تقرير الصحفي: محمد كراكرة
امتلأت قلوبهم أملا بنزول الماء من ماسورة الماء، عشرون يوما ويزيد لم تر فيها الحاجة أم محمد الماء، وتقول:"كان أمنيتي أن أرى الماء ينزل من مكانه المخصص وليس من براميل وغالونات".
ترسل الحاجة أم محمد أبناءها كل صباح إلى الينابيع التي تبعد عنهم مئات الأمتار محملين ببراميل وغالونات، هذا هو حال كثير من القرى الواقعة شمال رام الله، وتختم أم محمد حديثها لنا قائلة:"الله يسترنا السنة".
سنجل، جلجليا، عبوين، كفر مالك، دير جرير، المزرعة الشرقية، أبو فلاح، هذه القرى وغيرها عانت في الصيف الماضي من فقر في إمداد المياه من قبل السلطات المختصة، ويأمل أهلها أن تحل قضيتهم الصيف القادم، وأن تتمكن مصلحة المياه من سد هذا العجز.
رئيس بلدية سنجل أيوب سويد يقول: "قرية سنجل وغيرها من القرى الواقعة شمال رام الله هي في وضع صعب هذا العام، وذلك بسبب انعدام سقوط الأمطار الذي يعد ركيزة أساسية لإمداد القرى بالمياه".
ويؤكد سويد أن قرية سنجل والقرى المحيطة بها قد تكون على موعد مع شهور عجاف، ويضيف: "هذا ما لا نرجوه، ونسأل الله ألا يحدث، وان يسقينا من غيثه".
عانت بعض قرى شمال رام الله من عدم توفر المياه فيها، مما استدعى عقد لقاءات مع رؤساء البلديات ومسئولين في سلطة المياه ومحافظة رام الله والبيرة، وجاءت هذه اللقاءات لإيجاد حل لانقطاع المياه عن كثير من القرى، بالإضافة إلى وضع خطط للمستقبل وإمداد الأهالي بالمياه اللازمة.
ويؤكد سويد أن المشكلة تكمن بوجود خلل في شبكة مصلحة المياه، حيث تم إنشاء هذه الشبكة في السبعينات، وحتى هذا الوقت لم يُعَد ترميمها أو إصلاحها، ويضيف:"صحيح أنه في العام الماضي قاموا بترميم ما يمكن ترميمه، إلا أننا لم نصل إلى مرحلة الاطمئنان من عدم انقطاع المياه عن القرية، خاصة مع هذا الجفاف الضارب بكل ثقله المنطقة بأسرها".
وعبر سويد عن استيائه من بعض المواطنين الذين يقومون بتغيير خط الإمداد، مطالبا إياهم بالصبر والتأني حتى وإن كانت المياه مقطوعة عنهم، ويقول:"البلدية تفتح أبوابها لهم فلو زاروها لقمنا بفتحها لهم بصورة قانونية".
جفاف متوقع
من جهته، يقول مسؤول قسم المياه في بلدية عبوين المهندس صبحي سحويل: "نحن من أكثر القرى المظلومة في رام الله، حيث أن إمداد المياه ينقطع عن القرية حوالي الشهر ويزيد، وهذا أمر خطير لا بد لمصلحة المياه أن تنظر إليه باهتمام زائد كي لا نعاني بشكل أشد من العام الماضي".
ويضيف سحويل:"المؤشرات الحالية تظهر أن قرى شمال رام الله ستعاني من انقطاع المياه وربما أكثر من العام الماضي، إلا أننا نتشبث بالتفاؤل".
منذ سنوات تعاني بعض قرى شمال رام الله من انقطاع المياه لمئات الأسر، إلا أن العام الأخير كان هو الأكثر رسوخا في قلب وضمير المواطن الذي يدفع مبلغا من المال كي تصل إليه هذه الخدمة من الجهة المختصة.
المواطن من قرية كفر مالك ضياء رستم يقول:"نحن نطالب المسؤولين بعمل اللازم، وأن يبدءوا بالتحضير من الآن وأن يقوموا بتزويدنا بكمية تكفي أهالي القرية".
ويضيف: "نسأل الله أن يسقينا الغيث ولا يجعلنا من القانطين، وإلا... الله يستر من الصيفية القادمة علينا".
الطبيعة الطبوغرافية لقرى سنجل، وعبوين، وأبو فلاح وغيرها، تعد عقبة أخرى تبشر بعام قد لا يكون أفضل من سابقه، حيث يقول سويد:"هذه القرى وبالتحديد سنجل والقرى المجاورة منها لها طابع جبلي وعر يصعب على مياه ذي ضغط ضعيف أي يصل إليهم".
ويطالب سويد أهالي قرية سنجل بالعمل على شراء خزانات احتياطية، وأضاف: "لا بد من عمل مشترك،من البلدية والمواطن وسلطة المياه وكل فرد في البلد"، واصفا الوضع الحالي المائي بالأكثر خطورة.
الحاجة أم حسين من قرية سنجل في الستينيات من عمرها، تقول:"في حال أمطرت أو ما أمطرت بدي أجيب تنك، الواحد ما بعرف أيش بصير معو، بدنا نعقلها ونتوكل".
المواطن من قرية أبو فلاح محمد شومان، يقول: "ينتابني شعور بالخوف الشديد، مصلحة المياه لم تصلح المواسير بشكل جيد، أضف على ذلك انحباس الأمطار هذه السنة، بفكر آخذ زوجتي ونذهب إلى دولة فيها ماء.. يا عمي أنا ما بقدر أقعد بدون ماء".
يعد بناء خزانات وَأبار ضخمة في هذه القرى الأكثر عرضة لانقطاع المياه في فصل الصيف، هو الحل الأمثل والأفضل لسد العجز الذي قد يحصل في هذه القرى، خاصة مع الجفاف وانقطاع سقوط الأمطار، حيث يقول الخبير في مجال المياه إياد البيطار أن نسبة الأمطار هذا العام تقل بحوالي 160ملم عن نفس الفترة في العام الماضي.
وتتوفر في هذه القرى العديد من العيون والينابيع التي تَسُدّ وَسَدّت جزءا كبيرا من احتياجات المواطنين في الصيف الماضي، إلا أن هناك مخاوف في هذا العام من قرب جفاف تلك العيون والينابيع، وذلك بفعل انحباس الأمطار.