memantin iskustva memantin alzheimer memantin wikipedia"> memantin iskustva memantin alzheimer memantin wikipedia
">
بقلم سمير ابو شمس
اجتمع الأسود بالغابة، وكان ثلاثة من كبارهم قد دعوا للاجتماع؛ فقد هرموا، وأصبح من الصعب عليهم مطاردة الفرائس، فقال أكبرهم سنا: لقد سئمنا القتل والفتك، وسئمنا المطاردة والتعب، وطالما أن باقي الحيوانات دعتنا إلى هدنة يوفروا بها كل يوم طعامنا، ونكف نحن عن القتل وبث الرعب فيهم، فلما لا نستجيب لطلبهم ونعيش بسلام وأمن غذائي يكفينا ويكفي الأجيال القادمة، ونترك باقي الحيوانات تعيش وتتكاثر وتأكل وتطعمنا؟ فبدل أن نقتل أم حامل؛ أو حيوان فيه مرض؛ نحصل على فرائس أخرى ونترك الأم لتلد وتربي وتجعل لنا من ذريتها طعاما.
قال احد الأسود، وكان حديث عهد بالصيد، وتظهر على ملامحه علامات التمرد والعنجهية: وإن لاحت بقربنا فريسة، أنتركها ونمضي كما يفعل الجبناء؟ فرد احد الأسود الكبيرة ويعتقد انه والده: إذا كان الهدف أن تأكل فلتلتزم بالنظام ولن تجوع. فرد عليه: ولكن جوعي ليس فقط للطعام، فأنا أجوع للركض، وأجوع للقتال، ولصرخات الفريسة ومنظر الدم، فمن يوفر لي كل ذلك؟ وانتم قد شبعتم في حياتكم من لذة البطش وهدر الدم، واليوم تمنعوننا من ذلك بعد أن هرمتم ولم تعودوا قادرين على ملاحقة ثور أعرج.
صرخ به والده قبل أن يزمجر شيخ القعدة ويبدأ القتال بين الأسود، فقال: تأدب في حضرة الكبار، فقد طاردنا وتعبنا لنجلب لك ولأمثالك الطعام، واليوم نبحث لكم عن ديمومة الرزق وتجنب الإجهاد والمخاطر. فرد عليه أسد شاب وكان يجلس بجانب الأسد المتمرد على صخرة منزوية عن دائرة الاجتماع: لماذا لا نترك بعض الأيام في كل سنة للمطاردة والصيد والقتل، وباقي الأيام ننتظر طعامنا بهدوء كما الاتفاق؟
وقد نص التعهد الذي قطعوه باقي الحيوانات على أنفسهم تجاه الأسود أن يوفروا طعامهم كل يوم حسب برنامج يضعوه. تختار من خلاله بعض الحيوانات السمينة غير الولودة والكافية لإشباع الأسود، وتلتزم الأسود بحمايتهم من باقي الحيوانات المفترسة، وتتركهم يأكلون من الغابة ويتوالدون بسلام. وقد تمخض هذا التعهد عن اجتماع بين الحيوانات المهادنة، وكانوا قد اتفقوا بين أنفسهم أن يتناوبوا في اختيار الطرائد بشكل دوري، وأن يجعلوا عدد الطرائد يوازن أحجامها، فلكل فيلين ثلاث ثيران وخمس غزلان وحمارين وحشيين ويحدد الأعداد لجنة مكونة من كل صنف واحد.
وافقت اغلب الأسود على تعهد الحيوانات المهادنة، وقررت أن ترسل موافقتها مع احد الأسود تمهيدا لتوقيع الاتفاق، وتدخل الأسد المتمرد بخبث في المرحلة الأخيرة، وسأل: كيف نتصرف إن هرب الحيوان المختار كفريسة قبل الفتك به؟ هل نطارده؟ والى أي مدى نطارده؟ وإذا دخل ما بعد خط الهدنة، هل نتبعه وننشر الرعب في البقية؟ أم نتركه ونترك المجال للاتفاق لوضع عقوبة ما؟ فقال كبير الأسود وهو يحاول استمالة الشباب المتمرد وقطع الطريق على من يحاول إفشال الاتفاق: بل نتبعه ونفتك به، وان هرب إلى ارض الحيوانات المحمية؛ نتبعه ونقتله ونقتل من كل صنف واحد آخر عقابا له ولمن تسول له نفسه أن يتمرد علينا، فإذا وافقتم على هذا العقاب نضعه ملحق في اتفاقنا ونفرضه على الجميع.
وافقت جميع الحيوانات على شروط الأسود وأصبح اتفاقا ساريا، وصاروا يرسلون كل يوم مجموعة من الحيوانات، يضعونها تحت شجرة الكينا الكبيرة حسب الاتفاق ويودعونها ويعودون، وتأتي مجموعة من الأسود الشابة ومعهم الأسد المتمرد؛ فيقتلون الضحايا ويقسمونها على البقية، ويأكل الجميع ويكملوا باقي يومهم ركضا ولعبا.
لقد ملت الأسود الشابة من الروتين اليومي ومن غياب عناصر المفاجأة ولذة الانتصار؛ فصاروا يميلون إلى خطة الأسد المتمرد والتي دعاهم فيها مرارا أن يتركوا الفرائس تهرب ليلحقوا بها إلى أماكن تواجد الحيوانات آكلة العشب لكي يتسنى لهم اصطيادها هناك وعقاب البقية على هروبها واخذ أعدادا إضافية عن ما سن عليه الاتفاق.
وأوت بعض الحيوانات الهاربة إلى رأس الجبل وتجمعت هناك وأطلقت على نفسها مجموعة رافضو الخنوع، وأطلق عليه أهلهم الغادرون، وتزايدت أعداد رافضو الخنوع، واجتمع ذويهم لبحث ظاهرة الهروب من القتل على يد الأسود إلى الانضمام إلى مجموعة رأس الجبل، وجعلت آكلة العشب الهرمة تلوم بعضها بعضا لسوء تصرف أبنائها الغادرين، ونقضهم الاتفاق وهروبهم إلى رأس الجبل، وتنكر بعضهم لأبوة بعضها، وتبرأ قسم آخر من أبنائه المتمردين.
وطل غزال برأسه من خلف جذع الشجرة ومعه اثنين من الغزلان سريعة الركض، وصاح بالمجتمعين انه مبعوث من رافضو الخنوع ويدعوهم إلى التمرد على الاتفاق، وتحرك فيل شاب نحوه مسرعا لينقض عليه، فصاح به كبير الفيلة ليتركه يوصل رسالة المجموعة الغادرة. فقال الغزال: أتجتمعون ليلوم بعضكم بعضا، وتتفاخرون أيكم أكثر خنوعا، وتتركون آكلات اللحم بلا ذنب ولا خطيئة، وكأنها ليست مصدرا للمصائب والموت؟ لم لا تتمردون على الاتفاق ونعود كما كنا نأكل ونلعب ونهرب من الحيوانات المفترسة ونترحم على من يقع فريسة بين أنيابهم؟ فقال له أب الغزلان: ولما لا تعودوا إلينا ونلتزم باتفاقنا؟ ففي كلا الحالات يموت منا، ولكن الموت المنظم أفضل من موت أم حامل أو حيوان مريض من هول المطاردة والجراح النازفة؟ فقال له الغزال الشاب: وفي كلا الحالات لا تأكل الأسود أكثر من حاجتها، فلما لا نتعبها ونرهقها قبل أن تفتك فينا، وفي أحيانا كثيرة نهرب ونتركها بلا طعام مقهورة، ونبقى نحن مع لذة الشعور بهزيمتهم. فرد عليه الفيل بعد أن مل حوار الأب والابن: تبحث عن لذة الشعور بهزيمتهم وتترك لذة الانتصار لاتفاقنا وقد هللنا فرحا بانجازه بعد رفض الأسود لزمن طويل؟ فرد الغزال قبل أن يدير لهم ظهره وقال: ليس من حقنا أن نشعر بالانتصار، فالضعيف المهزوم يبحث عن كبوة للآخرين كي يحتسبها نصرا فهيهات له تحقيق الانتصار، فلم نتعود أن نصنع فرحا بل تعودنا أن نفرح لقهر الآخرين.