فلسطين ,, و الابواب الثلاث ,,الفوضى التطرف ,,ام الخلاص ..
في لقاء اذاعي مع محطة محلية قبل يومين كان محور الحديث و الاسئلة الموجهة لي : هل يمكن للارهاب المنتشر في اجزاء كبيرة من العالم العربي ان ينتقل الى فلسطين ؟ بمعنى آخر هل هناك بيئة جاهزة و ارض ممهدة في فلسطين تستقطب الارهابيين و هل ابنائها ممكن ان يدخلوا هذا المضمار ,, ساعرض لاجاباتي و رؤيتي للموضوع و لكن ليس قبل ان اطرح مسألة اخرى حملتها الايام القليلة الماضية و القت بظلالها الا وهي فوضى الامن و السلاح ,,فهل هذان هما الخياران الوحيدان امام الشعب الفلسطيني ,,هل هما ممران اجباريان يؤديان الى بوابتين تقودان الى الهلاك ,,بالتأكيد هناك بوابة ثالثة الى الخلاص ,,و هذه سنة الحياة و ابسط مباديء التاريخ ,,,فاي المسارات سنقطع و الى اي بوابة سنصل ,,هذا ما ساحاول نقاشه و لا ادعي امتلاك الحقيقة و لكن ارغب في طرح الموضوع بعين من الايمان و التفاؤل دون افراط و لكن ايضا دون تشاؤم و تييئيس ,,,انها عملية البحث عن الحقيقة و الخلاص ..
بداية هناك بوابتان متشابهتان في مسببات الوصول لهما و في نتائج العبور منهما و هما بوابتي الارهاب و الفوضى اما بوابة الخلاص فاسبابها و طريقها مختلف و نتائجها بالتأكيد مغايرة تماما ,, و سأحاول هنا الاجابة على السؤال المركزي : هل نحن كشعب نمتلك بيئة خصبة للارهاب او الفوضى و الفلتان ,,و للاجابة على السؤال لا بد من البحث في العوامل و المكونات و هي في رأيي عوامل تساعد على هذين الممرين و عوامل مضادة اوردها باختصار :
اولا ؛ الشعب الفلسطيني بطبيعته وسطي معتدل لا يجنح الى الارهاب و التطرف رغم ما مر به من مآسي و ويلات يعجز البشر عن تحملها و تحول المسالم الى وحش و رغم ذلك بقي الشعب الفلسطيني وسطيا يحمل الفكر الوطني و يواجه عدوه الاساسي - الاحتلال - كذلك فلا وجود للطائفية الدينية و لا التعصب المذهبي و انما سمة الشعب التعايش السلمي بين الاديان و المذاهب ,, وقد يقول قائل هذا صحيح و لكن هناك طائفية حزبية و لا انكر ذلك و لكنها تبقى ضمن الخلافات المقتصرة على التوجهات السياسية و لا يمكن ان تصل الى حد النزاع الدموي و محاولة انهاء الخصم بطريقة دموية رغم اننا بصراحة لامسنا اطراف ذلك في بعض المراحل و لا نزال ,,و ساعرض لذلك لاحقا ..اذن بالحديث على البيئة التاريخية و سمات الشعب فهي ترفض العنف الداخلي و الاقتتال و حرف البوصلة و هذا عامل هام جدا في نبذ الارهاب و بدرجة اقل الفلتان و الفوضى باعتبارهما سمات للحزبية الضيقة و ممالك و طوائف السلاح .
ثانيا ؛ في الجانب الآخر هناك حالة يأس نتيجة لسببين رئيسيين اضافة لاسباب اخرى و السبب الاول يكمن في غياب الافق السياسي و البرنامج الوطني و البعد عن العملية النضالية و الاندماج في تيارات المقاومة ,,اضافة الى العامل الاقتصادي و حالة التراجع و البطالة و اذا ما اضيف هذا كله الى السبب الثاني و هو الانقسام و اثره الكبير على كافة النواحي الوطنية و الفكرية و الاقتصادية و المجتمعية فان هذا العوامل بالتأكيد ستدعم ايجاد ارضية خصبة للارهاب او الفلتان ,,خاصة اذا ما اضيف لهذه الاسباب ضعف التيارات القومية و الوطنية في العالم العربي و انتشار افكار الارهاب و التكفير ,, و لعل من ابرز اثار الانقسام التأثيرات الايديولوجية على قطاع غزة التي خلقت نوع من الفكر الراديكالي و الذي انذر بان سقوط او تراجع حكم حماس لن يؤدي الى عودة المنظمة بل ستحل التيارات المتشددة و التكفيرية محلها ,, وكذلك الامر في الضفة فسينشر المتشددين من جهة و امراء الفوضى و الزعرنة من جهة اخرى ,,اذا و صراحة هذه عوامل و لا شك لا تنبيء بالخير و انما تقود للوصول لاحدى البوابتين .
ثالثا لاننسى دور الاحتلال الذي دأب على سياسة فرق تسد و سياسة التوازنات ودعم تصارع التيارات خدمة لاهدافه ,, و يندرج تحت دور الاحتلال امران اساسيان اولهما ان الاحتلال يدعم فوضى السلاح و الانفلات القانوني و المدني و الثاني ان الاحتلال قد يغض البصر عن تنامي الفكر التكفيري خدمة لاهدافه بتمزيق الشعب الفلسطيني و الهائه في صراعات داخلية تعطيه الفرصة للانقضاض ,, و من جهة اخرى يربط النضال الوطني الفلسطيني بالارهاب و محاولة خداع العالم بان الشعب الفلسطيني ليس مناضلا من اجل حريته و انما هم مجموعة من الارهابيين كنموذج واضح يحصل في العالم العربي و كذلك يستطيع الاحتلال تمرير فكرة الدولة اليهودية في مواجهة المد المتطرف كما يحاول ان يفعل منذ عدة سنوات .
بالنظر للعوامل الثلاث السابقة هناك ملاحظه هامة جدا و هي ان العامل الاول هو عبارة عن صفة اصيلة تاريخية و متجذرة في الواقع الفلسطيني اما العاملين الاخيرين فهم دخلاء على الفكر و الحياة الفلسطينية و بهذا فان اهم طرق الخلاص و عدم الوقوع في احتمالي التطرف او الفوضى يكمن بتعزيز القيم و المباديء و التاريخ و لفظ القائمين على الانتفاع من الفوضى و التطرف ,, و يساعد في هذا ان غالبية الشعب الفلسطيني ضد التطرف و الفوضى و لكن ظهور هؤلاء بالاعمال الدموية يطغى على لغة المنطق و الاعتدال ,,و اجتثاث هذه المكونات يكون اولا بعزلها و ارساء قواعد القانون و محاربة الفساد ,,و الاهم اعادة صياغة البرنامج الوطني و انهاء الانقسام و البعد عن المصالح الحزبية الضيقة على حساب الارض و الوطن و القضية ,,,نعم المسارين الذين يؤديا للهلاك ليسا قدرا الا اذا جعلناهما كذلك و دعمنا توجهاتهم ,,,بمعنى اننا كشعب نستطيع دعم اسس البناء و مواجهة الفساد و المفسدين اينما كانوا و مهما كانت هويتهم السياسية او الاجتماعية او الاقتصادية ,,نعم نستطيع ان نعزل الممرين و نوجد ممر واحد للشعب الفلسطيني نحو الخلاص و الحرية و هذا يتطلب اكثير من الجهد و البعد عن التعصب و من اهم العوامل الداعمة ايضا البعد عن التهويل و المبالغة بالاحداث رغم خطورتها و محاربتها و عزلها و محاسبة من يعبث بالبلد مهما علا شأنه و تجفيف دعم مراكز القوى و الفساد و العمل على سيادة القانون و تطوير عمل المجتمع المدني ,, فهذا وطن الجميع و الجميع يريد ان يحيى فيه و يناضل من اجل حريته و مظاهر الفساد و عوامل الهدم ممكن ان تحاصر و ان تحكم الاغلبية ضمن مصلحة الوطن .
ان الانسانية ليست كذبة هي موجودة عبر التاريخ البشري تماما كما الارهاب و الشر ,, و لكن ما يحصل ان مظاهر الدم و الارهاب تطغى على المظاهر الانسانية لذلك نراها و كأنها السمة العامة ,,,على المؤمنين بالانسانية تعزيز مفاهيمها و ترسيخ مبادئها و مقاومة قوى الارهاب و الشر و الامر يطول فهو موجود منذ بداية الحياة و للاسف سيستمر حتى نهايتها و لكن لن يدوم الباطل ابدا ,,و ستبقى فلسطين على درب الحرية رغم كل ما نمر به ,,,هذا ليس كلام تطمين بل حقيقة و تاريخ و هذا الوعد العادل للخالق .
سامر عنبتاوي
1-7-2016
mildin og amning
mildin 30 mildin virker ikke