بعد تجاوزه عتبة الثمانين يوم على الإضراب المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال الصهيوني ,يواصل الصحفي الفلسطيني الأسير محمد القيق تحديه الأسطوري لعصا الجلاد الفاشي وجل قوانينه العنصرية ,ويصر بإرادة فولاذية على الاستمرار بإضرابه المفتوح عن الطعام بأمعائه الخاوية إلا من الماء والملح حتى لو كلفه ذلك حياته وعمره ثمناً على دروب الحرية وكسر قانون الاعتقال الإداري الموروث عن عهد الانتداب والاستعمار البريطاني لفلسطين وبعض الأقطار العربية الأخرى في غابر الزمان السحيق والذي تجاوزته الإنسانية وكل دول العالم وتمكنت من القفز عنه إنسجاماً مع روح المواثيق والأعراف الدولية الخاصة بأسرى الحرب وتحديداً أسرى الحرية في فلسطين المحتلة منذ ما يزيد على الستون عاما.
نعم ملحمةٌ جديدة يخطها محمد القيق في سجل التاريخ المشرف لنضال الشعب العربي الفلسطيني وسيراًعلى ذات الطريق الذي خاضه رفاق وأخوة من قبله أمثال خضر عدنان وسامر العيساوي وراسم الحلو وأنيس دولة والقائمة تطول من خيرة المناضلين الأفذاذ الذين ضربوا لنا أروع الأمثلة في الصمود والصبر والتحدي لسطوة السجان الصهيوني فارضين إرادة السجين المقيد والمظلوم على أجندة وأروقة العالم الحر لتضعه أمام مسؤولياته الإنسانية تجاه شعب يرزح تحت نير الاحتلال البغيض وعتمة زنازينه ويتعرض ليل نهار وعلى مدار سبعون عاماً خلت لأبشع الجرائم بحق الإنسانية إضافة لجملة الممارسات التعسفية من قهر وخنق وتشريد وتطهير وقتل يصل لمرحلة الإبادة الجماعية ..معركة الأمعاء الخاوية التي يصنع من خلالها أبطالنا البواسل أمل الأجيال القادمة التواقة لنسائم الحرية وسنمفونية العشق ليوم الخلاص والإنعتاق من نير الاحتلال والفاشية ,وتصبوا لغد زاهر نحو قيم الحق والعدل والديمقراطية في ظل الدولة العربية الفلسطينية المستقلة والعتيدة.
وتأتي ثورة القيق ومعركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها نيابة عن الكل الوطني والقومي بالتزامن مع إنتفاضة القدس وتصاعد لهيب ثورة الحجارة وبريق السكاكين في سواعد شبابنا وشاباتنا وكذلك تسارع وتيرة الحراك الوطني المساند لثورة القيق ومعركته هذه على كافة الصعد والمجالات حيث تأتي في مجملها تأكيداً على إرادة شعبنا التي لا تقهر وإصراره على المضي قدما في مسيرة نضاله وجهاده المتواصل دون كلل أو ملل حتى كنس الاحتلال والاستيطان واجتثاث كل أشكال الإرهاب والعنصرية والفاشية الممارسة بحق شعبنا واسترداد كامل حقوقه بما فيها حقه في تقرير المصير والعودة وإقامة الدولة المستقلة على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف.
وأخيرا وليس أخرا نؤكد من جديد ثقتنا بالجهد الوطني القومي وقدرة شعبنا على صنع المعجزات بواقع حجم التضحيات المبذولة والدم المسفوك والصمود الأسطوري ,في الوقت ذاته نتوجه للمجتمع الدولي والعالم الحر وكافة المنظمات الإنسانية من أجل التدخل العاجل لإنقاذ حياة محمد القيق وكل الأسرى في سجون الاحتلال والعمل بشكل جاد على إنهاء الاحتلال وممارساته العنصرية والنازية والفاشية.
بقلم : ثائر حنني
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
شباط – 2016
