memantin iskustva oogvitaminer.site memantin wikipedia
"> memantin iskustva oogvitaminer.site memantin wikipedia لم يكن هدوء تلك الليلة إلا مشوباً بالحذر ، يتغلغل بين هبات الريح فيه قلق ممزوج بأطيافِ من الفرح !! القادم أسوأ ، هل يا تًرى ستسقط المدينة ؟ هل علينا أن نواجه كل تلك الدبابات التي بدأت بال ">كتب قتيبة قاسم/
لم يكن هدوء تلك الليلة إلا مشوباً بالحذر ، يتغلغل بين هبات الريح فيه قلق ممزوج بأطيافِ من الفرح !! القادم أسوأ ، هل يا تًرى ستسقط المدينة ؟ هل علينا أن نواجه كل تلك الدبابات التي بدأت بالزحف من كل حدب وصوب ، هل علينا أن نبقى تحت رحمة " الزنانة " ترانا ولا نرى منها إلا صوتها كأنه يقول إني أراكم واحداً واحداً ، إلزموا منازلكم ، هل كان علينا أن نؤجّل الفرح يوماً آخر ، لا تنَم يا أخي ولا تتأخر يا والدي ، نشرات الأخبار تتلاحق والميدان يستعر ، هل سيصمد المقاتلون ؟ يوماً آخراً ، هل في جعبتهم ما يكفي لوقف زحف الجنود المدجّجين ؟؟
كانت الأمطار تحكي حكايا الدفء في وقت اشتداد البرد ، إنه نيسان ، كم تمنيت لو كان الحصار كذبة ، لكنها كانت ستكون كبيرة ، طويلة بطول الأربعين يوماً ، كيف لهذا العالم أن يحتمل الحقيقة أربعين يوماً لا يحرّك فيها ساكنا ، وكيف له أن يرى كذباً بواحاً فيرتعد ويرتجف ، هذا عوار ليس كأي عوار ، سقطت كل الأقنعة يوم أن سكتوا دهراً عن كنيسة بجوار مسجد يحترقان ، معاً ، ما فرّقت يد الغدر ولا آلياته ولا جنوده الغوغاء بين بيتين طاهرين ، وما كان يفهم الرصاص أي الصدور يخترق ولا أي الجُدر يصيب ، نفذت الذخيرة ، احتدم الموقف وبلغت القلوب الحناجر ، ضاقت الأرض وكانت كنيسة المهد الملاذ ...
يُرخي الليل الستار ، تتقدم القوات ، مكبرات الصوت تلعلع في الأجواء ، يبدأ إطلاق النار ، تحترق الكنيسة ، الدخان يملأ المكان ، محاولة اقتحام ، قناصة ومنطاد ، شهيد يرتقي من داخل الكنيسة ، وآخر يرتقي صاعداً يدقّ الجرس !! ما فرّقت الرصاصات بين مسلّح وآخر يتسلّح بالصمود ، يُمنع التجوال أياماً وأسابيع ، حصار خانق ، الدبابات تغدو وتروح ، على هذا المنوال مضت أربعون ، كسنيّ يوسف ، مات فيها الأمل ، وانقطع الرجاء ، تُرك مهد المسيح ينزف ، يحترق بصليات الرصاص ، يُمنع الأذان في مسجد الفاروق عمر المجاور وتشتعل فيه النيران ، مدّ وجزر ومفاوضات ، أظهرت عوار الغرب ونفاق مَن ساوموا على صبر المضطهدين وعذابات ذويهم ، جاءت وفود وغادرت أخرى ، أدخِلوا الطعام وأخرِجوا الشهداء والمصابين ...
أما المشهد الأخير ، فترتجف أطرافي وترتعد منه ، كل حكايا الحصار لخّصتها دمعة ، بل الدموع كانت مدراراً ، حان موعد الفراق وحان الرحيل ، بدأ الحصار يتفكك ، بدأ الأهالي يقتربون شيئاً فشيئاً علّهم يتنسمون رائحة الأحباب ، يحتفظون بعبيرها ، لم يتجاوزوا الحواجز فاعتلوا أسطح المنازل وبدأ الصراخ والعويل ، وغادر المقاتلون تنقل صورهم شاشات التلفزة ، غادروا المكان وسط زخات المطر الحانية ، بدأ الحصار بالمطر وانتهى بالمطر ، وما بين البداية والنهاية حكايا رواها الشهداء بدمائهم ضمّخت ترب مهد المسيح وكللّت وجوه المجرمين الصامتين الهالكين بالعار والشنار ، للمبعدين منّا سلام ، للشهداء ، وكلكم إليها عائدون أحياء ...