قلة؛ من هم حاولوا أن يجمعوا ولا يفرقوا في قضية اغتيال دولة الاحتلال للقائد سمير القنطار؛ حيث انقسم الشارع العربي والفلسطيني لقسمين؛ ولكل مبرراته وحججه التي يقيمها على الطرف الآخر، في ظل الضبابية والإرباك والفوضى، وحالة الفرز والشحن المتعاظم لكل فريق.
هل من الكياسة توجيه الاتهامات يمينا وشمالا، وإفراغ الطاقات في صراعات ثانوية على حساب الصراع والتناقض الرئيس وهو هنا الاحتلال؟! أم أن الذكاء والفصاحة تتطلب تجميع الجهود والطاقات في مواجهة العدو الحقيقي؛ وليس في صراعات طائفية مقيتة لا طعم لها ولا لون ولا رائحة؛ سوى هدر طاقات الأمة التي يفرح لها الاحتلال.
أصحاب الحق وعلى الدوام كانوا هدف هجومي محبب ودائم لأصحاب الباطل؛ الذي وان كان مكرهم لتزول منها الجبال؛ إلا انه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، وبالتالي الصراع لن يتوقف؛ والمنتصر هو من خطط بدقة متناهية متوكلا على الله، وليس لمن تبع عواطفه وهواه، وأحقاده الشخصية والطائفية والفصائلية المقيتة.
كل من استخدم لغة الشتم والطعن والعبارات المسيئة؛ أساءت له قبل غيره، فلا يعقل أن تكون اللغة السائدة في تقييم الحوادث والأفعال والحكم على الأشياء؛ هي لغة الفاحش من القول؛ بدل الحكمة والكلمة الطيبة التي تجمع ولا تفرق؛ بل وتغيظ الاحتلال وتقهره قهرا وتجعله لا يلوي على شيء.
قد تتيه البوصلة في ظل زخم الأحداث الكبرى الحالية والحروب والفتن العربية العربية؛ حتى يصبح الحليم حيرانا؛ ولكن بقليل من الهدوء والتأني تعود البوصلة لوجهتها الصحيحة، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أولى الناس بها.
القضية الفلسطينية في أشد الحاجة لأي دعم كان ومن أي جهة كانت؛ وليس من الحكمة ترك وهدر أي دعم، وتكثير الأعداء والخصوم لها، ففيها ما يكفيها، وحشد طاقات الأمة العربية والإسلامية ضد الاحتلال هو مطلب الجميع؛ مقارنة بدولة الاحتلال التي حشدت وما زالت تحشد الدعم الغربي لها برغم أنها على باطل.
أين الحكمة في تكثير الأعداء وعدم تحيدهم؟! كل فلسطيني يعلم ويعرف الثمن الكبير الذي دفعته القضية الفلسطينية نتيجة الدخول في المحاور والاستقطابات العربية؛ واكبر مثال على ذلك غزو صدام حسين للكويت وما نتج عنه من خسائر عربية وفلسطينية.
كيف يستطيع قيادة الشعب الفلسطيني أن يجعلوا الأمة العربية والإسلامية؛ أن تجمع على أن القضية المركزية لهم هي القضية الفلسطينية وليس غيرها؟! كيف للفلسطينيين أن ينجحوا في هذه المهمة الصعبة ما لم يتوحدوا؛ أو على الأقل عدم الدخول في الخلافات العربية العربية والمشتعلة بقوة؟
هل من الحكمة تقطيع أواصر الأخوة والعلاقات لمجرد اختلاف في الآراء أو الاجتهادات؟ وهل الحياة الدنيا أصلا إلا مجموعة تناقضات وصراعات لا تتوقف لاختلاف الرؤى والمصالح؛ ولكن الكيس الفطن من يركز على التناقض الرئيس، ولا يهدر طاقاته وقوته في تناقضات ثانوية هامشية.
تصيد الأخطاء للفصيل كذا وكذا، وقضاء وقت طويل في النبش عن الهفوات، أو فبركة قصص باطلة، هو عمل غير مجدي، فحبل الكذب قصير، وينقلب الأمر ضده؛ والأجدى من ذلك توحيد الطاقات والجهود، وان يشمر كل فرد وعنصر عن ذراعيه وينطلق في بناء وطنه والتضحية له على قدر استطاعته، والتاريخ لن يرحم وسيسجل بأحرف وبمداد من ذهب كل من قدم وضحى؛ بعكس من خطط وشوه وفبرك وأهدر طاقات وطنه؛ فسيكنس إلى مزابل التاريخ غير مأسوفا عليه؛ عندها سيندم وقت لا ينفع الندم.