نابلس – فراس ماهر أبو عيشة
" هي ابنة جامعة النجاح الوطنية ، وابنة قسم أدب اللغة الإنجليزية ، وشعلة الكتلة الإسلامية في الجامعة " ، بهذه الكلمات استهلت والدة الإستشهادية دارين محمد أبوعيشة حديثها .
فهي فتاةٌ في العشرينيات من عمرها ، طالبةٌ في السنة الرابعة من دراستها في جامعة النجاح الوطنية ، وتدرس أدب اللغة الإنجليزية ، وابنة قرية بيت وزن الواقعة غرب مدينة نابلس ، زرعت وغرست في قلبها حُب الشهادة والاستشهاد ، وقدمت روحها من أجل الوطن والشهداء ، ومر على ذكرى استشهادها اثنا عشر عاماً وشهر .
وتُضيف والدة أبوعيشة : " بأن دارين كانت ناشطة شبابية سياسية ووطنية ، فقد كانت تُشارك في المسيرات الجماهيرية ، والجنازات ، وتزور أهالي الشهداء والأسرى ، وذلك لما تراه من معاناة وألم يحيط بالفلسطينيين جميعاً " .
وتُكمل والدتها : " اندفعت دارين نحو الوطنية أكثر ، وبطريقةٍ لا حدود لها ، وذلك عندما كانت ترى إمرأة تَلدُ على الحاجز ، وشبابٌ يُعذبون ويُهانون أمام الجميع ، وآخرون يستشهدون ويعتقلون ، فكانت في طعامها لا تطمئن ، وفي دراستها كذلك " .
وتذكُرُ والدتها بأن ابنتها كانت تأتي منفعلةً من الخارج ، وكانت دارين تقول : " لمتى رح نضل ساكتين ، ولمتى رح نضل قاعدين في الدار ؟ " ، ويكون رد والدتها : " شو قادرين نعمل ؟ ، إيدينا فاضية ، وصدورنا عريانة ، وأنا تعبت وربيتكم حتى وصلتوا لهون ، وما بهون علي أخسر حد فيكم " ، ودارين تُحدثها بِقهر : " لازم نعمل أي شي ، شبابنا بتخلص واحنا قاعدين بنتفرج عليهم ، وكل بيت بفلسطين بدو يدفع ثمن ، وبيتنا هاد بدو يدفع الثمن " ، وتُضيف دارين في قولها : " كل الأمهات يلي راحوا أولادهم ، تعبوا وربوا ، وأنا ما رح أعمل شي ، لأنو إزا بدي أنزل رح أنزل مع حماس أو الجهاد الإسلامي ، وهدول بنزلوش ... انتي ليش خايفة علي ؟ " .
وتُبين والدة دارين : " بأنها كانت تشعر بالإطمئنان ، وأحياناً أُخرى تشعر بالخوف بسبب انفعال دارين الشديد تجاه ما يحدث " .
وتُوضح والدة أبوعيشة بأنها كانت تطلب من دارين عدم الخروج والمشاركة في الجنازات والمسيرات ، بالرغم من أن والدتها تُشارك دوماً في الفعاليات بأنواعها ، إلا أن دارين كانت ترفض وتقول : " كل صاحباتي نازلين عالجنازة وأنا بدي أنزل معهم " .
وأعقبت والدة دارين قائلة : " أن دارين يئست ، وأصرت على النزول كاستشهادية تحت إسم كتائب شهداء الأقصى ، بعد رفض مسؤولين حركة حماس والجهاد الإسلامي ، واستشهدت ابنتي كما كانت تحلم وتتمنى ، والحمدلله هذا رضا من الله " .
ووصفت والدتها أفعال دارين بقولها : " دارين كانت الفتاة المُلتزمة بصلاتها وقراءة القرآن ، ولكن في اليومين الأخيرين من استشهادها ، كانت منزوية ومنعزلة عن الجميع ، وتقرأ القرآن بكثرة ، وتؤدي الصلوات في كل ساعة ، ولم تنم عينها لحظةً واحدة " .
وأكدت والدتها ان عملية استشهاد دارين جاءت ردة فعل على استشهاد العديد من أبناء فلسطين ، واستشهاد ابن خالها صفوت أبوعيشة قُبيل شهر ويومين من استشهادها .
وتُضيف أنه وبعد إستشهاد دارين ، هدمت قوات الإحتلال منزلنا ، وتم منعنا من السفر ، وحاولنا الكثير من المحاولات بتقديم كرت زيارة للخروج إلى الأردن حتى نجحت إحداها ، واستدعتني المخابرات الأردنية للتحقيق على مدار أسبوع كامل ، وبعدها أصبحت أنا وأبنائي نُسافر إلى الأردن بشكل إعتيادي ، ولكن بعد معاناة طويلة .
وتذكُر والدة الإستشهادية دارين : " أنه وبعد إستشهاد ابنتي دارين وبفترة وجيزة ، حضرت سيارة تابعة للسلطة ، وطلبوا منَّا مُرافقتهم والذهاب معهم إلى مقر محافظة نابلس لعمل الإجراءات اللازمة لإستلام رفات دارين " ، وتُكمل : " وكان طلبهم بعد توجهنا إلى مقر المحافظة ، الذهاب إلى مُستوطنة تقع ما بين مدينة نابلس ورام الله ، لعمل الفحوص اللازمة " .
ورفضت عائلة الإستشهادية دارين أبوعيشة التوجه إلى المستوطنة ، وقالت والدتها آنذاك : " روح دارين عند رب العالمين ، وإزا ما بدهم يسلمونا ياها بلاش " .
وتُشير والدة دارين بأن هُناك محامي خاص يقف من أجل تسليم رفات الشهداء ، ومن بينهم رفات ابنتنا دارين أبوعيشة التي أُستشهدت من العام 2002م ، ويُؤكد المحامي بأن ملف ابنتهم عالق لدى محكمة الإحتلال .
ويُذكر أن محكمة الإحتلال كانت قد اختلفت رواياتها ، فتارةً تقول بأنها قد سلمت رفات الشهيدة دارين في وقتٍ سابق ، وفي تارة ثانية تقول أن رُفاتها ما زالت موجودة لدينا ، وفي تارة أخرى تختلف الروايات وتتباعد في تشابهها .
وأنهت والدة الإستشهادية دارين أبوعيشة حديثها : " أُوجه رسالة إلى الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره ، وخصوصاً أصحاب المناصب ، أن يُقدروا دماء شهداء فلسطين ، وأهاليهم الذين حُرقت قُلوبهم ، وخسروا فلذة أكبادهم ، وأن يقفوا يداً واحدة ، ويسيروا سوياً ، وأن يتقوا رب العالمين ، وخاصة في ظل المعاناة التي عانوها ، وما زالوا يعانوها " .