لا يختلف عاقل أن المحبة أم رمهم و يتطلع إليها كل البشر وغيرهم كذلك ،، من منا لا يحب أن يحسن إليه أحد أو يلاطفه ويواسيه على ما يصيبه من كدر وهم ومصائب ،،، ويعينه في شؤون حياته من قضاء حاجة أو سد عجز أو المساهمة في تخفيف عنه همومه وأحزانه وما أكثرها في أمتنا ،،، يوصف عالمنا بأنه " عالم الاكتئاب والقلق" ، لما فيه من تنغيص في العيش وابتلاء في الرزق وفقدان للأحبة والخلان ،،، نحن مدعوون في يومنا هذا أن نكون أهل المحبة والوئام ،،، أهل التقرب والاحترام ،،، أهل صفاء النفوس والأبدان ،،،
يقول جون ديوي أبو علم النفس الأمريكي " أعمق حافز للطبيعة البشرية أن تشعر الآخر بأهميته " ،،، وقد سبق هذا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حينما قال " حقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي, وحقت محبتي للذين يتصادقون من أجلي". رواه الطبراني ،،، هناك أحاديث كثيرة في المحبة وأجرها وثوابها ،،، بل إنعكاس أثر الشخص الذي يحب الآخرين في الدنيا والآخرة ،،، لا شك أن المحبة كنز يديم العمر ويجلي النفس من خبثها وشحها وسوداويتها المقيتة ،،،
وقد ربط العلماء ما بين المحبة للآخرين والانسجام والتواصل معهم بالصحة العقلية والبدنية ،،، حيث يشير الدكتور هشام أبوالنصر أستاذ المخ والأعصاب أوضح أنه كلما زادت صلات الإنسان الاجتماعية وقويت ازدادت قدرته علي مواجهة الأمراض خصوصاً الأمراض النفسية والتي يعد الاكتئاب أخطرها, فمحافظة الإنسان علي الترابط العائلي والأسري تسهم في توسيع مجال أفكاره وتلعب دوراً كبيراً في تأخير ظهور أعراض الشيخوخة عليه خصوصا شيخوخة المخ حيث يدعم الحب قدرات الإنسان الذهنية ويجعله في نشاط دائم لأن الوحدة التي تنتج عنها الإصابة بالاكتئاب تؤدي إلي خمول الذهن وانخفاض قدرته علي المتابعة ويصبح المخ عرضة للإصابة بالزهايمر لذلك ينصح الأطباء كبار السن بضرورة الدخول في علاقات إنسانية وعاطفية حتي يشغل جسمه وذهنه ويبعده عن التفكير في المخاطر التي يتعرض لها في هذه المرحلة السنية.
وقال الدكتور هشام إن الأشخاص الذين لا يتمتعون بعلاقات المودة والحب أكثر تعرضا للإصابة بجلطات المخ والقلب وتصلب الشرايين وضعف الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول وفقدان الشهية والأرق وأمراض الشيخوخة واضطراب الانفعالات وآلام المفاصل وأخيرا السمنة الناتجة عن الأحزان والتشاؤم.
نعم ! ما المطلوب منا أن نفعله ،،،، يتحتم علينا أن نجلي العاطفة السامية موقعها ووقتها لتنشر المحبة والألفة لمن نعيش معهم ولهم وبجوارهم بعدما سمعنا أثرالمحبة وتأثرها في الحديث الشريف وأقوال العلماء المتخصصون ،،، فمن حرص على محبة الناس ،،، فإنه محبوب عندهم لا محالة .ومحبته تعني احترامهم ، واشعارهم بالأهمية والقبول القلبي ،،، فإن المحبة للآخرين تعني محبة مجموع السعادة التي يحملونها في أنفسهم ،،،، وكما قيل تحدث للرجل عن نفسه ينصت لك ساعات ،،،، ما أحوج الشعب الفلسطيني أن يشعر بعضه بعضاً وكذلك كل الشعوب العربية والأسلامية ،،، لا بد من أن نسهم في لم جراح من نواسيه وندعمه ونقف في صفه ،،، ونكفل له ما يصيبه من خسائر وضياع للممتلكات والحاجات ،،، قرأت قبل يومين أن ارك زوكربيرغ وزوجته مؤسس موقع الفيس بوك الاجتماعي تبرع بقيمه 99% ثروته البالغة 45 مليار دولار ،،، فحري بنا أن نديم محبتنا ومساندتنا حتى نشعر يقيمه حياتنا وأثرنا على هذه البسيطة .
أقول لكم شيئاً أخيراً ماسلو عندما وضع هرم الحاجات التي تتحدث عن إشباع الدوافع الفطرية والشعور بالأمن وتنمية الناحية الاجتماعية والتقدير وتحقيق الذات ،،، قبل أن يموت بستة أشهر قال أن هذا الهرم الذي وضعته من عشرات السنين لا يلبي حاجة تحقيق الذات ،،، قالوا له وما هو الشيىء الذي يحقق ذواتنا بالإضافة لهذا الهرم ، أجاب أنه العمل التطوعي الذي يخدم البشر ويعينهم على صعاب الحياة وأزماتها ،،،