الرئيسية / مقالات
يوم الارض ....و جلد الذات بقلم سامر عنبتاوي
تاريخ النشر: الثلاثاء 01/04/2014 02:01
يوم الارض ....و جلد الذات بقلم سامر عنبتاوي
يوم الارض ....و جلد الذات بقلم سامر عنبتاوي

 


         جيلنا الذي عاصر بداية الاحتلال و مر بمراحل النهوض الوطني قد يكون من اكثر الذين يشعرون بمرارة التراجع في المد الوطني و النضالي ...ومرت بالتاريخ الوطني ما بعد الاحتلال هبات شعبية وو طنية خلا ل مسيرة الشعب الفلسطيني و مواجهته للمحتل و لم يستكين النضال لحظة واحدة رغم تغير الاداء الوطني صعودا و هبوطا لاسباب عديدة ...فنحن نذكر هبة العام 1976 و التي حملت المواجهات الدامية في هبة شعبية عارمة  لمواجهة بدايات الاستيطان سقط فيها العديد من الشهداء و ارتوت الارض الفلسطينية في الضفة و القطاع وداخل الخط الاخضر بدماء الشهداء في يوم الارض الخالد -30 آذار 1976 - ثم كانت هبات في العام 1978 ضد اتفاقية كامب ديفيد .. و استمر النضال مرورا في العاام 1982 عقب اجتياح لبنان و مذابح صبرا و شاتيلا ...وحتى العام 1987 و انطلاقة الانتفاضة الشعبية الاولى التي انتهت باتفاقية اوسلو و دخول القيادة الفلسطينية و اقامة السلطة في الضفة و القطاع --و هنا مرت فترة من استراحة المحارب تخللتها هبة النفق  ...و حتى نهاية التسعينيات عندما تنصلت اسرائيل من التزاماتها في اوسلو  وانهاء قضايا الحل النهائي مما اظهر السلطة عاجزة عن تحقيق ما وعدت به الشعب و سادت حالة من الاحباط ادت الى  اندلاع الانتفاضة الثانية انتفاضة الاقصى بعد اقتحام شارون لباحاته في العام 2000.
 
       اذا فمنذ بداية الاحتلال و حتى اللحظة لم يتوقف نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال و بتعدد الاشكال بل انه ابتدع اساليب اصبحت مثالا في العالم للمقاومة الشعبية و ابداعاتها ...و في الفترة الاخيرة مرت علينا المناسبات و قامت دولة الاحتلال بكثير من الاجراءات من الاغتيالات الى التوسع الاستيطاني الى تهويد القدس  و الاغوار و اعتداءات المستوطنين ..اضافة الى الممارسات اللا انسانية ضد الاسرى مما ادى الى اضرابات هؤلاء الاسرى عن الطعام و ما رافقه من احتجاجات شعبية و مساندة لاضرابهم لكنها كانت في الحدود الدنيا و لم تصل الى الحد المطلوب..و سمعنا الكثير من الانتقادات و التأسي على الاداء الشعبي تجاه كل الاحداث و المناسبات و قد تفجرت هذه الصيحات بمرور ذكرى يوم الارض بالامس بمشاركات اقل من خجولة و بدون تحضير و حشد مما اوجع ضمير كل حريص على قضية الوطن و الشعب في انحسار المد الشعبي و المشاركة الجماهيرية و صب الكثير جام غضبهم على الفصائل و الاحزاب ...فهل نحن فعلا في حالة احباط عام و نكوص في الحالة الجماهيرية  ؟؟و ما دور القوى و الاحزاب في هذا الامر ؟؟و هل يحق لنا ان نجلد انفسنا ام نراجع و نقيم اسباب هذا التراجع؟؟
 
       نستطيع ان نحصر بعض الاسباب التي ادت الى تراجع المد الشعبي و المشاركة الجماهيرية في  التالي:-
 
       - غياب الافق السياسي و الوطني و فقدان ملامح الوجه الحقيقي للمعركة في مواجهة المحتل ..اضافة لطول الفترة الزمنية للاحتلال و استعماله كافة الضغوطات النفسية و الاقتصادية و الحرب النفسية لافقاد النضال من محتواه و الايمان و القناعة بجدواه.
 
       - حالة الانقسام الداخلي بما عكسه على الحالة النضالية للشعب و انكفاء الفصيلين الكبيرين لاستعراض القوى فيما بينهم على حساب العمل الوطني ..و التربص لبعض مما اضعف ادائهم الوطني و عكس مردود سلبي على المواطنين و افقدهم الثقة و الامل في التغيير. فنجد ان المشاركة و الحشد لديهم لمناسباتهم كبيرة و لا نجد هذه الحشود في المناسبات و الاحداث الوطنية و هذا ينطبق على القوى الاخرى ايضا .
 
      - ضعف اداء و برامج عمل الفصائل الاخرى و تبنيهم للاشكال المختلفة لمواجهة المحتل و تورطهم بشكل غير مباشر في حالة الانقسام و زيادة حالة التعصب الحزبي و انحسرت المشاركة في حالات كثيرة بالمناسبات الحزبية على حساب الوطنية.
 
     - ضعف اداء و دور المجتمع المدني و مؤسساته الاهلية و ضعف مساهمتهم في تطوير الاداء و التوعية و المشاركة النضالية و اعتمادهم بشكل كبير على الدعم الخارجي المشروط في كثير من الحالات و ضعف وجود لغة و قواسم مشتركة بين المجتمع المدني و القوى الوطنية .
 
    - حالة  (اللا دولة و اللا ثورة ) التي افرزتها اتفاقية اوسلو و التي فرضت على السلطة اخذ دور الدولة و عدم دعم بل في كثير من الاحيان مواجهة النشاطات الكفاحية و ضياع بعض القوى الرئيسية ما بين المشاركة في السلطة و المشاركة الجماهيرية.
 
   - الاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال على الصعيد الاقتصادي و خاصة اتفاقية باريس التي ربطت الاقتصاد الفلسطيني بالاسرائيلي  بل جعلته تابعا له اضافة الى سياسات اسرائيل الممنهجة على هذا الصعيد و السياسة الاقتصادية المتبعة للحكومات الفلسطينية  المتعاقبة و التي خلقت نظام اقتصادي مهلهل استهلاكي و لم تتبع نظام تنموي داعم للصناعات ...كل ذلك ارخى بظلاله على حياة المواطن و جعله يلهث وراء سداد ديونه و تأمين المأكل و الملبس و الصحة و التعليم على حساب اهتمامه و مشاركته في العمل الوطني.
 
    -غياب العلم الفلسطيني الجامع للكل في المشاركات و استعراض كافة الفصائل  -و لا استثني احدا - بالرايات الفصائلية مما ادى الى جعل المشاركات استعراضية في كثير من الحالات و غابت الراية الفلسطينية التي ينضوي تحتها الجميع .
 
    - البعد الجغرافي و حالة الفصل التام بين الضفة و قطاع غزة و اختلاف الحالة النضالية و عدم التنسيق مما اضعف الاداء الكلي للشعب الفلسطيني اضافة لاختلاف الاجندات و البرامج بينهما ..فاختفت حالة الوحدة.
 
    هذه بعض الاسباب و اكيد هناك اسباب اخرى ..و لكن الآن ما العمل؟؟ كيف نستطيع ان نعيد الحالة النضالية الى سابق عهدها ام نكتفي بجلد الذات ونقد الاحزاب و القوى و البكاء على اطلال الكفاح الوطني في السنوات الماضية ؟؟؟  لدي و لدى الكثير منا القناعة التامة بان الشعب الفلسطيني يملك من الطاقات و القدرات في مكنونه و ايمانه بقضيته ووطنه للاستمرار في الكفاح الوطني  و هو فقط بحاجة الى اعادة مراجعة نقدية لكل نقاط الضعف و التقصير و ليفتح حوار وطني شامل لاعادة صياغة برنامج وطني عماده الوحدة و مواجهة المحتل ..هذا ما يجب عمله فقضيتنا حية  و عادلة و مدعومة من الشرعية الدولية و تستحق منا اداء افضل على كافة الصعد ...و الاحزاب و القوى الوطنية و المؤسساتية هي من رحم هذا الشعب و قدمت التضحيات الجمة لاجل الوطن ..ما يلزمها هو فقط  مراجعة نقدية و اعادة بناء و التصاق اكبر بالجماهير و تغليب المصلحة الوطنية على الحزبية .
    
      لقد انقضت ذكرى يوم الارض بالامس ...فهل سنعمل بجد و نرفع وتيرة المشاركة الوطنية منذ اليوم و نوحد جهودنا لنصل لذكرى يوم الارض الخالد في العام القادم باداء موحد و مميز و بمشاركة تليق به ؟؟؟ الجواب بين ايدينا جميعا و لنشمر السواعد و نتوقف عن جلد النفس.
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017