عندما تشرع ابواب و شبابيك البيوت المهدمة في عز البرد دون عون او حاضنة شعبية ...هناك خلل ..عندما يتصدر الاطفال و الفتيات الصغيرات المواجهة مع المحتل و الشهادة و تغيب الحاضنة الوطنية ...هناك خلل...عندما نخوض او نحاول الخوض في ثورة او معركة تحرر وطني دون قيادة وطنية موحدة ...هناك خلل ...عندما لا يدعى الاطار القيادي المؤقت للانعقاد و يبقى الانقسام المستمر منذ ثمانية اعوام و لا يصرخ احد ...هناك خلل ..عندما تفتح سجون الاعتقال السياسي في الضفة و غزة و تداس الحريات هنا و هناك و لا رقيب و لا حسيب ...هناك خلل ...عندما يعم الفساد و المحسوبيات و تنتهك الحريات و الكرامات و لا نصحح...هناك خلل ...عندما لا ينعقد المجلس التشريعي المنتخب و تنتهي صلاحيته و يبقى المسمى فلا نذهب الى الانتخاب و لا يتحمل المنتخب مسؤولياته و لو تجاوز المدة ...هناك خلل ...عندما تنتهي كل الشرعيات و لا نجدد ...هناك خلل ... .عندما تتحول مدننا الى نوعين من العيش نوع يتمتع بما تبقى من نتاج عملية سياسية مهترئة و من امتيازات وهمية ..و من صعود لرأس المال المزيف الذي لا يعرف اصله فيمتلك كل شيء و يبقى الشعب باغلبيته الساحقة يقتات الفتات على مذبح الصمود و الوطنية ..هناك خلل ...عندما يختلط علينا من عدونا و من صديقنا و من حليفنا و من في صف الاعداء و نعادي بعضنا اكثر من اعدائنا ...هناك خلل ..عندما نحمل الفي اي بي و البي ام سي في جيوبنا و نرفع القاب المعالي و الفخامة و السيادة و نحن جميعا تحت الاحتلال ...او هكذا يفترض ...هناك خلل ...و عندما يفتي الرويبضة في الامر الاقتصادي و السياسي ...هناك خلل ...عندما نبقى كما نحن فأكيد هناك خلل ...
لن اعتذر على ما تقدم ...فحقيقة هناك خلل في نظامنا الاجتماعي و الاقتصادي ..و في برامجنا السياسية ..و في اطروحاتنا السياسية ..و في مشروعنا الوطني و في تحمل المسؤولية و مراجعة البرامج و الرؤى و محاسبة النفس و ممارسة النقد و النقد الذاتي ...عندما نترك الامور تسير كما هي و نجرب المجرب و نلدغ من نفس الجحر مرات و مرات ..و عندما نعيد التجربة بنفس الادوات و الاساليب و نتوقع النتائج المختلفة ...عندما نرمي الحجر في البئر الذي نشرب منه....و عندما نبكي على الاطلال و لا نحاول تغيير الواقع ...و عندما تسود التناقضات حياتنا اليومية و يحترم السارق و يهان الشريف ...و تعطى المناصب للمتخاذل و يعزل الوطني ...عندما لا يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب..عند كل ذلك ...فهناك خلل .
نحن بأمس الحاجة لوقفة جادة مع النفس وقفة تراجع نقاط ضعفنا و اسباب تراجعنا ...و تحاسب المسؤول ...وقفة صراحة و جدية تراجع مخططاتنا و مشاريعنا و اتفاقاتنا و ادارتنا للامور ...و تراجع التشكيلة الفسيفسائية لتشكيلاتنا الحزبية و الوطنية و برامجها ...باختصار وقفة تراجع ما مضى بايجابه و سلبه ...بانجازاته و اخفاقاته ...و تبني لمستقبل مشرق عماده الشباب و الامل و العمل و النضال و الالتزام بالخط الوطني و رفض المدخلات...وقفة مصارحة تقول ان اوسلو و باريس كانا خطأين يدفع الشعب ثمنهما ..و ان لا وجاهة و لا كرامة و لا قيمة لاحد تحت الاحتلال الا قيمة الوطني الصادق و المواجه للاحتلال و ممارساته ضمن مفهوم وطني واضح يقول ان الاحتلال يقاوم حتى انتهائه و لا يتعايش معه و لا يتفاوض معه بشروطه ...باختصار لانرسم البسمة على وجوهنا في مواجهته ...
لا شك ان كافة الظروف الموضوعية من ممارسات الاحتلال من انتهاك المقدسات و اطلاق عنان المستوطنين و من الاعدامات الميدانية و هدم البيوت و هدر الكرامة و سرقة و قضم الاراضي و استعار الاستيطان و غيره الكثير تهييء ارضية و مناخ لهبة فانتفاضة فثورة مضافا لكل ما سبق غياب الافق السياسي و حالة المستقبل المجهول للشباب و الضيق الاقتصادي و البطالة ..كل هذه الامور تقود لحقيقة ثابتة ...ان الشعب مهيأ للثورة على الاحتلال و هناك كم هائل من التضحيات و سخاء في الدماء و تفاني في مقاومته ...و لكن للاسف فبحجم هذه التضحيات لم يهيأ لقيادة موحدة تكون حاضنة و مربية و معلمة و موجهة للنضال ...بل على العكس هناك من يحاسب و ينتقد من خلف المكاتب و هناك من يتشدق بالنظريات و المحاسبة الفوقية دون الانصهار في العمل ...هناك من ينتقد الاطفال و الفتيات بهدر دمائهم دون محاولة التوجيه و الاحتضان ...و هناك من يريد الابقاء على حركة بمقياسه و توجيهاته تحافظ على مصالحه و تحمي امتيازاته و مكاسبه ...هناك حالة اشبه ما تكون بوضع الحطب في المدفأة للاستفادة من دفئها دون دفع ثمن الحطب و دون ( تلويث ) الايدي بغبارها و حماية الانف من دخانها ...هذه حقيقة مرة و مؤلمة و لكنها حقيقة ..
نعم شعبنا معطاء لم يبخل بالدم و المال ..و لم يبخل بشيء و هو واعي لقضيته و خبيرا بعدوه و اجرائاته لاينطلي عليه خداع و اكاذيب المحتل ...و هو مؤمنا بقدراته و جاهزا لدفع الثمن و تقديم التضحيات ...و هو يفتقر الى القيادة التي توجه نضاله و تضمن له ان لاتذهب هذه التضحيات لاتفاقات هزيلة او مكاسب و امتيازات للبعض ...الشعب يعي ماضيه و حاضره و يسعى لغد افضل و مستقبل مشرق و يحتاج الى قيادة وطنية حكيمة تخرج من رحمه و تعيد اليه اعتباره ...فهل ستظهر هذه القيادة ...انا متأكد ان الجواب نعم و لو بعد حين .