د.خالد معالي
اشتغلت وسائل الإعلام الفلسطينية خلال يوم انتخابات جامعة بيرزيت؛ بنشر إقالة محافظة نابلس؛ وراح كل فرد أو طرف يدلي بدلوه عن سبب الإقالة المفاجئة، وخلفياتها، والغير متوقعه؛ إلا أن انتخابات جامعة بيرزيت؛ عادت وشدت الأنظار صوبها.
المناظرة الانتخابية التي جرت وعلى الرغم من حدتها، وكل طرف راح ينتقد الطرف الآخر بشكل منظم ومرتب، وتلاقح الأفكار واختلافها؛ بأسلوب علمي حضاري، وقبول نتائج صناديق الاقتراع؛ يؤدي للتطور والنهوض؛ وهو المطلوب حتى نعطي نموذج طيب وفريد من نوعه للدول العربية من حولنا التي لا يقبل فيها الآخر غير نفسه، وتتقاتل فيما بينها؛ ويتم إلغاء الآخر، وتهدر طاقاتها مجانا خدمة للغرب، وتستبدال صناديق الرصاص والخراب بدل صناديق الاقتراع والعمار والتطور.
الأنظار توجهت لجامعة بيرزيت؛ كونها تعتبر عينة حقيقية لميول الجمهور الفلسطيني وان كانت لا تمثل كل أطياف الشعب الفلسطيني، كون شريحة الطلبة جزء من الشعب الفلسطيني؛ ولكنه جزء هام ويقاس عليها الكثير من الأمور لاحقا؛ سلبا وإيجابا لكل فصيل من القوى الفلسطينية؛ وتجبره على إعادة التقييم والمراجعة إن أراد التقدم والتطور وتحسين أدائه لاحقان واللحوق بركب المقاومة والتحرير بشكل حسن.
قبل ظهور النتائج وقبل كل شيء؛ مبروك الفوز لفلسطين كلها بكافة أطيافها، ومبروك العرس الديمقراطي، ومبروك لمن سيفوز، ومبروك إجراء انتخابات نزيه وقبول بنتائجها مهما كانت من قبل كل القوى والكتل الطلابية.
من سيفوز اليوم قد يخسر غدا إن لم يحسن الأداء والممارسة، ويتغلب على كافة الصعوبات والتحديات الجسام، ومبروك أن تكون لغة الحوار والتعاطي بين القوى الفلسطينية حضارية؛ بصناديق الاقتراع بدل صناديق الرصاص والاعتقالات على شاكلة الدول العربية.
مشاركة نسب عالية من طلبة بيرزيت المكرر في الانتخابات؛ دليل على الوعي الانتخابي والحراك القوي؛ فكلما زاد الوعي زادت المشاركة الديمقراطية، وصار ليس من السهل الاستخفاف بالجمهور والطلبة.
الكثير من التحليلات ستجري لما حصل في جامعة بيرزيت؛ ولكن كل تحليل علمي يستند للعقل ومنطق الأمور، وطبيعة الأشياء بعيد عن حالة الاستقطاب الحاد والمناكفات وإصدار النتائج والأحكام العشوائية؛ هو الذي يبقى ويدوم وله تبقى الريادة.
حركتي فتح وحماس تتنافسا على أصوات الناخبين من الطلبة عبر صناديق الاقتراع، وهذا هو الحل الأمثل للتناوب على رئاسة مجلس الطلبة، وهو ما ينسحب لاحقا على من يقود الشعب الفلسطيني نحو بر الأمان وفجر الحرية.
من ناحية علمية فان أسباب عديدة توصل لفوز كتلة عن غيرها ؛ وعلى رأسها الانجاز، سواء داخل الجامعة أو خارجها؛ فبلا انجاز من الصعب إقناع الطلبة أو الجماهير بالتصويت لجهة لم تنجز شيئا يذكر لصالح جمهورها.
طبيعة مجتمع طلبة بيرزيت له خصوصيته وغالبيته غير منتمي حزبيا؛ والطلبة في الجامعة لديهم وعي انتخابي كبير، ورصيد كل حركة أو فصيل يمكن قياسته من خلال النتائج، لكن علميا لا يجوز تعميمها على كل شرائح المجتمع الفلسطيني.
لاحقا؛ ستضرب انعكاسات نتائج انتخابات جامعة بيرزيت في كل الاتجاهات؛ وسيتم قرائها من قبل الجميع بشكل هادئ؛ ويسجل لحركتي فتح وحماس أن تكون اللغة بينهما صناديق الاقتراع في اعرق الجامعات؛ والذي يأمل كل فلسطيني أن تمتد لكافة المؤسسات الفلسطينية؛ حتى يتوحد الجسم الفلسطيني في بوتقة التحرير وبرنامج مقاوم موحد، وننهي حالة الانقسام التي ما زالت تسعد قلب " نتنياهو".
في المحصلة ما جرى في جامعة بيرزيت ليس نهاية المطاف؛ وينسجم مع المعادلات والسنن الكونية؛ فمن يخفق؛ إما أن يعيد قراءته وبرامجه ويعتبر مما جرى له؛ وإما أن يندثر ويتلاشى؛ ومن فاز؛ إما أن ينجز ويطور ويحسن وينطلق بالسفينة إلى شاطئ ألامان؛ وإما أن يخفق ويهزم في المرة القادمة؛ فالتبدل سنة كونية؛ ( وتلك الأيام نداولها ب