افاد تقرير صادر عن هيئة شؤون الاسرى والمحررين ان الاسير المحامي محمد نصر الدين مفضي علان سكان نابلس ومواليد 1984 والمعتقل اداريا منذ 4/11/2014  دفع ثمنا غاليا من صحته في مواجهة قانون الاعتقال الاداري التعسفي ، وسقط في غيبوبة فجر الجمعة 14/8/2015  في مستشفى برزلاي الاسرائيل بعد تدهور خطير على حالته الصحية، وبسبب عدم اكتراث اسرائيل بمطلبه الشرعي وهو الغاء اعتقاله الاداري والافراج عنه، ولامبالاتها بكل التدخلات الدولية الحقوقية والانسانية لانقاذ حياته.

الحرية والشهادة :

ان حكومة اسرائيل بدلا من الافراج عن الاسير علان  اتخذت قرارا بإطعامه قسريا لكسر ارادته وعزيمته، وكان موقف علان عندما ابلغه المحامي بهذا القرار اما الحرية او الشهادة، مواصلا اضرابه عن الطعام، ورافضا تناول اي شكل من المدعمات وحتى اجراء الفحوصات الطبية.

علان الذي يخوض اضرابه الفردي استمرارا لإضرابات اكثر من 30 اسير إداري  خاضوا هذه المعركة بشكل فردي، وتتويجا للاضراب الجماعي للاسرى الاداريين عام 2014 ، يعتبر ان مواجهته للاعتقال الاداري هي تعبير جماعي عن حالة القهر التي يعيشها ما يقارب (480) اسير يقبعون في السجون دون محاكمة عادلة ودون اسباب قانونية، وكرسالة ساخنة للعالم ولمؤسسات حقوق الانسان لتتحمل مسؤولياتها في وضع حد لهذا الاعتقال المخالف لحقوق الانسان والذي تستخدمه اسرائيل لأسباب سياسية وانتقامية وليس وفق القانون لأسباب طارئة جدا وشاذة.

الوصية:

محمد علان الذي اصبحت حياته قاب قوسين او ادنى، ويعيش على الاجهزة في المستشفى، كان قد كتب وصيته الى الشعب الفلسطيني والى المجتمع الدولي لمواجهة مقصلة الاعتقال الاداري،  بقوله عليكم ان تمنعوا الموت والقهر عن الآخرين ، وتوقفوا الارهاب الاسرائيلي الرسمي الذي يمارس بحق الاسرى، وليكن موتي نهاية الظلم الذي يقع على زملائي القابعين في السجون.

الشاباك يقود الهجوم:

المخابرات الاسرائيلية وبدعم من حكومة نتنياهو تقود الهجوم على الاسرى الاداريين، وعلى موجات الاحتجاج والاضرابات في صفوفهم  وخاصة ان جميع اوامر الاعتقال الاداري وتجديد هذا الاعتقال يتم بقرار من اجهزة الامن الاسرائيلية تحت ادعاء الخطر على امن اسرائيل.

ويعتبر قرار الشاباك اعلى من قرار المحكمة التي تمتثل لتعليماته واوامره وتدعي وجود ملف امني سري بحق الاسير الاداري لتبرر استمرار اعتقاله دون اي محاكمة عادلة.

واعتبرت اضرابات الاسرى الاداريين طعنا بشرعية اعتقالهم موجهة الى جهاز الامن الاسرائيلي وإجراءاته التعسفية بحقهم، مما دفع الشاباك الى دعم قانون التغذية القسرية واقراره  من قبل الحكومة الاسرائيلية كأداة تهديد خطيرة موجهة لكل اسير يضرب عن الطعام.

واصبح الشاباك هو المقرر في اسرائيل سياسيا وتشريعيا، حيث دعم اقرار قوانين عنصرية وإجرامية موجهة ضد الاسرى ، كقانون تسهيل الاعتقالات دون وجود شهود اثبات، وقانون رفع الاحكام بحق الاطفال لتصل الى 20 عام، وقانون عدم توثيق التحقيق مع المعتقلين بالصوت والصورة وغيرها.

ويستغل الجهاز الامني سرية الاجراءات في الاعتقال الاداري من اجل اساءة استغلال الاعتقال الاداري خلافا للقانون وبتصديق من المحاكم وهو يستخدمه من اجل حبس الناس وعلى نطاق واسع تحت ادعاء وجود مخالفات ويرفض الكشف عن الادلة الموجودة ضدهم.

لقد اصبحت السجون مصدر قلق للمخابرات الاسرائيلة وساحة مواجهة دائمة ومشتعلة، ومصدر اخفاق الشاباك في إدعاءه السيطرة على الاسرى في السجون، مما جعل من الهجوم على الاسرى هدفا مركزيا لسياسته واهتماماته.

تصعيد في الاعتقال الاداري:

منذ ايار 2014 ارتفع عدد المعتقلين إداريا، حيث اصدر الشاباك الاسرائيلي نحو 250 امر اعتقال إداري ليصبح عدد  المعتقلين إداريا (480) معتقلا وهو الاعلى منذ نيسان 2009، ومنذ اب 2013 تضاعف عدد المعتقلين الاداريين اكثر من 3 مرات ونصف.

وحسب معطيات هيئة الاسرى فإن 13% من المعتقلين إداريا قضوا ما بين سنة الى سنتين، وان خمس معتقلين قضوا اكثر من عامين متواصلين رهن الاعتقال الاداري.

وحسب هيئة الاسرى فإن عدد كبير من الاسرى الاداريين قضوا على فترات مختلفة ما يزيد عن عشر سنوات في الاعتقال الاداري.

ان 70% من المعتقلين الاداريين اعتقلوا في سجون داخل اسرائيل، ويشكل اعتقالهم في داخل اسرائيل انتهاكا للقانون الدولي، مما يؤدي الى انتهاكات اضافية لحقوقهم، ومن بينها الحرمان من الزيارات.

المؤبد الاداري:

الاسرى يطلقون على الاعتقال الاداري (بالمؤبد الاداري) ، وذلك تشبيها لحكم المؤبد الذي لا يعرف الاسير موعد إفراجه ومصيره، وقد يكون الاداري اسوأ من ذلك عندما لا يعرف الاسير لماذا هو معتقل، وما هي التهمة الموجهة اليه ولا يعرف متى سيفرج عنه.

وقد وصف احد الاسرى الاداريين هذا النوع من الاعتقال (بالعدو المجهول) وانه جزء من اسلوب التعذيب النفسي والعصبي للاسير وعائلته التي تنتظر وضعا مجهولا، وتبقى على اعصابها حتى موعد انتهاء حكم الاعتقال الاداري الذي قد يجدد في الساعة الاخيرة من موعد الافراج .

الاداري والقانون الدولي

تقوم اسرائيل بانتهك القانون الدولي في سياستها حول الاعتقال الاداري، ومن خلال الاستغلال السيء للصلاحيات الممنوحة للقادة العسكريين في الامر العسكري من حيث:

1)     استعمال الاعتقال الاداري على نطاق واسع على النقيض من المبدأ الذي حدده القانون الدولي وهو السماح بالاعتقال الاداري في حالات الطواريء الشاذة للغاية، ولكن اسرائيل استعملت هذه الاداة على مدار السنين ضد آلاف الاشخاص، ليتحول الاعتقال الاداري الى روتين وليس امرا شاذا للغاية.

2)     تستخدم اسرائيل الاعتقال الاداري بديل عن إجراء المحاكمات العادلة حيث لا تملك ادلة على الاتهام ولا تكشف عن الادلة التي بحوزتها امام المحكمة، ولا تعطي اي حق للاسير او محاميه بالقدرة على الدفاع ورد التهم التي يعلن انها سرية، مما يضع سياسة الاعتقال الاداري في إطار الاعتقال التعسفي وانتهاك لحق الاسير في المحاكمة العادلة.