بقلم – هاني ضوَّه :
لقد سجلت آيات القرآن الكريم مواقف بطولية لبعض الصحابة الكرام، الذين أصبحوا بأخلاقهم وأفعالهم قدوة للمسلمين، وخلد ذكرهم قرآنًا يتلى إلى يوم الدين، ويتعلم منه الناس حسن الخلق والتضحية.
ومن هؤلاء الصحابة صهيب الرومي .. الذي اشترى نفسه ليرضي الله عز وجل، عندما جاء الأمر للمسلمين بالهجرة إلى المدينة المنورة، خرج صهيب الرومي من مكة إلى المدينة، وفي الطريق أدركة كفار قريش بسهامهم وسيوفهم، فما كان من صهيب رضي الله عنه إلا أن صاح فيهم قائلًا:
"يا معشر قريش ، لقد علمتم أني من أرماكم رجلًا، وأيم الله لا تصلون اليَّ حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي، حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا إن شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني".
فقبل المشركين المال وتركوه قائلين: "أتيتنا صعلوكًا فقيرًا، فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغـت، والآن تنطلق بنفسـك وبمالـك؟ فدلهم على مالـه وانطلق الى المدينـة المنورة، وقبل أن يصل صهيب إلى المدينة، جاء أمين الوحي جبريل عليه السلام وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما فعل صهيب مع قريش وتخليه عن ثروته لله، فنزلت فيه الآية الكريمة: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}.
ولما دخل صهيب رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم هشَّ له وبشَّ وقال: "رَبحَ البيعُ يا أبا يحيى... رَبحَ البيعُ"، وكررها ثلاثاً، فعلت الفرحة وجه صهيب وقال: والله ماسبقني إليك أحدٌ يا صرسول الله، وما أخبرك به إلا جبريل، وتلقاه الصحابة وهنأوه بما أنزل فيه وهم يقولون: "ربح البيع يا صهيب"، فقال لهم: وأنتم فلا أخسر الله تجارتكم.
وكان صهيب قد أصابه الرمد خلال طريقه من مكة إلى المدينة، وكان يتضور جوعًا، فلما وصل قباء وجد بها النبي محمد مع أبي بكر وعمر فأقبل يأكل التمر فقال النبي صلى الله عليه آله وسلم ممازحًا له: "تأكل الرطب وأنت رمد"، فقال صهيب: إنما آكله بشق عيني الصحيحة. فتبسم النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.
المصدر: مصراوي