خالد معالي
لم ينجح الاحتلال في زرع ثقافة الهزيمة والاستسلام إلا بشكل جزئي؛ برغم مرور 67 عاما على النكبة؛ لان الشعوب الحية لا تموت، والحرائر الفلسطينيات لا يتوقفن عن إنجاب الإبطال صناع التحرير، فالحق ينتزع ولا يضيع ما دام ورائه مطالب، وهو ما حصل في جنوب لبنان وفي غزة من طرد للمحتل.
النكبة الفلسطينية في ذكراها أل 67؛ تشكل وجع لأكثر من 12 مليون فلسطيني؛ حيث الاحتلال يستنزف شعب بأكمله في أرواحه وأملاكه ومصادره الطبيعية وطاقاته؛ بشكل متراكم ومتواصل دون توقف.
بعد 67 عاما من مؤامرة الغرب على العرب والفلسطينيين؛ وفرض وجود دولة الاحتلال بقوة السلاح؛ فاز “نتنياهو” بعجرفته المعروفة تحت شعار تهويد القدس والضفة الغربية؛ واستعار الاستيطان على مسمع من المجتمع الدولي المنافق؛ والذي لا يحترم سوى القوي ولا يعترف بالحقوق والمظلومين؛ إلا من باب التعاطف وذرف الدموع.
يعلن "نتنياهو" وتحت مبدأ القوة الغاشمة وبالفم المليان أنكم أيها الفلسطينيون ستبقوا تجترون مآسيكم ما دامت يدنا هي العليا، ولن ينفعكم البكاء ولا العويل ولا الذكريات الأليمة، وسأواصل تهويد القدس وطرد سكانها، وتهويد الضفة الغربية وبناء المزيد من المستوطنات، وسأجدد نكبتكم وأجعلها نكبات متتالية، ما دمتم ضعفاء؛ وأكثر ما يسعدني انقسامكم، ويطربني سماع كل ما يضعف بيتكم الداخلي من خطب وغيرها.
ما حققه قادة الاحتلال من انجازات وانتصارات؛ ما هي إلا سحابة صيف سرعان ما تزول بفعل مغايرة وجود دولته لمنطق الأشياء وطبائع الأمور والسنن الكونية؛ وأكبر دليل سرعة التحولات في العالم العربي؛ وقدرة فصيل فلسطيني على تهديد عاصمة الكيان بكل أريحية وسرعة؛ دون الالتفات لتهديدات الاحتلال.
لن تفلح محاولات الاحتلال تزييف التاريخ؛ حيث تندرج محاولته بتغيير أسماء القرى والبلدات والمدن الفلسطينية في أل 48، وزرعها للمستوطنات في الضفة، وتغيير أسماء الأماكن المقدسة في القدس المحتلة، ضمن عملية تزوير ممنهجة للتاريخ.
خُطط لفلسطين أن تبقى في عَالم النسيان ضائعة ممحوة عن خريطة العالم الأرضية والسياسية؛ ولكن ما حصل أن فلسطينيين بعد 67 عاما من الاحتلال صارت لهم المقدرة على ضرب كل بقعة في دولة الاحتلال.
الحكمة ضالة المؤمن؛ ولنأخذ العبرة من عدونا كيف لا يختلف حول ثوابته رغم خلافاته وانقسامه الداخلي بين “السفرديم” و”الأشكناز”، فأمنه هو مسلمات لا يجوز المساس بها، ومصلحة كيانه العليا فوق أي مصلحة أخرى. فهل اعتبرنا نحن الفلسطينيين من عدونا في ذكرى نكبتنا….؟!
ترى هل تحقق لبريطانيا وللغرب عموما والاحتلال ما يريد؛ من تهجير وطرد شعب بأكلمة تحت شعار الكبار يموتون والصغار يسنون…؟!
صحيح أن الاحتلال قوي بقوته الظالمة؛ إلا انه ضعيف بمنطقه وبأخلاقه، ولا يملك قوة فكرية وأخلاقية؛ وهو ما يدفع ويكون سبب رئيسي وواضح لقرب نهاية دولة الاحتلال؛ وهو قول عدد من مفكري دولة الاحتلال.
ما يمكن التوصل إليه من فعاليات يوم النكبة في ذكراها؛ هو أن الشعوب الحية صاحبة الحق، لا يمكن لها أن تنسى أو تغفر لمن شتتها وأجرم بحقها، وبريطانيا أخطأت وأجرمت، وعلى من أخطأ أن يكفر عن خطأه؛ بتعويض اللاجئين.
صاغرة وذليلة؛ ستجبر بريطانيا غدا بفعل التحولات والتغييرات – الأيام دول - على تعويض دولة فلسطين الحرة الأبية على ما تسببت يداها الآثمتان واقترفته من معاناة شعب بكامله طوال سنوات الاحتلال؛ وهو أمر ليس بالعسير؛ فألمانيا تعوض اليهود بعد 67 عاما؛ “ويسألونك متى هو، قل عسى أن يكون قريبا”.