وفاء ابعيرات
لن تخفى عنك معالم شارع النصر في مدينة نابلس الذي يحتضن معلماً سياحياً توارثته الأجيال ألا و هو حمام الشفاء.
في مدينة نابلس و تحديداَ بين أزقة البلدة القديمة ما يزال حمام الشفاء يشرع أبوابه لاستقبال المستجمين.
حمام الشفاء يعد من أشهر الحمامات التاريخية الموجودة في فلسطين، حيث تعود إرهاصاته إلى ما يقارب 800 عام عندما وضع آل طوقان حجر الأساس له.
وأفاد المسؤول عن الحمام مازن أبو علي بأن الحمام تم ترميمه لأول مرة من قبل رجل الأعمال الفلسطيني يوسف الجابي عام 1993م، بتشجيع من رئيس بلدية نابلس الأسبق حافظ طوقان، بعد أن كان الحمام مجرد كومة من الحجارة القديمة، وكميات من التراب.
ويخضع الحمام لترميمات بشكل دوري سنوي خاصة بعد تعرضه للقصف من قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 2002م بحسب ما ذكر أبو علي.
وأضاف إلى أن الهدف الرئيسي من وراء الترميمات هو المحافظة على رونق المكان من الجانب التراثي و المنظر الشامي الذي توحي به ديكوراته للزوار.
و رغم التدمير الذي رسمتهُ آلاتِ الحرب الإسرائيلية للقضاء على معالم الحضارة إلا أنهُ ما يزال تراثنا يزهوا يوماً بعد يوم.
ونوهَ أبو علي بأن مساحة الحمام تقارب 500 متراً، حيث أستخدمَ في بنائه الحجر المملوكي الذي يفرض هيبتهُ و جاذبيته بألوانه الرخامية الجذابة، ويتميز بأنه يمتص أول وثاني أكسيد الكربون، بينما يوجد في السقف نحو 500 فتحة زجاجية تدخل ضوء الشمس والحرارة، وهي موزعة بشكل يحافظ على درجات الحرارة معتدلة داخل الحمام، أما أرضية الحمام فهي مبلطه بحجر كثيف وصلب يسمى بالحجر السلطاني يتم تنظيف من بماده خاصة يحصلون عليها من مصابين نابلس تعرف باسم الخميرة، وهي مزيج من الزيت والصابون تمنع بقاء اللون الداكن على الأرضية.
وتؤكد أسماء ولويل أحد العاملات الرئيسيات في حمام الشفاء أن غالبية زوار الحمام، هم من أبناء الداخل الفلسطيني المحتل، وتقول آن حضورهم إلى نابلس يؤكد على ترابط الشعب الفلسطيني الواحد.
أقسام الحمام
الحمام مقسم إلى ثلاثة أقسام: أولها المشلح الصيفي أو غرفة الاستقبال، وهي كبيرة نسبيا تتوسطها نافورة شامية يلتف حولها عدد من الطاولات والأراجيل، وتعد الساحة بمثابة مطعم تقدم فيه الوجبات الساخنة.
أما القسم الثاني "المشلح الشتوي"، وهي غرفة تبديل الملابس، ليدخلوا فيما بعد إلى القسم الثالث وهو الحمام وينقسم هو الآخر إلى ثلاثة أقسام: بلاط النار، وساونا، وبخار. فالإستلقاء على بلاط النار له عدة فوائد أهمها: أنه يعمل على تفتح مسامات الجلد، وتنشيط الدورة الدموية، والغدد الليمفاوية، وهو أيضا علاج لأمراض الجلد، والديسك، والغضروف.
فالزائر يقوم بالدخول الى غرفة الساونا وهي عبارة عن غرفة خشبية، وتبلغ درجة الحرارة فيها حوالي 70 درجة مئوية، ويبقى فيها حوالي نصف ساعة، ثم يدخل إلى غرفة البخار لمدة تتراوح من عشر دقائق الى ربع ساعة، وعندما يخرج من غرفة البخار يقوم أحد موظفي الحمام بمرحلة « التكييس » وذلك باستخدام كيس مأخوذ من وبر الجمل ويفرك به جسم الزائر لاخراج الأجزاء الميتة من جسمه، بعد ذلك يخضع للمساج.
لقد تعددت آراء المستحمين فمنهم من يرتاده لقضاء وقت الفراغ و منهم من يرتاده للشفاء فمرافق الحمام تشفي من عدة أمراض.
"أحب التواجد فيه لأنه يذكرني بالأجواء الشامية العتيقة كما هي في باب الحارة و سأبذل جهدي للتردد أكثر لهذا المكان، " هذا ما قالته أمينة من حيفا و هي تصف إعجابها بتصميم الحمام.
وتضيف أن الهدف من زيارتها لحمام الشفاء هو طلب الراحة والاسترخاء من كافة الجوانب، فهي بحاجة إلى ذلك و قد شعرت بالفرق.
ولم يقتصر الأمر على الفرد الفلسطيني، فنالَ المكان إعجاب العيون الغربية الأجنبية عن هذا الوطن.
آن من ألمانيا وصفت زيارتها الأولى بالتجربة المميزة و الفريدة من نوعها، وأوضحت رغبتها الشديدة في تكرار هذه الزيارة.
نعم ذلك هو الحمام الذي شاهدناه في باب الحارة لكن اختلفت الأسماء و اختلف المكان فذاك في عاصمة الأمويين دمشق و هذا في عاصمة النهضة و العمران نابلس.
"دخول الحمام مو مثل خروجه" مثل متعارف عليه جاء من الحمامات التركية أي أن من يدخل الحمام لن يخرج كما كان، بل سيخرج بشكل مختلف و حيوية وراحة نفسية وجسمية مختلفة.
