بعد تصاعد التوتر الشديد على الأصعدة الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية بين تركيا العثمانية وروسيا القيصرية ، تلوح المعطيات الحالية بنذر مواجهة تركية روسية ، تكون فتيلة لإشعال المنطقة بأكملها بحرب استنزاف دولية شاملة ، بعد أن قامت مدفعية الجيش التركي بقصف مواقع تابعة لميليشيا الحماية الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري (PYD) الكردي والتي تعتبره أنقرة إرهابيا مبرهنة اعتبارها هذا بأنه تابع لحزب العمال الكردستاني التركي الكردي الانفصالي (PKK) .
هذا ومن جانبه ، أعلن رئيس وزراء تركيا أحمد داوود أوغلو في مؤتمر مع نظيره من كييف "تركيا ستدافع عن حدودها أياً كان المعتدي) في إشارة لشرعنة ما تقول به بلاده شمال سوريا بقصف لمواقع كردية قرب الحدود ، واتهم في السياق ذاته أمس روسيا بارتكاب جرائم حرب بقصفها مركز طبي تديره منظمة أطباء بلا حدود ، في المقابل نفت موسكو بشدة قصف طائراتها مستشفيات بسوريا .
وكانت التداعيات الدولية بشأن قصف تركيا لميليشيا كردية مضاد للأتراك ، فواشنطن دعت أنقرة وقف ضرب مواقع الأكراد ، بينما نددت موسكو والقاهرة بتلك الأفعال ، ومن هنا نستشعر بوجود مصالح مشتركة بين روسيا والغرب ، فسر د.إبراهيم أبو جابر أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية في نابلس ، تنديد واشنطن والقاهرة (خلال مقابلة أجريتها معه) بقوله"الخلاف بين القوى العظمى والأطراف الإقليمية ليس على رحيل الأسد أو بقائها ، بل بات دائرا على القضية الكردية " وأضاف "أتوقع أن هناك اتفاق على إقامة دولة كردية أما بشأن السيسي فهو يدعم النظام السوري نكاية بأردوغان بالدرجة الأولى"
إن قصف تركيا لمواقع الأكراد بسوريا سيؤثر على المعادلتين السياسية والعسكرية في سوريا وضحها أبو جابر بأنها مرهونة باستمرارية القصف ، فإذا استمر فإن الطرف الكردي سيضعف لا محال بسبب شح إمكانياته " .
أما موسكو التي نددت بتلك الضربات ، صرح رئيس وزراءها مديفيف بأن يحذر من حرب عالمية بسبب الأزمة السورية ، قال أبو جابر بأن ردها على القصف التركي سيتمثل باستهداف مواقع للمعارضة السورية ومناطق التركمان بشكل خاص استفزازا للشعور القومي التركي ، ولم يستبعد قصف روسيا لمواقع حدودية بين سوريا وتركيا ، وقال أيضا "ربما تحدث مواجهة بحرية في البحر الأسود ، ولكن أستبعد تطور الأمور لتوغل الطرفين في أراضي بعضهما البعض " .
وأشار أبو جابر في نهاية المقابلة أن تركيا شبه معزولة في الوقت الحالي من قبل القوى العظمى والأطراف الدولية فشبهها كمن حوصر بزاوية بين حائطين اسمنتيين .
نحن في منطقة تتميز بشدة وتيرة الصراعات وحروب لا هوادة فيها ، فليبيا التي بين مطرقة حفتر وسندان الثوار ، ومصر يسودها الفقر والتدهور الاقتصادي ، واليمن التي ما لبثت أن ترتدي ثوبها الديمقراطي ليتلطخ بالمد الايراني ، و العراق جميعنا أعلم بحاله بعد غزوه عام 2003 فهو فريسة تعدد قومياته من عرب وتركمان وآشوريين وأكراد ، وسوريا التي باتت حلبة المعركة واستعراض العضلات بين القوى العظمى .
كل هذا لا يخدم إلا الاحتلال الإسرائيلي بنسيان العالم للقضية الفلسطينية العادلة ، قضية كل الاحرار ، فالأفضل ان نوحد أنفسنا (شعوب المشرق الاسلامي ) تحت إطار الإسلام والعروبة ، بما سيوفر الطاقة لتحدي الاحتلال الغاشم !