أعلن مدير عام شركة كهرباء القدس أن الشركة ستضطر إلى استحداث برنامج قطع مبرمج للكهرباء عن المشتركين؛ لعدم موافقة الكهرباء القطرية الإسرائيلية على زيادة كمية الكهرباء المغذية لمحولات كهرباء القدس.
من ناحية أخرى، تعاني تجمعات بأكملها في شمال الضفة الغربية من عدم انتظام تدفق الكهرباء إلى منازلها ومصالحها التجارية، وكلنا يستذكر ما حدث ويحدث تحديداً في قلقيلية وطولكرم وسلفيت، حيث تفوق المعاناة من نقص في الأحمال الكهربائية بما يتجاوز 30% من الاحتياجات اليومية؛ لعدم موافقة إسرائيل منذ عام 2012 على زيادة الكميات المباعة لتتواءم مع النمو في الاحتياجات نتيجة للتغيرات المناخية والنمو السكاني والانفراج الجزئي للوضع الاقتصادي.
في هذه الأثناء، فإن السلطة الفلسطينية لم تتمكن حتى الآن من تأمين فرصة واقعية لتوليد الكهرباء، سواء عبر الاستثمار الخاص أو استثمارات السلطة الفلسطينية في محطات التوليد التقليدية.
تستخدم إسرائيل حاجتنا الماسة للتزود في الكهرباء كأداة ضغط سياسية، فمثلاً، من مصلحة إسرائيل أن يتناقص عدد السكان في المحافظات المستهدفة بالاستيطان مثل قلقيلية وطولكرم وسلفيت، وكذلك من مصلحتها عدم تبلور صناعة فلسطينية منافسة، وحيث إن الطاقة تعتبر من أهم مدخلات وتكاليف الإنتاج، فإن عدم انتظام توفر الكهرباء يؤثر حتماً في قدرة الصناعة المحلية على ضمان توفر السلع المنتجة في مواعيدها، ناهيك عن أن تكلفة الكهرباء في فلسطين هي الأعلى في المنطقة العربية، حيث تشير التقديرات بأن معدل سعر الكيلوواط لا يقل عن 70 أغورة.
أمام هذه التحديات، ولتجاوزها، ونظراً لأن الله خص فلسطين بمناخ معتدل وما لا يقل عن 315 يوماً مشمساً في العام، تصبح مسألة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية خياراً سياسياً بامتياز للحد من التبعية الطاقية لإسرائيل، إضافة للجدوى الافتصادية والبيئية، خاصة وأنه وفقاً للإحصاءات المتوفرة فإن 88% من الكهرباء المستهلكة يتم شراؤها من إسرائيل.
وتشير المعطيات إلى أن الجدوى الاقتصادية لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية مرتفعة بالمقارنة مع الاستثمارات في قطاعات أخرى، وبالتالي من المنطقي أن يكون هناك إقبال كبير على بناء محطات طاقة شمسية في فلسطين، ومن مصلحة السلطة الوطنية أن يتم توفير البيئة الاستثمارية الممتازة لمن يرغب_ مواطن، تاجر، حرفي، مستثمر_ في الاستثمار ببناء محطة طاقة شمسية لاستهلاكه الخاص.
ولكن، على الرغم من اتخاذ قرارات عديدة من قبل السلطة لتنظيم قطاع الطاقة المتجددة، فإن حجم الاستثمار الذي تم منذ العام 2012 وحتى تاريخه لا يتجاوز 10 مليون دولار، في الوقت الذي يجري الحديث فيه عن استثمارات تفوق 1.5 مليار دولار في دول مجاورة كالأردن خلال نفس الفترة، والسؤال لماذا؟
لست مختصاً في هذا القطاع للإجابة، ولكنني واثق من وجود معيقات جوهرية تمنع التوسع في هذا المجال، خاصة وأن السلطة أصدرت قانوناً للطاقة المتجددة في صيف العام الماضي، ولوائح تنفيذية حددت بموجبها الرسوم المتعلقة بتوليد الكهرباء للاستهلاك الذاتي.
من الواضح أن قصوراً ما يعتري التشريعات التي صدرت، وإلا لماذا لم يسارع القطاع الخاص لالتقاط الفرصة؟ ونظراً لواقع وفرة الكهرباء وتحكم إسرائيل بذلك، أليس من الواجب على السلطة القيام بكل ما تستطيع لتوفير الكهرباء من الطاقة الشمسية، التي لا تستطيع إسرائيل أن تتحكم بتدفقها أم إن شعار الاستقلال الطاقي مصمم للاستهلاك الإعلامي؟