تطل علينا هذه الأيام ذكرى يوم الأسير الفلسطيني في السابع عشر من نيسان الخالد في ذاكرة الشعب العربي الفلسطيني ,هذا الشعب الذي وقعت بحقه أكبر مظلومية في التاريخ البشري لما يكابده تحت طائلة الاعتقالات الجماعية الواسعة,حيث زجت سلطات الاحتلال الصهيوني قرابة المليون فلسطيني في أتون سجونها وزنازينها المظلمة خلف القضبان والأقبية حالكة السواد من أصل ثلاثة ملايين لا زالوا متشبثين بأرضهم رغم القتل والقمع والحصار والتجويع.
لقد فاقت ممارسات الاحتلال القمعية وإجراءاته التعسفية بحق شعبنا الأعزل حدود التصور البشري وقدرة منظمات الإنسان الحقوقية العالمية على معالجة المعضلة الفلسطينية أمام الحقائق المذهلة والتجاوزات المرعبة للقانون الدولي وتحديدا تلك المتعلقة بحقوق الإنسان الفلسطيني وخصوصا ونحن نتحدث عن أرقام ومعطيات خيالية تفيد باعتقال مئات الألوف من الأطفال والرجال والنساء والشيوخ من أبناء شعبنا ,وحجم النتائج المدمرة والكارثية وفي كافة المجالات والشؤون الحياتية والمعيشية المترتبة على أعمال الأسر والاعتقال وعلى هذا النحو البشع.
تأتي هذه الذكرى بعد مضي سبعٌ وستون عاماً على احتلال فلسطين ونكبتها وفي الوقت الذي لا زال فيه المجتمع الدولي يقف عاجزاً عن كبح جماح العدوان الصهيوني ومختلف ممارساته وإجراءاته القمعية الشوفينية بحق شعبنا العربي الذي يرزح تحت نير الاحتلال البغيض, ولا زالت معاناته وعذاباته إلى يومنا هذا وتتكرر في كل يوم ,ويزداد معها العدو صلفاً وغلواً في جريمته ودون وازع من ضمير أو رادع أممي حقيقي ,وبغطاء كامل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعي زوراً وبهتاناً رعايتها السلم والأمن الدوليين ,وتتشدق ليل نهار بإكذوبة الديمقراطية وحقوق الإنسان بالرغم من فضائح جنودها المحتلين في العراق وأبو غريب الشاهد الحي على الصورة والأخلاق الأمريكية الداعمة والمساندة أبدا للاحتلال الصهيوني وجرائمه والرديفة تماماً لأخلاق الكولونيالية الصهيونية.
وتأتي هذه الذكرى أيضاً في الوقت الذي لا زال فيه أكثر من سبعة آلاف أسير فلسطيني يقبعون خلف القضبان الحديدية في باستيلات النازية الجديدة منهم المئات ممن يخضعون للأحكام المؤبدة (480) وأكثر من مائتي طفل (200) والعشرات من النساء (27) ممن يتعرضون لأبشع ألوان التعذيب والمعاناة والقهر والعزل والحرمان,إضافة لأكثر من ألف وسبعُ مائة (1700)حالة مرضية داخل السجون (87) منهم في حالة الخطر الشديد ويتعرضون للإهمال الطبي المتعمد,ولا ننسى في هذا السياق الأسرى الذين تعرضوا للتصفية الجسدية بعد اعتقالهم وقد بلغ عددهم حتى اللحظة قرابة المائتين وستون شهيداً (260).
وإزاء هذه المعطيات والحقائق المفزعة والأرقام المذهلة لأعداد الأسرى وأوضاعهم المأساوية وما يتعرضون له في الأسر وبعد الإفراج من تدمير على الصعيد الشخصي والذاتي وبالتالي الكل الوطني وخصوصاً ونحن نتحدث عن قرابة المليون ممن تعرضوا للأسر بواقع ثلث الشعب الفلسطيني ,وعليه فإننا مطالبون كجهات رسمية وشعبية في آن واحد بذل كل الجهود الممكنة وبشتى الوسائل والطرق الكفيلة بإيجاد حلول عملية لمعضلة الأسرى داخل السجون وخارجها من منطلقات وطنية ودون تمييز على الاعتبارات السياسية والأيدلوجية وضرورة وضع حد نهائي لمعاناة شعبنا وأسراه داخل سجون الاحتلال ,والعمل ليل نهار وبشكل متواصل مع منظمات المجتمع الدولي المعنية بحقوق الإنسان وحماية الأسرى زمن الحروب, بهدف إغلاق ملف الأسر الجماعي والفردي الذي تعرض له شعبنا منذ النكبة وحتى اليوم, مع التأكيد على ضرورة رفع ملف الأسرى والجرائم المرتكبة بحقهم أمام الجنائية الدولية كجزء لا يتجزأ من مجموع الجرائم التي اقترفتها قوات الاحتلال بحق الشعب العربي الفلسطيني .
بقلم : ثائر حنني
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
نيسان -2015