لحظة صراحة ..حول المشروع الوطني حظة صراحة ..حول المشروع الوطني حظة صراحة ..حول المشروع بقلم
في اي نظامين سياسيين او عدوين متقابلين يحمل كل منهما مشروعا باهداف محددة ويحتوي هذا المشروع على برنامج سياسي لخدمة هذا المشروع و نحو الوصول الى الهدف ...و قد يكون المشروع عدواني يهدف الى بسط السيطرة و استغلال الآخر و يفترض ان يجابهه من الطرف الآخر برنامج نضالي وطني يواجه اطماع و عدوان النظام الاستعماري المقابل ...هكذا درسنا التاريخ و فهمناه و هكذا هو واقع الامور منذ بدء الخليقة ...ففي حالة الاستعمار للدول العربية في القرن الماضي كانت هناك دول مستعمرة و باطماع سياسية اقتصادية جوبهت بحركات تحرر قوضت الاستعمار و انهته ..و ينطبق هذا الحال على الكثير من دول العالم التي تعرضت لاحتلالات عسكرية و لعل من ابرزها فيتنام ..و كل هذه الدول ناضلت حتى تحررت ضمن برنامج نضالي و باهداف واضحة و محددة و حصلت على الحرية ...هذا النضال و هذه الحرية اللتان كفلتهما الاديان السماوية و الشرعية الدولية.
اردت ان ابدأ بهذه المقدمة الموجزة للدخول الى واقعنا الفلسطيني...ففي الحالة الفلسطينية هناك مشروع عدواني توسعي احلالي يريد اقتلاع الشعب الفلسطيني من ارضه ليحل مكانه مستعملا كافة السبل لتحقيق اهدافه ...و يظهر المشروع الصهيوني بشكلين مختلفين : الاول معلن و ظاهري و الثاني ضمني و باطني ..ففي الاول يحاولوا الاظهار للعالم و للفلسطينيين انهم مع تسوية تاريخية تبنى على مبدأ دولتين لشعبين و حصول الشعب الفلسطيني على دولته بجانب دولة اسرائيل ..و الثاني و الذي تحمله دولة الاحتلال في باطنها و تعمل على انجازه ليل نهار و بكافة السبل و من خلفها الحركة الشوفينية الممثلة بالحركة الصهيونية ..هذا المشروع الذي ينص على السيطرة التامة على ارض فلسطين من النهر الى البحر ..و لا شك ان هذه الحركة لا تألوا جهدا في العمل على انجاز مشروعها على كافة المحافل الدولية و على الارض و اجراءاته الممنهجة و التي بدأت بالعمل على الهجرة اليهودية من كل انحاء العالم باتجاه فلسطين ...ثم عند قبول دافيد بن غوريون بقرار التقسيم في العام 1947 و الذي نص على حصول اليهود على دولة بمساحة 51% من الارض مقابل 49% للعرب و تبقى القدس دولية و لجميع الديانات ، و قام باقناع قيادات الحركة الصهيونية به رغم رفضهم له ..
و قد كان بن غوريون بعيد النظر و قال بان العرب سيرفضوه و قد حصل و قام بحرب عدوانية بعد سنة من القرار في العام 1948 و استولى نتيجتها على 78% من ارض فلسطين.. و قد تلاه حرب عدوانية ثانية شنت في العام 1967 تم الاستيلاء فيها على ما تبقى من الارض في الضفة و القطاع....اذا فكل المراحل التي خاضوها هي خدمة للهدف المبطن و المتمثل بالاستيلاء على كامل الارض...المشروع المقابل هو المشروع الفلسطيني والذي بدأ بردات الفعل و حمل عدة اهداف من الدولة الواحدة الى ثنائية القومية الى القبول بدولة في حدود 1967 اي 22% من ارض فلسطين ..و دخل الفلسطينيون المفاوضات على هذا الاساس و ضمن ميزان قوى مختل و سيطرة اسرائيلية مدعومة دوليا مما ادخل الفلسطينيين في دوامة و دهاليز ومناورات الجانب الآخر و الذي يمتلك القوة و السيطرة فدخلنا في نفق تبادل الاراضي و الغاء المقاومة و العاصمة في القدس بدل القدس عاصمة و غيره الكثير ...و كان نتيجة هذه المفاوضات في مرحلتها الاولى اتفاقية اوسلو التي اعطت للفلسطينيين حكم ذاتي محدود و هزيل بوعود بانهاء الاحتلال و اقامة الدولة الفلسطينية و حل مشكلة اللاجئين و القدس و الحدود و المياه ..و طبعااسرائيل بنهجها المعلن و المخفي لم تعطي اي من الوعود بل سلبت حتى الحقوق المحدودة التي اعطيت للجانب الفلسطيني و اعادت كل الارض لسيطرتها...و دخل الفلسطينيون في دوامة اعادة صياغة المشروع فظهرت اطراف تنادي بعودة خيار الدولة ثنائية القومية ...و بشكل اكبر الدولة الديمقراطية العلمانية لكافة المواطنين فيها و بانتماءاتهم الدينية...و لا زال جزء كبير من القيادات يدافع عن خيار الدولتين لشعبين و يفاوض على اساسه ...و هناك من يقول بالمقاومة المفتوحة حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني ...و اخيرا هناك من فقد الامل و توجه للقبول باي حل ينهي الوضع الحالي و لو كان بالتنازل عن كافة الثوابت .
قبل ايام شاركت في مؤتمر عقده مركز مسارات في رام الله حول استراتيجيات المقاومة و قد كان مؤتمرا مميزا بحضوره من قادة الفكر و العمل الوطني و المؤسساتي بفيديو كونفرنس مفتوح مع قطاع غزة و بمشاركة مميزة من فلسطينيوا الداخل ..و قد طرح المؤتمر قضايا و اوراق غاية في الاهمية و فتحت الحوارات ليومين متتاليين حول استراتيجيات المقاومة باشكالها المختلفة بما فيها المقاطعة و مناهضة التطبيع و تم نقاش المشروع الوطني و الافاق المستقبلية ...و هنا اشكر مسارات و القائمين على المؤتمر لاهميته و اخص مديره الاخ العزيز هاني المصري على هذا الجهد ...و الحقيقة اني استفدت كثيرا من المداخلات القيمة في كافة المواضيع ...و مما لفتني ضمن الكثير مداخلة الاخ نبيل شعث و التي قال فيها ضمن ما قال (ان الخيارات مغلقة امام الفلسطينيين في كافة الخيارات بسبب موازين القوى و تعنت اسرائيل ..وقال ايضا ان ليس امام القيادة في هذه المرحلة الا دعم صمود الناس و ثباتهم على الارض) ... و على اهمية الصمود والثبات قلت في المؤتمر موجها الحديث للاخ شعث : انا لا افهم كيف تحمل اسرائيل مشروعها المستتر و تنفذه على الارض و تفاوضنا في المعلن بينما نحن لا نستطيع تحديد المشروع الا فقط بدعم الصمود و الثبات على الارض بدون برنامج وطني شامل يعنون الاهداف و الوسائل للوصول لهذه الاهداف و يكون مبدأ الصمود مقنعا و محفزا للمواطنين نحو هذا البرنامج و خدمة للاهداف
...و هنا لا اقصد مهاجمة الاخ نبيل و انما اصور حالة التخبط الذي وصلنا اليه ...فالحركة الصهيونية هودت و فرضت السلطة الكاملة على اراضي 48 ثم و بشكل ممنهج توشك على تهويد القدس بالكامل و الآن تمارس نفس الطقوس في حملة تهويد للضفة و الاجهاز على المشروع الوطني الفلسطيني بالكامل يشاركها في ذلك من كبار رجالات رأس المال الفلسطيني تحت مسمى السلام الاقتصادي الذي يتيح لرأس المال الاسرائيلي التغلغل في قطاعات الانتاج و البناء و العقار في اراضي 67 .و بذا يمعن في هيمنته و استيلائه على الارض و المقدسات..لذلك فانا ادعو هنا الى حوار وطني شامل لتوحيد الشعب الفلسطيني بكافة اماكن تواجده حول برنامج وطني شامل و موحد يجابه و يوازي مشروع دولة الاحتلال ...و ليس لنا اي بديل آخر و الا فان التاريخ و الاجيال القادمة لن يرحموا من كان في مراكز القرار على كافة المجالات الحزبية و الوطنية و الفكرية و الاكاديمية و لم يبذل الجهد الكافي نحو هذا الهدف