الجلوس مع الذات والاستماع لها كتبه : د. أكرم عثمان
نحن نعيش في خضم الحياة ونسارع الخطى ونركض سريعاً لتحصيل لقمة عيشنا ،،، نبحث عن أرزاقنا ونحاول جاهدين أن نضع بصمة نجاح في كل مشروع نقوم به ،،، لا نلتف إلى ذواتنا ولا نجلس معها ولا نستمع إلى مطالبها أو أنينها وصرخاتها إذا ألمت وتوجعت ،،،، تمر علينا لحظات وفترات نريد أن نجلس مع أنفسنا ، لنوجه لها العديد من الأسئلة ،،،، هل أنا أتمتع بالثقة في نفسي وقدراتي ؟ هل أشعر بالرضا عن ذاتي ؟ ،،، ما هي أهدافي في الحياة ؟ هل أنا ناجح فيما أقوم به من أعمال ؟ ،،،، هل أبدو سعيداً ومسروراً ؟ هل إدارتي لذاتي جيدة ومتميزة ؟ ،،،، كلها أسئلة تدور في أذهاننا ،،، نبحث عن إجابتها في داخل أنفسنا ، لكننا لا نعرف الإجابة عليها ،،، نبحث عن إجابتها لدى الآخرين ،،،،
إن الناجحين والعلماء والمبدعين تمكنوا من الإجابة على هذه الأسئلة ، عرفوا ذاتهم فأداروها جيداً ، إدارة تحقق لهم الرؤية والأهداف التي بنوها وعملوا عليها عبر سنين حياتهم ،،،، إن الحياة مليئة بالأشياء والمواقف والأشخاص والمعضلات والمشكلات ، وجميل أن نجلس مع ذاتنا ونستمع لها ، ربما تكون هذه الرسائل الداخلية التي نخاطب بها أنفسنا متعلقة بالأفكار والمعتقدات والمشاعر والسلوكيات التي ننتهجها في حياتنا.
كثير منا يود أن يسمع تقييم الآخرين له ،،، ويتبادر بالسؤال ،،، كيف تراني ،،، هل أنا واثق من نفسي ؟ هل تجدني ناجح في علاقاتي مع الناس من حولي ؟ وهل و هل ؟ ،،،، العديد من التساؤلات لا جواب لدينا ، إنما نود أن يدلنا الآخر عليها ،،،، وإذا بادر أحدهم وانتقد ذواتنا ، ظهر علينا علامات التجهم والغضب على ما يقوله نحونا ،،، ونندم على أن صارحنا بتلك الصفات أو المسلكيات السلبية ،،،
إن لكل واحد منا طريقته في استقبال الرسائل التي تدور بداخله ، فمن الناس من يدرك صحة فكره ومشاعره ويعمل دوماً بقناعة كبيرة على تغيير وتطوير نفسه ، ومنهم من يعتبر نفسه لا يعاني من شيء وهو دائماً على صواب ولا يحتاج إلى تغيير لأن وضعه على ما يرام ،،،، تذكرت أحدهم عندما قيل له " يا رجل وزنك زائد جداً ، لماذا لا تلتفت إلى نفسك وتعمل على تخفيف وزنك ، فزيادة الوزن مع التقدم بالعمر فيها ضرر كبير،،، أجاب " أنا صحتي جيدة وجسدي ممتاز ولست بحاجة إلى تخفيف وزني " ، ومن الناس من يستمع لذاته ويعرف أنه بحاجة إلى تغيير ، لكنه غير مقتنع أنه يستطيع أن يغير شيء ، ذلك لأن إرادته وثقته بنفسه ضعيفة ،،،،
إن عدم الوعي بالذات وإهمال الجلوس معها و عدم الاستماع إليها من المشكلات العظمى التي يعاني منها عديد من الناس ،،،، ما المطلوب إذاً ؟ أن يعيي الشخص بأهمية الاستماع للذات التي يتمكن عبر محطات وسنين حياته أن يحدد مسلكها و مطالبها وما يهمها وما يشغلها ،،، وكيف السبيل للخروج من الهموم والمشكلات ؟
إن محور المعادلة هو الإنسان ذاته ، فمتى ما أدرك الإنسان الاعتقاد و القناعة وإمكانية التغيير والتحول من الفعل السلبي إلى الفعل الإيجابي فإنه سيتغير ، وسيتمكن من إحداث التغيير الإيجابي الذي يعود عليه والآخرين من حوله بالنفع والفائدة ،،،، إذن التغيير يبدأ من الداخل إلى الخارج وليس العكس ، أبدأ بنفسك وبتغييرها قبل أن تغير الآخرين ، أبدأ بنظرتك إلى نفسك ، والطريقة التي تفكر فيها . دمتم سالمين