ليس للنضال سقف ولا جدران،ومازال للنضال ضرورة لحماية المواطن والوطن،و قبل أن يتحول المشروع النضالي إلى فكرة معلّقة في متحف يزورها القادمون من كهوف المهجر،وفي مبادرة هي الأولى من نوعها قام شباب القدس باطلاق مبادرة أطول سلسلة قارئة تزنّر أسوار القدس التاريخيّة مبادرة شبابيّة مستقلّة.
وفي ظل مشروع الاستيطان وقمع المواطن العربيّ الفلسطينيّ وأخص المقدسيّ،وارتفاع ظاهرة الإرهاب الخريديم في القدس ومنع الفلسطينيين من الصلاة في رحاب المسجد الأقصى،جاءت أطول سلسلة قارئة في 16\3\2014 و هي الرّد العفويّ والممنهج على خواء المؤسسات السلطويّة والتحزّبيّة من حياة سياسية طبيعية ومن خطّة مقاومة ممنهجة، فانشغال النُخب الوطنيّة في الانقسام وشؤون المفاوضات أنساهم الثّوابت الوطنيّة العربيّة الفلسطينيّة،مما دفع الشباب لتأجيج الاهتمام بقضايا الثّقافة العامة الداخليّة والنّضاليّة الفلسطينيّة. فقد كانت فلسطين وعاصمتها الأبيّة القدس مبعث فخر العرب وأهم قضاياهم، والشعارات الّتي كانت ترفع ما فوق القوى الحركيّة، كانت كلها تصبّ في مصطلح النضال القوميّ العربيّ من أجل تحرير فلسطين وعاصمتها القدس،أما اليوم فكل المشكلات تحضر وتغيّبُ القدس.
وعبر منظور جماعي كليّ ومن منطلق انتزاع الحرّيات وممارستها عملت مبادرة شباب القدس على انجاح فكرة أطول سلسلة قارئ في التّاريخ،وهي فكرة غير مسبوقة حصدت نجاحًا عظيمًا ،بدءًا بعدد الذين شاركوا والذي تجاوز السبعة آلاف قارئ وقارئة وانتهاء بالتزام كافة المشاركين بانتماءاتهم الحزبيّة والدينية.
و هي أسلوب من أساليب التّعبير الأخلاقيّ وحق النضال الأشمل،فكرة فرضت احترامها علينا واحترام الأفراد القائمين عليها ولكل فرد شارك فيها.
مبادرة كانت نابعة من وجدان أعضائها وفئاتها ،جيل اعتنق مبدأ الوحدة ،فكرة عجز عن تنفيذها"كبار السياسيين"،وكان الالتزام بالنظام وعدم إثارة أيّة نزاعات هو نتيجة خيار قررت المبادرة نجاح أطول سلسلة قارئة ولم يكن خضوعاً لأية ضغوطات أو مغريات ما. فالمناضل الحقيقيّ هو الملتزم بما تمليه عليه عقيدة النّضال.
وكما هو معروف إن من أهم أسرار نجاح أي عمل وضع ركائز نظامية تحفظ العمل من الإساءة إليه وتضمن له النجاح على الأقل بنسبة 70%
ووسط تحديات الجدار العنصري والاحتلال أظهر أبناء فلسطين من كافة الانتماءات تمسّكهم بأرضهم وبقدسهم عاصمة لدولة فلسطين.
تناسلوا منحدرين من أدراج باب العامود وفي تمام الساعة الثانية ظهرًا تجمهروا عند باب العامود حاملين كتبهم مرافقين أطفالهم ثم تسلسلوا حتّى نسجوا زنّار القدس الأبهى والأحلى والأغلى فطوّقوا خصرها بالقرّاء.
هذه الحيلة الّتي لجأ إليها شباب المبادرة ليرفعوا عن أنفسهم المشكلات القضائية الّتي يمكن أن تلاحقهم فيما بعد وتعرّض المشاركين للمساءلة وربما السجن لدى سلطات الإحتلال"الإسرائيلية" والّتي سبق واستدعت القائمين على الفكرة للتحقيق معهم يومين قبل موعد انطلاقها،وتحسبًا من أية ملاحقة من قبل عناصر" السلطة الوطنيّة الفلسطينية"
هي مبادرة كشفت الواقع السياسيّ وتعريته.