د. خالد معالي
شاء من شاء، وأبى من أبى؛ سيحين فجر الضفة، وتشرق عليها شمس الحرية كما أشرقت على جنوب لبنان، وقطاع غزة ولو بشكل أقل؛ وسيهدم الاحتلال مستوطناته كما هدم 20 مستوطنة في غزة بيديه.
فجر الضفة سيأتي؛ بعز عزيز أو ذل ذليل؛ رغم أن الزاد قليل والمسير طويل، ومن يظن غير ذلك؛ فهو يعيش ويحيا في مستنقع فكر الهزيمة، وتشرب منه كثيرا - مفاهيم وأفكار - الاستسلام للأمر الواقع، والتعايش معه، ولن تذكره الأجيال اللاحقة، ولا التاريخ بخير، ولو في سطر واحد ، أو في شطر كلمة.
فجر الضفة المشرق المضئ؛ وان كان سيحين ولو بعد حين؛ إلا أنه فجر يختلف عن فجر بقية المناطق والدول والشعوب؛ فهو في هذه المرحلة الصعبة والمعقدة من أصعب الأوقات على مدن وقرى وبلدات الضفة؛ فقتل الأطفال صار بعرف لاحتلال أمرا عاديا؛ كما حصل مع الطفل محمود بدران( 15 عاما) من قرية بيت عور التحتا قرب رام الله بتاريخ 21\6\2016؛ فحملات الاعتقال المسعورة تطال الصغير والكبير، ولا تدع حتى الأطفال الصغار ولا الفتيات ولا النساء؛ فكل محرم وممنوع ولا يجوز؛ هو حلال في عرف الاحتلال الظالم.
تصاعد حملات الاعتقال اليومية في مختلف مدن الضفة الغربية؛ مؤشر على أن الضفة تقلق الاحتلال؛ ولذلك يسارع لقتل والتخلص من قلقه هذا؛ عبر حملات اعتقال مسعورة يومية؛ ولو كانت لا تشكل الضفة خطرا حاليا ومستقبليا على دولة الاحتلال؛ لما قام بهكذا حملات اعتقال كبيرة العدد بشكل لافت؛ تصل لأكثر من 30 مواطن يوميا في بعض الاحيان؛ هي أكثر واكبر حجما من أي وقت مضى.
من يشكك ولا يقتنع مما سبق، ولا يعتقد انه توجد حالة متعاظمة من استنهاض الضفة وزيادة خطرها على الاحتلال؛ فما هو تفسيره للاقتحامات اليومية المتزايدة؛ للقرى والمدن الفلسطينية؛ وما هو تفسيره للاعتقالات على الحواجز الثابتة والطيارة؛ وما هو تفسيره لرصد 72 مليون شيكل؛ لحماية امن المستوطنين والطرق الالتفافية للمستوطنين؛ وزيادة أعداد جنود وشرطة الاحتلال في القدس وبقية المناطق.
مؤشر واضح وبين على اقتراب فجر الضفة؛ هو ارتفاع معدل عمليات إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة وإطلاق الرصاص؛ على مركبات المستوطنين في كافة مناطق الضفة الغربية دون استثناء.
حكومة"نتنياهو" بغبائها وصلفها؛ تسرع من حراك ونهوض الضفة الغربية؛ عبر ممارساتها الصبيانية وقرارتها الحمقاء المتغطرسة؛ فهل يعقل أن تبقى الضفة صامتة صمت القبور؛ على القتل والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وتدنيسه بشكل متحدي وسافر من قبل المستوطنين حتى في أيام شهر رمضان؟! عدا عن والطرد والتهجير وسرقة أخصب الأراضي؛ وهل يعقل؛ وان حصل ولو حالة واحدة في التاريخ أن صمت وقبل شعب بمحتل غاصب ولم يقاومه بكل الطرق والوسائل المتاحة؟!
من صور معاناة الضفة اليومية وساعة بساعة؛ هو ما يمارس من ضغط شديد يوميا على المواطنين بإذلالهم على الحواجز؛ والمزارعين بمصادرة أراضيهم؛ والعمال بالحط من كرامتهم وإذلالهم، واعتداءات متواصلة يوميا ومكررة؛ واعتقالات متزايدة وغيره الكثير الكثير؛ يجعل الغضب يتراكم من قبل جيل الشباب الحالي؛ والغضب لا بد له من التنفيس، والذي لا يكون إلا في وجه الاحتلال الغاشم.
ستتغلب المقاومة الفلسطينية في انتفاضة القدس على كل معوقات نهوضها وديمومتها، كما جرى في عملية تل الربيع "تل أبيب"؛ قبل أيام؛ وهذا هو منطق الأمور والأحداث عبر التاريخ؛ فالحاجة أم الاختراع، وفجر الضفة لن يطول؛ "ويرونه بعيدا ونراه قريبا".