الرئيسية / مقالات
تغُول في طانا بالتزامن مع يوم الأرض
تاريخ النشر: الأثنين 28/03/2016 16:29
تغُول في طانا بالتزامن مع يوم الأرض
تغُول في طانا بالتزامن مع يوم الأرض

 مع اقتراب الذكرى السنوية الأربعين لإحياء يوم الأرض الخالد والمخضب بالدماء الزكية الطاهرة المسالة غزيراً, دفاعاً عن الأرض جوهر الصراع العربي مع الحركة الصهيونية ومن خلفها القوى الإمبريالية الاستعمارية ,ورفضاً لسلسلة قرارات عنصرية شوفينية صهيونية قضت بمصادرة اّلاف الدونمات من أراضي الجليل والنقب لصالح التمدد السرطاني الاستيطاني البغيض, مما دفع بالعرب الفلسطينيين للانتفاضة والثورة في وجه الظلم والحقد والفاشية من الجليل الأعلى وحتى النقب والضفة وغزة ,غير اّبهيين آلة الموت وأسراب الدبابات وناقلات الجند التي يمتطيها جيش من مصاصي دماء البشرية ممن أتقنوا ارتكاب أبشع الجرائم بحق الإنسانية ومارسوا جرائم إبادة جماعية وجرائم تطهير عرقي ممنهج بحق شعب أعزل إلا من إرادة الصمود والصبر والمقاومة .

تلك الملحمة الخالدة التي تجلت في يوم الأرض وراح ضحيتها ستة من خيرة أبناء وبنات شعبنا ,وسقط فيها مئات من الجرحى والمعتقلين ,أثبتت للعالم أجمع أن هناك شعب له جذور عميقة تسبر باطن الأرض الفلسطينية, متشبثاً كالأشجار وقوفا, ومصمماً على المضي قدماً بنضاله وكفاحه حتى دحر الاحتلال واسترداد كامل حقوقه المغتصبة.
وفي ظل التحضيرات لإحياء الذكرى الأربعين ليوم الأرض الخالد تُسعّر قوات الاحتلال من حملتها المجنونة ضد خربة طانا الواقعة شرقي بلدة بيت فوريك والتابعة لأراضيها, والبالغة مساحتها (18) ألف دونم من إجمالي (36)ألف دونهم هي بالأساس المساحة الكلية لأراضي بيت فوريك والمستهدفة من قبل الاحتلال منذ النكسة الفلسطينية, حيث جرى فيها عدة معارك مسلحة وعنيفة وخصوصاً(معركة الصوانة) في أواخر الستينيات من القرن الماضي, وسقط فيها العديد من الشهداء منهم محمود حنني وفارس الصلاح وقتل العديد من جنود الاحتلال الذي عمد إلى  تشييد مستوطنة (مخورا) بالقرب من تلك الموقعة.
وفي سياق الحديث عن خربة طانا لابد من الإشارة إلى كونها ومنذ القدم سلة بيت فوريك الغذائية ,حيث أراضيها الخصبة والواسعة والتنوع الخضري فيها, بسبب مناخها الغوري كونها جزء من الأغوار الفلسطينية التي يتميز مناخها نسبيا عن باقي الأراضي الفلسطينية ,وحيث مراعي الأغنام والماعز وينابيع الماء مصدر الشرب الوحيد للخربة والبلدة سابقاً ,وبرك السباحة الأثرية والمشيدة في الحقبة الرومانية والتي أضافت طابعا سياحيا ومميزاً في الخربة المذكورة ,تلك الخصائص والعوامل التي جعلت من المكان عرضة على الدوام للاستهداف ألاحتلالي وممارساته القمعية والتعسفية التي تجلت في إعدام الطفلين (حامد خطاطبة) الذي عثر على جثمانه بين الصخور وتحت أشعة الشمس اللاهية بعد إعدامه بثلاثة أيام متفحمة ومتحللة ,وكذلك الطفل عبد الكريم حنني الذي استشهد في الآونة الأخيرة وفي ظل تسعير الحملة الصهيونية في تلك المنطقة وبالتزامن مع عمليات الهدم المتكرر للبيوت والخيام والعيون والمدرسة والطرقات وكذلك مصادرة السيارات والجرارات الزراعية والأغنام ,تلك الملاحقات والممارسات التي تستهدف في مجملها ترويع سكان المنطقة وحملهم على مغادرتها والرحيل لصالح التمدد الاستيطاني المقيت,متذرعين بحجج وقرارات واهية أصدرتها محاكم الاحتلال وتقضي بمصادرة تلك الأراضي الشاسعة والبالغة مساحتها (18)ألف دونم للأغراض العسكرية وبهدف إجراء المناورات التدريبية للجيش الإسرائيلي كمظلة يخفي الاحتلال ورائها أهداف خبيثة وحقيرة؟؟
نستنتج مما تقدم ومن خلال التصعيد الأخير والحملة المسعورة المرافقة التي يشنها جنود الاحتلال في خربة طانا أن هناك مخططاً خطيراً ونوايا خبيثة يضمرها ساسة الاحتلال ضد منطقة طانا وسكانها ,ويتضح ذلك من حجم الدمار والملاحقة والقتل ,حيث هدمت البيوت ثلاث مرات خلال الشهر الأخير وتميزت الحملات الأخيرة باستهداف كل شيء في المنطقة حتى الطرقات والمغارات والخيام  ومشارب المياه والسيارات والجرارات الزراعية وبرك السباحة إضافة للمدرسة والمسجد.
كل ذلك يجري في خربة طانا بالتزامن مع يوم الأرض الخالد والأهل هناك يعاودون البناء ومصممون على البقاء والصمود مهما غلت التضحيات بعزم وإصرار لا يلين يخطون بالدماء قصة صمود أسطوري وحكاية بقاء أزلي لشعب لا تقهره جرائم المحتلين ,مما يتطلب منا جميعا الانحناء أمام بطولاتهم وإبداعاتهم النضالية والوقوف إلى جانبهم بمختلف المستويات وبكافة الوسائل تعزيزاً لصمودهم وكفاحهم وبقائهم, حتى لو تطلب ذلك اتخاذ القرارات السياسية الهامة والصعبة من أعلى المستويات الفلسطينية بهدف وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته التاريخية إزاء شعب يرزح تحت نير الاحتلال منذ سبعة عقود خلت ,ويتعرض لأبشع الجرائم التي ترتقي إلى مستوى جرائم الحرب والإبادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي والأبرتهايد.

                                                                      بقلم : ثائر حنني 
                                                            بيت فوريك- فلسطين المحتلة
                                                                      اّذار- 2016م
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017