
ü (480) معتقل إداري.
ü (14) نائباً، بالإضافة الى وزيرين سابقين.
ü (1500) أسير يعانون أمراضا مختلفة، بينهم قرابة "80" اسيرا في حالة صحية خطيرة جدا.
ü (30) اسيرا معتقلين منذ ما قبل أوسلو ومضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاما في السجون الإسرائيلية.
ü (16) أسيرا من القدامى مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن، وفي مقدمتهم الأسيرين كريم وماهر يونس مضى على اعتقالهما 33 سنة بشكل متواصل.
ü (85) أسيرا أعيد اعتقالهم من محرري صفقة "شاليط"، ولا يزال منهم (65) أسيرا رهن الاعتقال، وأن غالبيتهم كانوا قد أمضى عشرين عاما وما يزيد قبل تحررهم في صفقة التبادل.
ويتوزع الأسرى الفلسطينيين، على قرابة ( 22) سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، أبرزها نفحة، ريمون، عسقلان، بئر السبع، هداريم، جلبوع، شطة، المسكوبية، الرملة، الدامون، هشارون، هداريم، ومعتقلات النقب وعوفر ومجدو.
الأسيرات
تتعرض الأسيرات الفلسطينيات خلال عملية الاعتقال لما يتعرض له الأسرى الذكور من ضرب واهانة، والشتم والتحقير، وخلال عمليات النقل لا يتم اعلامهن الى اي جهة سيتم نقلهن وخلال التحقيق يتعرضن لصنوف مختلفة من التعذيب والترهيب والتهديد والمعاملة القاسية والضرب والتعنيف و المساس بكرامتهن .
تستمر المعاناة من خلال عقوبات العزل الانفرادي أو الحرمان من الزيارة والكانتينا والخروج للفورة، عدا عن اجراءات التفتيش الاستفزازي والحرمان من العلاج اللازم أو التعليم الجامعي والتقدم لامتحانات التوجيهي . كما ويوجد في سجون الاحتلال (7) اسيرات لهن أزواج وأشقاء في سجون أخرى، دون أن يسمح لهن بالالتقاء بهم أو التزاور أو حتى التواصل معهم.
الأسرى المرضى
أكثر من (1500) أسير في السجون الإسرائيلية يعانون من أمراض مختلفة، جراء الظروف الحياتية والمعيشية ورداءة الطعام وتلوث البيئة المحيطة والمعاملة القاسية وسوء الرعاية الصحية والإهمال الطبي، من بينهم 16 أسير يقيمون بشكل شبه دائم في ما يسمى مشفى سجن الرملة بأوضاع صحية غاية في السوء ويعانون من أمراض خطيرة منهم مصاب بالشلل ومقعد ويحتاجون الى رعاية صحية خاصة ومنهم من يحتاج لعمليات جراحية عاجلة في الوقت الذي يمنع اطباء من الخارج بزيارة المرضى ومعاينتهم أو تقديم العلاج لهم، كما يوجد بالسجون الاسرائيلية اكثر من (80 ) حالة مرضية مزمنة وخطيرة للغاية، عدا عن وجود (24) حالة مصابة بالسرطان وعشرات المعاقين ( اعاقات جسدية ونفسية وحسية).
يصاب الأسرى بالعديد من الأمراض النفسية والجسدية بسبب سوء ظروف الاحتجاز والأوضاع المعيشية الصعبة وانتشار الحشرات وسوء التغذية وانعدام النظافة وسوء التهوية والرطوبة والإنارة الضعيفة والإكتظاظ داخل الغرف إضافة الى اعتقال بعضهم بعد تعرضهم للإصابة بالرصاص من قبل قوات الإحتلال وتعرضهم للتعذيب والضرب مكان الإصابة وأثناء التحقيق لإجبارهم على الإعتراف وتنتشر الامراض الجلدية والإلتهابات الصدرية وأمراض القرحة والأورام السرطانية والفشل الكلوي والديسك والجلطه والروماتيزم وآلام العمود الفقري والضغط والسكري وضعف البصر وآلام الأسنان عدا عن الأمراض النفسية ويتعرض الأسرى المرضى للعديد من الإنتهاكات والضغوطات وتصبح أجسادهم حقل تجارب للأطباء الصهاينة ولشركات الأدوية الإسرائيلية.
المعتقلون الإداريون
الاعتقال الإداري هو العدو المجهول الذي يواجه الفلسطينيين، وهو عقوبة بلا تهمة، يحتجز المعتقل بموجبه دون محاكمة، ودون إعطاءه أو منح محاميه أي مجالاً للدفاع بسبب عدم وجود أدلة إدانة واستناد قرارات الاعتقال الإداري إلى ما يسمى "الملف السري" الذي تقدمه أجهزة المخابرات الاحتلالية الإسرائيلية.
وتتراوح أحكام الاعتقال الإداري ما بين شهر حتى 6 شهور يصدرها القادة العسكريون في المناطق الفلسطينية المحتلة بشكل تعسفي مستندين إلى العديد من الأوامر العسكرية المتعلقة بالخصوص، وفي مرات كثيرة يتم تجديدها لمرات عدة تصل أحيانا لأكثر من عشرة مرات وليمضي المعتقل الإداري أكثر من خمس سنوات دون تهمة أو محاكمة وبذريعة الملف السري. وشمل الاعتقال الإداري جميع فئات المجتمع الفلسطيني وعلى مختلف الأجناس والأعمار، امرأة ورجل، صغير وكبير، كما ان العديد من المعتقلين الإداريين هم من أصحاب الرأي والكفاءات العلمية والأطباء والمهندسين والأساتذة والصحفيين، وكذلك نواب المجلس التشريعي.
أوضاع مأساوية
إن الأوضاع الحياتية والمعيشية داخل سجون الإحتلال غاية في القسوة والصعوبة، خاصة واننا نتحدث عن قائمة طويلة من الانتهاكات كالتعذيب وسوء الأوضاع الصحية والإهمال الطبي والعزل الإنفرادي والحرمان من الزيارات وابتزاز الأطفال وسوء الطعام واقتحام الغرف والتفتيش الليلي وفرض الغرامات المالية وعمليات التنكيل المستمرة.. الخ
وحسب ما هو موثق لدى هيئة شؤون الأسرى والمحررين فإن (206) أسيراً قد استشهدوا داخل سجون الاحتلال بعد الاعتقال منذ العام 1967. ومن هؤلاء الشهداء (71 معتقلاً) استشهدوا نتيجة التعذيب، و(54 معتقلاً) نتيجة الإهمال الطبي، و(74 معتقلاً) نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة بعد الاعتقال، و(7) أسرى استشهدوا نتيجة إطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس وهم داخل السجون. هذا بالإضافة الى عشرات آخرين استشهدوا بعد خروجهم بفترات وجيزة نتيجة امراض ورثوها من السجون أمثال هايل أبو زيد، مراد أبو ساكوت، فايز زيدات، اشرف أبو ذريع وزكريا عيسى وسيطان الولي وزهير لبادة وحسن الترابي وغيرهم. إذ تعمد سلطات الاحتلال على اطلاق سراحهم بعد تدهور حالتهم الصحية لدرجة ميؤوس منها، ليتوفوا خارج السجون في محاولة منها للتنصل من مسؤولياتها. كما حصل مؤخرا مع الشهيد الأسير المحرر "جعفر عوض" من بلدة بيت أمر في الخليل.
وتهيب هيئة شؤون الأسرى والمحررين بكافة أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وبأبناء الأمتين العربية والاسلامية وكافة أحرار العالم، للمساهمة الفاعلة والمؤثرة في نصرة الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والمشاركة في إحياء يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف في 17 من نيسان/ابريل من كل عام، وفاء لتضحياتهم ونضالاتهم ودعما وإسنادً لقضيتهم العادلة وحقهم بالحرية، وللضغط على المجتمع الدولي بكافة مؤسساته الحقوقية والإنسانية ومطالبته بتحمل مسؤولياته والتحرك الفوري لتوفير الحماية القانونية والإنسانية للأسرى الفلسطينيين باعتبارهم مناضلين من أجل الحرية، وإلزام حكومة الاحتلال باحترام القانون الدولي في تعاملها معهم، كخطوة على طريق اطلاق سراحهم جميعا كشرط اساسي لاستقرار الأمن والسلام في المنطقة. فلا حياة مع الاحتلال ولا أمن واستقرار في ظل الاحتلال ، ولا سلام في ظل استمرار السجون وبقاء الآلاف خلف جدرانها.
الحرية لاسرى الحرية
هيئة شؤون الأسرى والمحررين
يوم الأسير 2015