memantin iskustva memantin kosten memantin wikipedia">
رشا أحمد
موكبٌ مهيبٌ من الشهداء, وأهالٍ يلقون نظرة وداعٍ أخيرة, وقبلة على جبين ندي اختلطت به قطرات الدم, والعرق, وحب الوطن وتجمدت سويا ً, وضمة شوق تنسيهم درجة تجمد ذويهم لفرط ما فيها من حرارة وجعٍ وحنين.
بعد شهر أو أكثر من استشهادهم عادوا بجثثهم الباردة, وأفئدتهم الدافئة التي لا زالت تنبض في صدور ذويهم, وأهالٍ يستقبلون جثث فلذات أكبادهم المتجمدة, في أول أيام السنة الجديدة, يومٌ كانوني بارد يأبى إلا أن يتضامن مع جثث الشهداء, وسماءٌ لا تكف عن النحيب.
أجسادهم المجمدة, المتصلبة, التي يكسوها الصقيع, تجتاح الأرواح, تربكنا, توخزنا حد الوجع, وجوه باردة يعلوها الصقيع, تجمدت لأكثر من 60 درجة تحت الصفر,لأيامٍ, لشهرٍ, أو لأشهر في برادات احتلال موغلٌ في القتل.. موغلٌ في الحقد والكره, موغلٌ في تدنيس كل شيء, ويده ملطخة بكل ما هو قذر.
يودع الأهالي ذويهم بدموع ٍ ذرفت من أيام طويلة أو أشهر ولم تجف بعد, دموع حارقة تنساب راسمة طريقها على صقيع تلك الوجوه, علَّ لفح حرارتها يهب تلك الأجساد بضعاَ من الدفء, جثث باردة توقظ الوجع والألم وتجدد جراحا ً لم ولن تندمل يوما ً.
كيف لقلب أم الشهيد "بسيم صلاح" أن يدفأ بعد ذلك العناق, وكيف لوجنتي والد الشهيدة "أشرقت قطناني" أن تعود لهما الحرارة بعد تلك القبلة على وجه ابنته, وكيف لدموع زوجة الشهيد "شادي الخصيب" أن تذوب بعد أن تجمدت على وجه زوجها, وكيف لقلب ابنته أن يكف عن الرجفة بعد رؤية الصقيع على وجه أبيها.. وكيف.. وكيف..
وكيف لهم أن ينسوا ويغفروا حرمانهم من وداع دافيء لقطعٍ من أرواحهم, وعناق يتحسسون فيه حرارة وغليان ذلك الدم الذي ثار وسال من أجل وطن.