خالد معالي
تشكل القوة الأخلاقية عبر التاريخ الذراع الحامي؛ للأفراد والشعوب والحضارات العظيمة؛ وعند انهيارها تنهار أقوى الحضارات؛ فكيف الحال عندما يكون الانهيار الأخلاقي والانحطاط في دولة مصطنعة ومفروضة بقوة السلاح والإرهاب؟!ّ
أليس قمة الانحطاط والسفالة؛ أن يتحول الجندي من جيش الاحتلال الذي أطلق النار على الشهيد عبد الفتاح الشريف من الخليل وهو جريح ينزف دما ومشلول ولا حول له ولا قوة؛ إلى بطل قومي "اسرائيلي"، لا يشق له غبار؟!
ما دلالة استطلاع الرأي الذي أجرته القناة الثانية في دولة الاحتلال من أن 57% من الجمهور "الاسرائيلي" يعتقدون انه لم يكن هناك لزام لاعتقال الجندي المجرم أو التحقيق معه، الا يدل هذا على أن عقلية داعش والنازية متغلغلة في عقول الصهاينة، وأكثر من ذلك؟!
القوة الأخلاقية في غاية الأهمية لمن أراد أمنا لنفسه ولمجتمعه ولشعبه؛ ولمن أراد أن تتقبله الشعوب ويذكره التاريخ بخير. الأفراد أو الأحزاب أو الدول التي تريد أن تنشر فكرها وطريقتها في الحياة يجب أن تحرص على التميز الأخلاقي وبقوة؛ بحيث يبقى الضمير الإنساني صادقا حيا ومتحفزا دائما؛ لا يقبل الظلم والإجحاف، ولا ينجر خلف المصالح على حساب المبادئ.
لو أن المقاومة الفلسطينية أعدمت جندي صهيوني بدم بارد؛ وما هي بفاعلة؛ كونها تملك قوة أخلاقية كابحة؛ لقامت قيامة دول الغرب، ولشنت الحروب على الفلسطينيين، ولتم وصف الفلسطينيين بأبشع الصفات؛ أقلها الإرهاب والوحشية.
يدعي قادة الاحتلال ومفكريه؛ أن جيشهم الأكثر أخلاقية، ودولتهم هي دولة قانون، والأكثر حضارية، وديمقراطية، واحتراما لحقوق الإنسان، وان قوتهم الأخلاقية لا نظير لها بين عرب متوحشين .
" ليبرمان"؛ صهيوني حاقد قادم من حراسة بيوت الدعارة في روسيا تعاطف مع الجندي، وهو قائد أمثال قادة كثر في دولة الاحتلال تعاطفوا مع الإجرام والقتل والانحطاط الأخلاقي؛ كونهم تشربوا من الحقد والكراهية والانحطاط منذ صغرهم.
مزاعم "نتنياهو" أن جيشه يتمتع بأخلاق عظيمة ولا يعدم أبرياء أو أشخاص؛ لا يصدقها حتى هو لأنه يكذب كما يتنفس.
جرائم كثيرة جرت من قبل جنود الاحتلال دون أن توثقها الكاميرات؛ كون تواجد كاميرا في منطقة الحدث كان صدفة ودون تخطيط مسبق؛ والمفروض أن تتواجد كاميرا في كل منطقة ساخنة ومتوقعة للأحداث حتى تكشف جرائم الاحتلال.
لا يختلف اثنان على أن القوة الأخلاقية تشكل عنصر قوي في جلب النفوس وتتكامل مع القوة العسكرية والفكرية؛ ولكن دولة الاحتلال تعتقد أن البطش والقتل واستغلال عامل القوة هو كل شيء، ويحقق كل شيء، دون التعلم من دروس التاريخ بأن الأيام دول.
لنعتبر من التاريخ؛ وما حصل في الأندلس عبر معركة بلاط الشهداء من قوة عسكرية كبيرة للمسلمين سرعان ما تهاوت أمام ضربات الأوروبيين؛ يعود لضعف القوة الأخلاقية مع أن القوة العسكرية والفكرية كانت في أوجها. جيوش المسلمين كانت لحظتها تبحث عن الغنائم والكراسي خلافا لتعاليم وأخلاق الإسلام مع تراجعات أخلاقية في المجتمع الأندلسي المسلم وقتها.
عبر التاريخ لم تستمر قوة عسكرية بقوتها في ظل غياب القوة الأخلاقية. ودولة الاحتلال سرعان ما ستتهاوى وتزول في ظل ضعفها الأخلاقي؛ تحت أقدام أناس يملكون من القوة الأخلاقية ما يمنعهم من قتل طفل أو امرأة، أو جريح أو أسير؛ 'ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا'.