خاص (أصداء)- ساجدة أبو حمدان
واحدٌ وعشرون عاما منذ العام 1994 تشهد بكل يوم فيها على ما يجري في أروقة الحرم الإبراهيمي في ظل صمت عربي وإسلامي لم يغير من معاناة الحرم شيئا، فتارة مجزرة بحق المصلين الساجدين على بلاطه الطاهر، وتارة ثانية يُقسّم الحرم لمن ليس له الحق فيه تحت سمع وبصر العالم، وتستمر الانتهاكات بحق الحرم فيمنع الأذان ويُمنع غالبية الشباب الفلسطينdين من دخوله، فإما أن يعتقلهم الاحتلال أو يبعدهم عنه قسرا.
السبعيني إبراهيم عبدالغفار الرجبي يحضر للحرم الإبراهيمي منذ أن كان عمره سبع سنوات، ويؤدي الخمس صلوات فيه حيث أن بيته قريبٌ منه، ولكنه اضطر لشراء أرض في منطقة بعيدة عن الحرم وسكن فيها بسبب المخاطر التي يسببها المستوطنون، ولكنّه استمر بالصلاة فيه إلى أن كبر عمره وأصبح لا يقوى على حضور كل الصلوات سوى صلاة الظهر.
يقول الرجبي"الوضع عند الحرم صعب للغاية وكل يوم يشهد حملات تفتيشٍ واعتقالات، لدرجة أننا قررنا الابتعاد عن المنطقة كبقية الناس، وعندما أجريتُ عملية القلب زاد وضعي الصحي خطورة فلم أعد أداوم الصلاة في الحرم كالسابق".
"شو بدي أقول لأقول" وأعقبها بتنهيدة لا تنم سوى عن وضع مأساوي يعيشه الحرم، كان هذا رد الحاج عبد المؤمن عندما سألناه عن الوضع في الحرم الإبراهيمي والحال الذي آل إليه، وبكلمات يعتريها الحزن أشار عبد المؤمن إلى أنّ أربعة أو خمسة مصلين فقط يحضرون لصلاة المغرب، بفعل منع الاحتلال إقامة أذانها بقانونٍ جائر بحجة إزعاج اليهود، مضيفا "لم يعد الحضور للحرم كما كان، فالناس تخاف القدوم للصلاة فيه؛ بسبب الاحتلال الذي يضع العراقيل أمام القادمين للحرم".
بينما يتكئ على أحد أعمدة الحرم الإبراهيمي، يعبر العشريني محمد الصليبي من بلدة بيت أمر قضاء الخليل عن سعادته بمجيئه للصلاة في الحرم، فمحمد منذ فترة طويلة لم يزر الحرم، وفي كثير من الأحيان يمنعه الجنود من الدخول ويعود لبيته دون أن تطأ أقدامه الحرم، واليوم يسمح له بالدخول ولكن تصادر هويته عند الحاجز المقام على أبواب الحرم.
الصليبي كبقية الشباب الفلسطينيين يعلم أن وجوده في منطقة الحرم يعني مصادرة هويته وربما عدم اعادتها أو اعتقاله أو طلبه للتحقيق بمراكز الشرطة الإسرائيلية بشكل مستمر أو ربما استشهاده، هذه الأسباب وغيرها الكثير دفعت بكثير من الشباب الفلسطينيين إلى قلة التواجد في الحرم وهجر الصلاة فيه.
حبه للبلدة القديمة وتمسكه بالحرم الإبراهيمي حيث تراثه القديم ومسجد سيدنا إبراهيم -عليه السلام- أبرز الأسباب التي جعلت الحاج أبو عمار الجمل يحضر إلى الحرم برفقة حفيديه، مؤكدا أنّه لولا زيارة مجموعة من كبار السن للحرم، ومُرابطتهم للصلاة فيه لبات الآن بأيدي الاحتلال بالكامل، ويشكو الجمل حال الحرم أيام السبت، حيث يُمنع رفع الأذان كل صلاة، وقليل من المصلين يتوافدون أيام الجمعة رغم أنه كان يعج بالمصلين قديماً.
الشاب مؤيد من مدينة بيت لحم يزور الحرم للمرة الثانية في حياته، ولكنّ قبل دخوله فتشه الجنود عدة مرات لعرقلة دخوله، وأكد أنّه رغم المنع والمعاناة إلا إنّه سيستمر بشد الرحال للحرم، مضيفا "إن لم نزره نحن فمن يزوره ويمنع تهويد بقية أجزائه".
ويروي إمام الحرم الإبراهيمي سليمان الأدهمي ما تبع مجزرة الحرم عام 1994 والتي خلفت 29 شهيدا وما يزيد عن 200 جريح، وما تلاها من تشكيل لجنة "شمغار" بهدف تقصي الحقائق والتي كان أغلب أعضائها من الصهاينة، وأعقبها قرارات تضمنت تقسيم الحرم الإبراهيمي حيث 60% منه لليهود و40% للمسلمين، و10 أيام يفتح الحرم بكل أقسامه للمسلمين حسب مناسباتهم، و10 أيام مقابلها يمنع المسلمين من الدخول للحرم، حيث يدخل إليه اليهود وبخاصة أيام الأعياد، ويحمّل الإبراهيمي مسؤولية كل ما يجري من تقسيم ومنع المصلين وانتهاكات كثيرة بحق الحرم للاحتلال الإسرائيلي والصمت العربي والعالمي تجاهه.
ويذكر هنا أنّ الحرم يزوره أعداد كبيرة من السياح من مختلف أنحاء العالم، وينبهرون بجماله وإتقان عمارته، ويتجولون بأقسامه، ويتعرفون على المقامات الموجودة بالحرم كالإسحاقية (نسبة لسيدنا إسحاق)، والإبراهيمية (نسبة لسيدنا إبراهيم)، واليوسفية (نسبة لسيدنا يوسف)، واليعقوبية (نسبة لسيدنا يعقوب).
تزداد معاناة الحرم الإبراهيمي يوما بعد آخر وسط دعوات لشد الرحال إليه من كل مكان، والوصول بقضيته للمحافل الدولية والعالمية ليرى العالم أجمع ما حل به وينقذونه مما هو به، ويبقى الحرم الإبراهيمي دليل ساطع على انتهاك المقدسات ومنع أهلها منها من قبل عدوٌ بات هدفه تهويد كل ما هو فلسطيني، ليثبت وجوده غير الشرعي.
mildin og amning graviditetogvit.site mildin virker ikke
mildin og amning graviditetogvit.site mildin virker ikke"/>
mildin og amning graviditetogvit.site mildin virker ikke"/>
