في عام 1946 عقد في مدينة انشاص في مصر اول قمة عربية و كان على جدول اعمالها بندين رئيسيين الاول مواجهة الهجرة اليهودية الى فلسطين و الثانية دعم الشعوب العربية في التحرر من الاستعمار …و تتالت القمم مرورا بقمة الخرطوم بعد هزيمة 1967 و لائاتها الثلاث وقمة مصر في العام 1978 في بغداد و التي جمدت عضوية مصر في الجامعة العربية بعد اتفاقية كامب ديفيد ثم قمة القاهرة عام 1990 و التي دشنت عودة مصر الى الحظيرة العربية – او الاصح عودة العرب الى مصر كامب ديفيد- و التي ايضا طالبت العراق بالانسحاب من الكويت ..ثم اتت قمة العام 2000 في اعقاب استباحة شارون للمسجد الاقصى تلك الاستباحة التي انطلقت في اعقابها انتفاضة الاقصى …وتتالت القمم و اصبحت دورية سنويا في نهاية آذار …و كانت القمة السابقة في الدوحة و التي اقر فيها الدعم العربي للقدس بمليار دولارولا زالت القدس بانتظارالدعم العربي …و اليوم نحن نتابع قمة الكويت …فما الذي تغير و ماذا حملت هذه القمم؟؟
في مقارنة سريعة بين القمة الاولى و قمة اليوم نجد ان القمة الاولى عقدت لمواجهة الهجرة اليهودية لفلسطين و قمة اليوم دشنت الاعتراف الضمني بالدولة اليهودية من خلال عدم صدور بيان ختامي يتعلق بالقضية الفلسطينية و يرفض الدولة اليهودية و كأنما القمة الاولى عقدة لمواجهة هجرة اليهود و اتت قمة اليوم لشرعنة وجودهم !! و تركت الفلسطينيين يواجهوا مصيرهم و اعتى احتلال بالتاريخ وحدهم …و من ناحية اخرى فبينما عقدت الاولى لمواجهة الاستعمار المباشر فان الاخيرة كرست التبعية و الانجرار وراء المواقف المرتبطة بمصالح الكبار…
تأملت الشعوب العربية ان تلمس تغييرا نحو الافضل في اداء و فعل رؤساء الدول بعد انطلاق ثورات التغيير في بعض الدول العربية نحو الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و الكرامة ..الا ان هذا الامل سرعان ما تبدد في مواقف هذه الدول و في (القمم) التي اعقبت ( الربيع العربي) و بدل ان تتحقق اماني وتطلعلت هذه الشعوب منيت بنكسة افقدته الايمان بالتغيير و الخروج من النمط التقليدي لقيادات هذه الدول و تخلصها من التبعية و الاستقلال بمواقفها.
بماذا تميزت قمة الكويت؟؟
-امتازت بعودة سياسة المحاور لتطغى على المواقف و البعد عن ان تكون جامعة الدول العربية كيان قوي تربطه المصالح و وحدة الجغرافية و اللغة و التاريخ ..و ترسيخ مبدأ المصلحية و الكيانات الهزيلة الضعيفة المغلوبة على امرها و التي لا تمتلك قرارها ..في زمن اصبحت فيه التجمعاندت الدولية تأخذ دورها و في زمن بدأ فيه تراجع غلبة القطب الواحد الى عالم متعدد الاقطاب و المصالح ..و اصبحت فيه امريكا تراجع حساباتها و لم تعد شرطي العالم الذي يفرض ارادته على شعوب العالم و الادلة علىذلك كثيرة و آخرها ما حصل في سوريا و اوكرانيا .. في ظل هذا كله تزداد التبعية العربية و لازالت ال99% من الاوراق التي طرحها السادات بيد امريكا بالنسبة لهذه القيادات.
-امتازت بانها لم تتميز عن سابقاتها سوى انها كرست القيادات التقليدية و التي لم تكن موفقة ابدا حتى في الناحية اللغوية و في طرح كافة الامور و بانها لم ترتقي الى مستوى الاحداث و المخاطر المحيطة بعالمنا العربي و بما يواجهة من قتل و تدمير للمعالم التاريخية و التراث والبنى التحتية و الاقتصادية ..بل على العكس سادت المصالح الفردية و تعززت النزاعات الحدودية و الطائفية و الانكفاء على حماية مصالح و نفوذ الطبقات الحاكمة على حساب الشعوب ومصالحها.
-امتازت بادارة الظهر للقضية الفلسطينية و الشعب الفلسطيني فعزز الانقسام و ترك قطاع غزة يرزح تحت حصار قاتل و تركت اسرائيل تهود القدس و المقدسات و تقتل بشكل منهجي ..بل انها تمارس كل الطرق لطمس الهوية الفلسطينية و القضاء على آمال و طموحات الشعب الفلسطيني في الحرية و الاستقلال..و بدل ان تشكل ( القمة) حاضنة و ظهير حماية للفلسطينيين اظهرت عجز بل قبول للامر الواقع مما زاد من المعاناة و الضغط على قيادته للقبول بحلول اقل ما يقال عنها انها تجهز على ما تبقى من القضية و الوطن.
هذا ما ميز هذه (القمة) اضافة الى امور اخرى و اضحت (القمم) العربية حمل ثقيل على كاهل شعوبها و الشعب الفلسطيني على الاخص و بدل المساندة و الدعم و جد الخذلان و التملص من الواجبات و الاستحقاقات…فهل هذه نهاية المطاف ؟؟ هل كتب على الشعب الفلسطيني الاستسلام و الرضوخ؟؟ بالتأكيد لا فالشعب الفلسطيني يستطيع اعادة بناء قواه الذاتية بالوحدة و المقاومة وبتحالفه مع الشعوب العربية التي لا تزال افئدتها مرتبطة بفلسطين و بتحالفاته ايضا مع شعوب العالم الداعمة للحرية و التي تتنامى فيها مقاطعة الاحتلال على كل الاصعد ..و بالتأكيد لن يستمر هذا الحال …اما عن هذه ( القمم) فاقترح عدم استمرارها على هذا النحو حتى تتحول من من الهاويات و القاع الى ان تحمل اسمها بجدارة كقمم تحمل تطلعات و اهداف شعوبها .. و حتى ذلك الحين الذي سيأتي لا محالة ..على الشعب الفلسطيني ان يصمد على حقه و ثوابته التي لن تزول مهما طال الزمن.