memantin iskustva memantin alzheimer memantin wikipedia">
بعد 38 عاماً، من انتفاضة الفلسطينيين التي خُلدت كيومٍ للأرض والدفاع عنها في وجه الاستيطان والتهويد، لم يبق بأيدي الفلسطينيين الذين فجروا تلك الانتفاضة داخل فلسطين المحتلة عام 48 غير 4% من أراضيهم، أما المقدسيون فإنهم لم يعودوا يحوزون غير 13%، والحال ليس بأفضل من ذلك في الضفة الغربية التي تمت مصادرة أكثر من ثلث مساحتها عقب عملية السلام، ما يجعل حلم الفلسطينيين بإقامة دولة عليها "مستحيلاً" من الناحية العملية بعد أن اكتسب المشروع الصهيوني الاستيطاني بريقاً جديداً في إطار ما يعرف بـ"حل الدولتين".
في مطلع عام 1975 بدأت هجمة جديدة على الأراضي العربية، عبر مخططات عنصرية كمشروع "تطوير الجليل" والذي هدف إلى تحقيق سيطرة ديموغرافية يهودية في الجليل الذي كانت غالبية مواطنيه (70 بالمائة) من العرب، حيث حاولت السلطة مصادرة 20 ألف دونم منهم أكثر من 6 آلاف دونم من الأراضي العربية، وأكثر من 8 آلاف دونم من "أرض الدولة" التي هي أصلًا منتزعة من الفلاحين العرب، بينما كان حصة الأراضي اليهودية حوالي 4 آلاف دونم فقط في منطقة صفد، أي أن المصادرة استهدفت الأراضي العربية في الأساس.
وردًّا على هذه الهجمة، بادرت القوى والشخصيات الوطنية إلى اجتماعات تحضيرية لعقد "مؤتمر شعبي للدفاع عن الأراضي العربية"، وعقد المؤتمر في الناصرة يوم 18/10/1975، ورافقه زخم شعبي كبير في كل القرى والمدن العربية، وانبثقت عنه "اللجنة القطرية للدفاع عن الأراضي" التي كان هدفها التصدي لمخططات نهب الأرض العربية.
وفي 6/3/1976، عقدت اللجنة اجتماعًا موسعًا في الناصرة، ودعت اللجنة إلى الإضراب في الثلاثين من آذار وتحويل هذا اليوم إلى يوم للأرض والمطالبة بوضع حد لسياسة المصادرة التي صارت تهدد وجود ومستقبل الجماهير العربية في وطنها .
فلسطين ان لاين
منذ ذلك اليوم أصبح يوم الأرض يوماً وطنياً فلسطينياً ليس في الأراضي المحتلة عام 48، وإنما امتد ليشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة، حيث تتصاعد عمليات المصادرة والاستيلاء على الأرض لصالح إقامة المزيد من المستوطنات، كما أصبح يوماً وطنياً في كل الأماكن التي يتواجد فيها الفلسطينيون.
رسم حدود الدولة العبرية
ويقول مسؤول دائرة الخرائط في مركز الدراسات العربية، خليل التفكجي: إن فلسطينيي الـ 48 لم يعودوا يمتلكون منذ عام 1976 سوى 4% من أراضيهم، في حين يمتلك المقدسيون 13% فقط، فيما استولت سلطات الاحتلال على ما نسبته 58% من أراضي الضفة الغربية، بهدف رسم حدود لدولة إسرائيل، بموجب استراتيجية مخطط لها مسبقاً مبنية على الاستيطان و"الحجة الأمنية.
وأضاف التفكجي في تصريحات خاصة لـ "فلسطين"، أن هذه النسب وما يجري على أرض الواقع يؤكد أن الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين ما زال مستمراً، خاصة في ظل السيطرة الكاملة على فلسطين التاريخية، وعدم وجود سيادة فلسطينية فعلية عليها".
ورفض التفكجي، استخدام مصطلح "مصادرة" للدلالة على ما تقوم به سلطات الاحتلال من عمليات تهويد للأراضي الفلسطينية المحتلة، ويصر على استخدام مصطلح "استيلاء"، لأن المصطلح الأول (مصادرة) يعطي هذه العملية "صبغة قانونية".
السلام والاستيطان
وأشار إلى استغلال (إسرائيل) قدوم السلطة الفلسطينية، و"التسوية" معها، بعد عام 1992، للسيطرة على أكثر من ثلث مساحة الضفة الغربية، خاصة في منطقة الأغوار، وذلك تحت مسميات مختلفة كالغابات والكسارات والطرق الالتفافية والتدريبات العسكرية، مؤكداً أنها وخلال تلك الفترة صادقت على جميع المخططات الهيكلية للمستوطنات بالضفة، التي تعادل 6% من مساحتها، ساعدها في ذلك تصنيف الأراضي في الضفة الغربية إلى مناطق "أ" و"ب" و"ج" وغير ذلك، وفق اتفاق أوسلو، حيث لم يتبق للفلسطينيين سوى 42% من مجمل مساحة الضفة "منقوصاً منها مساحة القدس الشرقية البالغة 70 كيلومتر مربع ومنطقة غور الأردن 200 كيلومتر مربع، وأيضا منطقة اللطرون البالغة مساحتها 58 كيلومتر مربع".
وأكد أن اتفاقيات أوسلو شكلت ضربة للقضية الفلسطينية برمتها، حيث استغلتها (إسرائيل) لتكثيف الاستيطان وخلق ظروف تحول دون دولة فلسطينية قابلة للحياة، وقطع أواصر التواصل الجغرافي بين التجمعات الفلسطينية.
وأضاف التفكجي , أن ما يتم الإعلان عنه من مشاريع لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية هي ضمن استراتيجية صهيونية وضعت في العام 1994 ببناء 58 ألف وحدة سكنية حتى سنة الهدف 2020 وتم تمديدها لـ 2030 لحسم قضية القدس وترسيخ ضم المدينة واستحالة تقسيمها مستقبلاً .
وقال إن (إسرائيل) تسير في خطين متوازيين, الأول بناء مستوطنات جديدة ومضاعفة عدد المستوطنين في القدس إلى نصف مليون، عبر مشروعات استيطانية سبق المصادقة عليها، ستقيمها في المستقبل القريب بالتزامن مع إغراق الضفة بمليون مستوطن حتى عام 2030، والخط الثاني توسيع المستوطنات القائمة أصلاً ضمن عملية زيادة عدد الوحدات الاستيطانية فيها حسب الاستراتيجيات لتقليص الوجود الفلسطيني في القدس إلى نسبة 12% .
وأشار إلى أن خطة "اتفاق الإطار" التي يطرحها وزير الخارجية الأميركي لن تبقي بيدّ الفلسطينيين سوى 2000 كم من إجمالي 5800 كم تشكل مساحة الضفة الغربية المحتلة بعد الاقتطاعات"، وبعد ضمّ 70 % من الكتل الاستيطانية للاحتلال الإسرائيلي.
وقال: إن (إسرائيل) تسعى حالياً لإضفاء "الصبغة القانونية" على عمليات بناء المستوطنات بالضفة الغربية والقدس المحتلة، التي جاءت باعتبارها "كياناً مؤقتاً" ذا قيمة أمنية، بالإضافة إلى بضع مستوطنات أقيمت في مناطق أخرى بالضفة الغربية.
وأشار إلى أن (إسرائيل) وبعد احتلالها لمدينة القدس في أعقاب حرب عام 1967، عمدت إلى مصادرة الأراضي من خلال فرض القانون الإسرائيلي عليها، وذلك تحت مسمى "مصادرات للمصلحة العامة" باستخدام قانون الـ "استملاك للمصلحة العامة"، واستولت من خلال هذا القانون على أكثر من 87 في المائة من الأراضي، ولم يتبقّ لفلسطينيي المدينة، سوى أقل من 13% من مجمل أراضيهم، التي تم الاستيلاء على المساحات العظمى منها لصالح أكثر من ربع مليون مستوطن تم توطينهم في القدس وهي تحاول اليوم سلبهم ما تبقى من الأراضي.
قطع التواصل الجغرافي
وذكر الخبير الفلسطيني، أن إجراءات الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، على مستوى توسيع الاستيطان وشبكة البنية التحتية المرتبطة به، أدت إلى منع إيجاد تواصل جغرافي بين المدن والبلدات والقرى الفلسطينية، بعدما قطعته الكتل الاستيطانية والشوارع الالتفافية، وجعلت إقامة دولة فلسطينية أمراً مستحيلاً ضمن هذه الرؤية، بل أكثر من ذلك فإن رسم الحدود من قبل حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة والاستيطان المركّز في جميع أنحاء الضفة الغربية أدّيَا إلى إعادة الروح إلى أفكار ومشاريع سبق طرحها منذ زمن طويل، لكنها اليوم تكتسب بريقاً جديداً على إيقاع تقدم المشروع الصهيوني الاستيطاني على حساب ما يعرف باسم "حل الدولتين"، وهي مشاريع تتراوح بين دولة "الكانتونات" الفلسطينية ذات الحدود المؤقتة، وفكرة الوطن البديل التي تطرح من حين إلى آخر من قبل المسؤولين الإسرائيليين.
مخطط E1
وبخصوص مخطط E1 ، أشار إلى أن هذا المخطط يعتبر من أخطر المخططات الاستيطانية على الإطلاق، وهي أراض فلسطينية احتلت في الـ 67، وتم تحويلها مباشرة لأراضي دولة حتى لا تنتقل إلى سيادة الدولة الفلسطينية.
وحذر من أنه في حال نفذت (إسرائيل) هذا المخطط، فستقضي بشكل تام على دولة فلسطينية عاصمتها القدس، كما أن هذه المستوطنة ستحدث تغييراً جوهرياً في موضوع الديمغرافيا ، لأن هناك آلاف الوحدات الاستيطانية ستبنى، بما في ذلك عشرة فنادق، بالإضافة إلى المناطق الصناعية. يليها تشكيل القدس الكبرى التي تمتد حتى البحر الميت، وفي الجانب الآخر هي منطقة أمنية، بحيث إن القوات الصهيونية، تنتقل من البحر الميت إلى الساحل لن تمر بمنطقة عربية، القرية الوحيدة الموجودة هي الزعيم، وقد نجحوا في حشرها داخل الجدران، وبالتالي تم التخلص منها، كما أن الانتهاء من البناء في هذه المنطقة سيوفر حماية أمنية ودفاعية للبلدة القديمة بواسطة ممر ضخم يمتد من منطقة الساحل حتى البحر الميت، بعرض يتراوح ما بين 25- 30 كيلو مترـ تكون القدس في مركزه بمثابة القلب بعد أن كانت مدينة هامشية.
وحول الظروف التي حفزت (إسرائيل) للمضي قدماً بتوسيع الاستيطان، ذكر التفكجي بورقة الضمانات الأميركية في عام 2004 التي تعهد بموجبها جورج بوش الابن لرئيس الوزراء الإسرائيلي حينها أرييل شارون، بأن الحقائق على الأرض ستؤخذ بعين الاعتبار في حال التوصل لتسوية سياسية.
وأضاف التفكجي أن هذه الضمانات هي ما دفع القيادة الإسرائيلية لاعتماد سياسة التهويد والاستيطان ضمن استراتيجية وخطة للانسحاب من طرف واحد.
وحول سبل مواجهة المخططات الاستيطانية، أشار إلى أن الحل الأمثل في هذه المرحلة هو أن يقوم رئيس السلطة محمود عباس بقلب طاولة المفاوضات وحل السلطة الفلسطينية وإعادة الوضع إلى سابق عهده قبيل عام 1994، حيث كان المجتمع الدولي يتعامل مع (إسرائيل) كدولة محتلة، قائلاً إن "تل أبيب تخشى أي خطوة من هذا القبيل".