بدون مقدمات و مباشرة الى الموضوع , فبعد ثلاث و عشرين عاما يراد بنا ان نعود الى المربع الاول ..الى نقطة البداية و ان اختلفت احدى ( المحظوظتين) فقط يقال لنا : استبدلوا غزة برام الله و ابقوا اريحا في موقعها ..ربما لأن غزة اصبحت خارج التاريخ و الجغرافيا الفلسطينية و ربما استهواء و اغراء للقيادات و النخب في ( العاصمة المؤقتة ) ..كم تجري الامور سريعة فبعد اكثر من عشرين عاما فقط من الوعود و التنصل منها و من القهر و الظلم مغلفا بالورقة اللامعة المسماة عملية السلام و بعد تشتيت الشعب و تحطيم آماله نعود لنفس الوعود و من نفس المصادر ..و بدون اي ضمانات ..فاتفاق (غزة - اريحا اولا ) امتد و شمل جميع المدن حتى وصل اتفاق الخليل .. و بعد اقل من عشر سنوات قيل لنا : الغيت اللعبة ..فلا اولا و لا اخيرا الا امن و مصلحة و ارادة الاحتلال الذي يصفه البعض بانه الاحتلال الارخص في التاريخ وانا اعتبره الاحتلال المربح الذي يظلم و يقهر و يترك للقيادة الفلسطينية مسؤولية تسول المال من العالم لتتحمل المسؤولية عن الحياة المدنية من تعليم و صحة و غيرهم و تترك موضوع الامن و السيطرة للاحتلال و فوق ذلك تبقى الارض الفلسطينية سوقا سهلا و متاحا لكل البضائع الاسرائيلية .
نعم يريدون العودة بنا الى المربع الاول ..الى تجريب المجرب ( و اللي بيجرب المجرب ..عقله مخرب ) ..يريدون تقزيم القضية و وضعها في محدودية البحث عن امن المدن التي لا تتعدى مساحتها 14 % من مساحة الضفة , و التبرير هو الزام الاحتلال بالاتفاقات التي يلتزم بها الجانب الفلسطيني و يتنصل منها الاحتلال ..لا يا سادة الاتفاقات التي يتنصلون منها ليست مقصورة على مناطق A ..الاتفاقات شملت الوصول الى حل قضايا القدس و اللاجئين و الاستيطان و الحدود و المياه و السجناء ...حلول الدولة المستقلة في العام 1999 ..و النتائج تهويد و عزل القدس و مضاعفة الاستيطان ستة اضعاف و بناء الجدار و وفاة آلاف اللاجئين و هجرتهم من هجرة الى هجرة ناهيك عن مشاريع التوطين ..و سلب المياه و امتلاء السجون حتى بالنساء و الاطفال ..و مسلسل الدم و القتل و الاعدامات متواصل .
قد يقبل الاحتلال بفكرة رام الله - اريحا اولا بل من مصلحته ان يقبل بها لان هذا يحقق الكثير من مصالحه ..فمن جهة يوهم العالم بوجود عملية سلمية .. ومن جهة اخرى يحبط الهبة الجماهيرية المندلعة و يحمل السلطة المسؤولية الامنية و لن يشهد لها بالنجاح مهما بذلت من جهد و يستطيع الاحتلال ايضا فرض التركيز الفلسطيني على هذه المناطق ليحقق امرين اساسيين اولهما الاستمرار في السيطرة على الطرق الخارجية و زيادة الاستيطان و ضم مناطق C و اجزاء من B مما يسهل مخطط العزل في كانتونات و معازل بادارة ذاتية هزيلة ,, فاذا كانت هذه مصالح الاحتلال من المشروع فما هي المصالح الفلسطينية منه ؟ لا ارى اي مصلحة فلسطينية بل هي عملية دخول في نفق جديد من الوهم و التسوييف مما يزيد الخسارة و هي اشبه ما تكون عملية قمار يمتلك فيها الاحتلال جميع الاوراق و الخطط و الاموال و يترك للسلطة فيها كل الاوراق الخاسرة .
بعد ثلاث و عشرين عاما الم نصل الى حقيقة هذا الاحتلال ؟ الذي لا ينفع معه ( تعزية وفاة البريغاديرات ) و لا الكلام المجامل و لا المستجدي و لا اي اتفاقات هو ابرع من يحسن التنصل منها بل هذه هي لعبته ..الم نصل الى ان تقسيم الحل الى مراحل و المناطق الى تصنيفات A,B,C كانت ضربة في مقتل لمشروعنا الوطني ؟! الم نفهم انه عندما سلمنا هذه المناطق ابقى الالغام داخلها و المفاتيح في جيبه و عاد اليها في سويعات قليلة ..الم تشعرنا ممارسة الاحتلال منذ نشأته و خاصة في حقبة ما بعد اوسلو بانه لن يقبل و لن يسمح بقيام الدولة المستقلة غرب النهر ؟! الم نصل لهذه الحقائق ؟!
لا غزة - اريحا اولا .. ولا لرام الله - اريحا اولا .. ولا حتى القدس اولا هو الحل ..فالحل اولا و اخيرا هو الخلاص التام من الاحتلال و اولا و اخيرا هما عزة و كرامة هذا الشعب ..و لن يحصل هذا و لن يتحقق الا بالخلاص من وهم الاتفاقات المرحلية المذلة بالوحدة و البرنامج الوطني الموحد الذي عنوانه رفض و مقاومة الاحتلال حتى زواله ..نعم ايها المسؤولين ان عزتنا و كرامتنا هما اولا و اخيرا .
سامر عنبتاوي
8-4-2016