كيف نستقبل العام 2016 كتبه : د. أكرم عثمان
مستشار وخبير دولي في التنمية البشرية
Akrammisbah44@yahoo.com
5/1/2106
حرص الكثير منا قبيل أو في مطلع العام 2016 على تهنئة الأقارب والأحباب والأصدقاء والناس بقدوم العام الجديد الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون عام الخير والصحة والتمكين والنصر ،،، عام مليء بالمفاجآت السعيدة التي تجلب الرفاهية والاستقرار لنا جميعاً ،،، يجلب البركة والنفع على الأمة العربية والإسلامية ،،، ويعم الوفاق وأن يكون العالم آمناً بعيداً عن الصراعات والحروب الفتاكة التي تحصد الأخضر واليابس ،،، عام تعمر فيه النفوس ويعمها الهدوء والسكينة ،،، يبنى ويشيد فيه ما قد هدم ودمر ،،، ينشر فيه المحبة والوئام بين أفراد الأسرة الواحدة ،،، العائلة الواحدة ،،، المؤسسة الواحدة ،،، المجتمع الواحد ،،، العالم الواحد ،،، كلها أمنيات لعلها تتحقق مع قدوم العام الجديد .
دعونا نتسائل ما الذي خططنا له من أهداف لتحقيق الأمنيات التي تحدثنا عنها وعن غيرها ،،، هل قمنا بتقويم ما فعلناه في العام الماضي ،،، بإيجابياته وسلبياته ،،، بالأفكار و المواقف والأحداث الصحيحة و الخطأ ،،، بالأهداف التي وضعناها لأنفسنا ولغيرنا ،،، من الصعوبة بمكان أن ندخل في تجارة دون أن نحاسب أنفسنا ،،، ونتعرف على نقاط القوة والضعف ،،، والمكاسب والخسائر ،، والواردات والصادرات .
نهلل كثيراً للقادم الجديد دون أن نقوم بجرد حساب الماضي ، والتعرف على ما قمنا به عبر عام من الزمن ،،، لذا لا بد أن يكون لنا أحلامنا ورؤيتنا للحياة القادمة وأن نضع لها أهدافها وبرامجها ، ونخطط لها بكل أبعادها وتوازناتها المختلفة ( الشخصية ، الاجتماعية ، المالية ، المهنية ، الصحية ، الثقافية والمعرفية وغيرها من المجالات).
ما يهمنا في العام الجديد أن نتعرف على ما ضاع من حياتنا ، ونضع له الوسائل والإجراءات العملية للتغلب عليه ، و الانشغال في كل ما هو مفيد ويعود علينا بالنفع ، فالأوقات تسرق منا دون أن ندري بها ، ذواتنا إن تعودت على الترهل والكسل والخمول تقودنا إلى مربع الضياع ،،، مربع تقضى فيه الأوقات بما لا يليق ، أوقات نخسرها في ترهات التسلية والسهر والمرح الزائف دون أن نجني منها سوى خسارة صحتنا وتدمير طاقاتنا وجلب كل ما هو ضار لنا ولمن حولنا ،،، أما أن تعودنا على التخطيط الجيد ووضع الأهداف العليا القائمة على الأبعاد والتوازنات التي ذكرتها آنفاً ، سنجني منها فوائد جمة مليئة بالخير والبركة ،،، سيكون لنا عام مفعم بالنجاحات ، مكاسب إدارية ومعرفية ونفسية وصحية واجتماعية ومالية ومهنية كبيرة ،،، يكفي أننا نسير في مربع التميز والجودة والارتقاء نحو سلم أصحاب الإنجازات ، الذين يسطرون معالم عامهم ببصمة قوية ذات أثر عظيم على أنفسهم وعالمهم الذي يعيشون فيه ،،،
إن الأمم لا ترتقي إلا إذا أعدت نفسها واستثمرت قدرات وطاقات أبناءها بكل السبل والطرق المفيدة والناجعة ،،، " فقد سئل عن سر نجاح التجربة أو المعجزة اليابانية؟ ياماشيما HAJIMI YAMACHIMA من جامعة كيوتو وهو أحد أشهر الأخصائيين اليابانيين في الإدارة
والتسيير ، فأجاب : أن الاعتقاد السائد هو أن اليابانيين يعملون أكثر ولكنهم في الحقيقة يعملون أفضل، أنهم كغيرهم يعملون 43 ساعة في الأسبوع أي 2000 ساعة في العام بينما يعمل الكوريون 3000 ساعة في العام أي بزيادة الثلث، ليست هناك معجزات وخوارق، إن العامل في اليابان " يتفوق في تأهيله الثقافي والمهني على زميله في أوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية إن الجامعة والمدرسة هما قوتنا الضاربة وأما الذخيرة فهي الانضباط الذاتي. فلا حاجة لتعيين جيش من المراقبين والمفتشين يقضي نصفهم أوقاتهم في حراسة النصف الآخر( د. لملوم ).
نجحت اليابان من خلال منظومة القيم والجودة والشراكة والتعاضد والانضباط الذاتي ،،، كل فرد فيها استطاع أن يعرف موقعه ودوره ، حرصوا على إعداد وتأهيل طلبتهم منذ طفولتهم وحتى الجامعة على تحمل المسؤولية والجد والاجتهاد ، وبناء الضمير الأخلاقي المتمثل في الانضباط الذاتي بعيداً عن دور الرقيب والمفتش ،،، هكذا تتميز الأمم وتصبح لها قيمة ووزن و تتطور وترتقي في سلم المجد والعلياء .دمتم سالمين