سلفيت
كثيرة هي قصص البطولة وحكايات الصمود فوق الارض الفلسطينية؛ الا ان قصة الحاجة اسماء من سلفيت لها نوعية خاصة تحكي فصول عذاب وقساوة الاحتلال والمستوطنين لطرد المزارعين من أرضهم.
فاليوم الاحد تحل الذكرى 38 ليوم الأرض الخالد ؛ حيث تمثل حالة الحاجة اسماء بلاسمة 70عاما من عزبة ابو بصل غرب سلفيت ، حالة فريدة ونادرة من التحدي ومواجهة ممارسات واعتداءات قطعان المستوطنين، وبمفردها دون معين او نصير الا من رب العاملين كما تقول.
وتعتبر الحاجة اسماء نموذجا حيا لثبات وتشبث الإنسان الفلسطيني فوق أرضه، وتشكل مواجهتها اليومية ووجودها وصمودها بمحاذاة مصانع مستوطنة "اريئيل" حالة من الفخر بطريقة عيشها لوعورة المنطقة وصعوبة الوصول اليها الا على الدواب او جيبات مخصصة لهذا النوع من الطرق.
وفي تفاصيل حكاية صمود وشموج الحاجة اسماء بلاسمة "ام حسن" التي بقيت لوحدها بعد وفاة زوجها ، الا انها ترفض ترك عزبة ابو بصل، حيث تقول:" هنا الذكريات، هنا الارض والخير والبركة، والتاريخ والحضارة، ولن اتركها رغم الزحف الاستيطاني والتهديد والوعيد ، فالارض حياتنا وتاريخنا وتراثنا وحضارتنا وحبنا وعنها ندافع ونموت دفاعا عنها، فهي كل شيء في حياتنا، ولن نرحل ونتركها".
وعن حياتها ووجودها في العزبة، تقول:" تزوجت فيها، وانجبت تسعة بنات وولدين احدهما وهو محمد استشهد فوق ارض العزبة، وكان هنا في السابق عشرات العائلات تزرع وترعى الأغنام، وسط الفرحة الغامرة الى ان جاء المستوطنون ، وبنوا المصانع الضخمة، ولم يبقى الا انا وحيدة هنا".
وتفتخر الحاجة اسماء بروي الارض الطيبة بالدماء الزكية؛ حيث استشهد ابنها محمد فوق ارض العزبة وثأر له زميله الشهيد سامر بقتل ثلاثة مستوطنين، وتحيي شهداء سلفيت والوطن في ذكرى يوم الارض، قائلة:" الارض لمن فداها وضحى بدمه لاجلها، ونتنياهو سيرحل الى بلده او مزابل التاريخ عاجلا او آجلا.
وتتابع بلاسمة:" توفي زوجي عثمان "ابو حسن " في كانون الأول من العام الماضي، واضطررت ان ابيع ما تبقى لدينا من الماشية والدجاج والزيت لعلاجه ولم يبقى شيئ، وأنا سأبقى بعون الله لوحدي صامدة ولن أغادر العزبة التي مضى على وجودي فيها تقريبا 55 عاما، فكيف اتركها بعد هذا العمر الطويل، ولمن اتركها للمستوطنين …. لا هذا محال، ولكن اين المؤسسات التي تدعم المناطق المهددة والمهمشة ، فلماذا لا تقوم بدعمنا هنا مقابل المستوطنين، وصحيح انه تم دعم العزبة قبل سنوات من قبل محافظ سلفيت بالاثاث، ورممها سلام فياض، ولكن لماذا توقف الدعم لها؟! ".
ولاحقا؛ وبرغم تجريف الاحتلال لجزء من العزبة وهدم أجزاء أخرى خلال انتفاضة الأقصى، واستشهاد ابنها محمد وقتها، الا انها اصرت على مواصلة البقاء والثبات دون معين او نصير او حتى دعم كما تقول الا ما ندر حيث جرى ترميم العزبة فقط بانتظار ان يتم دعمها ولو بعدد محدود من الماشية لمواصلة حياتها فوق ارض العزبة ما بقي من سنين عمرها؛ حيث تؤكد ان جزء من ماشيتها راح وضاع وفقدته بين المصانع ولم يعد.
وعن يوم الارض ترفض الحاجة بلاسمة الاحتفال به فقط عبر الخطابات قائلة:" زراعة شجرة زيتون، والعناية بالأرض، والصمود والثبات أمام قطعان المستوطنين أفضل من جميع الخطابات، فالعمل والتضحية للارض افضل من كل فنون الخطابة التي نسمعها صباح مساء، والتي لا تطرد مستوطنا واحدا".
الطرق صعبة وشاقة فوق جبال منطقة المطوي حتى الوصول الى عزبة ابو بصل؛ حيث ثاني أكبر مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة بها، وهي مستوطنة "اريئيل؛ التي تقسم إلى "اريئيل" السكانية، و"اريئيل" الصناعية، والمصانع لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن العزبة، وتشاهد بكل وضوح، وهو ما ينذر بمصادرة العزبة لاحقا ان لم يتم دعم وتعزيز صمود "ام حسن".