كاريساليو (المكسيك) - ينقب سكان قرية كاريساليو في جنوب المكسيك في محيط مناجم الذهب عما يكسبون به رزقهم، لكن بعضهم يملأ حقيبته بالذهب فعلا والبعض الآخر يقع على ذراع أو عظمة أو إصبع أو غيرها من الرفات البشري المدفون سرا قد يكون أصحابها قضوا في جرائم.
يقول ريكاردو لوبيس البالغ من العمر 59 عاما، والذي يدير تعاونية محلية لإدارة الأراضي “حيث يوجد العسل يوجد النحل”.
وتشرف على هذا المنجم شركة “غولدكورب” الكندية، وهو يظهر للعيان من قرية كاريساليو البالغ عدد سكانها ألف نسمة، والمنجم افتتح في عام 2007، ويعمل فيه 2600 شخص من القرى المجاورة، وبلغ إنتاجه في العام الماضي 250 ألف أونصة من الذهب.
واعتاد السكان التعبير عن سعادتهم لوجود هذا المنجم الذي وفر لهم فرص عمل، إلاّ أنهم في المقابل يعربون أيضا عن قلقهم من عودة أعمال الخطف والقتل والابتزاز.
وعانى لوبيس نفسه من إجرام العصابات، فقد خسر ابنه المسؤول في نقابات عمال المناجم في أغسطس الماضي، حين أرداه مسلحون على باب المنجم بعد انتهاء عمله.
ومنذ ذلك الحين، طلب لوبيس من شركة “غولدكورب” تمويل حماية العمال من عنف العصابات ومرافقتهم إلى منازلهم.
ومع أن الشركة الكندية رفضت ذلك، إلاّ أن عناصر من الشرطة باتت ترافق القوافل المنطلقة من المنجم وصولا إلى مساكن تحظى بحماية مشددة مخصصة للمهندسين.
يقول ميشال هارفي مدير الشؤون الأمنية في “غولدكورب” الكندية “نواصل تشجيع السلطات المكسيكية على فعل ما في وسعها للتصدي للعنف”.
وعلى بعد ساعتين من المنجم، يعاني السكان في نويفو بالساس من تصاعد أعمال العنف منذ حطت شركة الاستثمار المنجمي الكندية “توريكس” في منطقتهم للتنقيب عن الذهب.
وقبل عامين، شكل السكان ميليشيا محلية للدفاع الذاتي تتصدى لعصابة المخدرات “لافاميليا ميتشواكانا”. وفي سبتمبر، وقعت شركة “توريكس” اتفاقا مع السلطات المحلية لتمويل تعزيز وجود عناصر الأمن في القرى المجاورة. وفي مارس، خطف ثلاثة عمال مناجم وقتلوا في المنطقة نفسها.
وفي يونيو من عام 2014، اقتحم مسلحون من عصابة “غيريروس أونيدوس” قرية كاريساليو وقرعوا أجراس الكنائس فيها لإعلام السكان بأنهم “سيطهرون” القرية من عناصر عصابة “لوس روخوس” المنافسة، على ما يروي رئيس بلدية القرية نلسون فيغويروا.
وأسفر ذلك اليوم عن مقتل ستة أشخاص، وأجبر المسلحون عمال المناجم على شراء الطعام والوقود وبطاقات الشحن الهاتفية لهم، وقد اضطر بعض العمال إلى إنفاق نصف مداخيلهم تلبية لطلبات المسلحين، كما منع المسلحون سكان القرية من مغادرتها إلاّ بعد الحصول على إذن مسبق.
في ظل هذا الواقع، يأمل السكان بأن تنتشر قوات من الجيش في مناطقهم لتأمين حمايتها من العصابات ومن عناصر الشرطة المتواطئين معها.
ويقول فيغويروا “نعيش في منازل لا نوافذ لها، وأبوابها من الفولاذ، نحن نعيش في ما يشبه الحرب”.