بتوع السلطة ما منهم رجا .. غسلنا أيدينا منهم منذ زمن طويل مضى .. جزء كبير منهم يعتاش على القضية وآخرون امتهنوا الفساد والإفساد وشفط ولهط المال العام .. والاستحواذ على فرص التوظيف والدورات .. وشغلهم الشاغل افتتح واختتم .. والسفر لغرض الاستجمام باسم المهام .. والقلة منهم ( من رجالات السلطة ) هم من الشرفاء المخلصين .. والذين هم عن سدة القرار مبعدين .. في مواقعهم الوظيفية والسياسية مهددين .. فتراهم صامتين - إلا من رحم ربي من المتمردين.
ولكن يا صديقي كان من الممكن أن تكون مصيبتنا اقل حدة لو اقتصرت على جماعات السلطة .. فمصيبتنا الحقيقية هي في من كان من المفترض بهم أن يشكلوا البديل لطرفي رحى الانقسام .. والعنوان للشعب وللطامحين بالخلاص من كابوس الاحتلال .. وأصحاب المصلحة الحقيقية في التحرر والاستقلال وبناء أسس دولة القانون والحريات .. هنا تكمن المصيبة والمشكلة .. لان هؤلاء خيبوا ظن من راهن عليهم .. وجبنوا وانبطحوا أحيانا .. ولعبوا على كل الحبال .. وحازوا على ما استطاعت ان تصل اليه أيديهم من المال العام والامتيازات .. ونالوا الرشاوي السياسية ليبلعوا ألسنتهم ويصمتوا عن كل البلاوي.. أو ليكتفوا بأعمال ليست أكثر من تنفيس احتقان الجماهير .. وتفريغ طاقاتهم بما لا يغير كثيرا من الصورة المأساوية للأحوال .. هؤلاء الذين أصبحوا يذهبون للمشاركة بالفعاليات مثلهم مثل رجالات السلطة .. بسياراتهم الفاخرة التي يقودها سائقون مفرغون لهذه المهمة .. محاطون بالمرافقين وبجوقة المصفقين المداحين .. والاهم .. بعناصر الاتصال بالإعلام.
هؤلاء الذين تناموا وتكاثروا بين البينين .. وأصبحوا مثل الفش بين القش .. هؤلاء الذين استظلوا بالصيت السيئ الذي لصق بجماعات السلطة .. ليمارسوا فسادهم الخاص دون أن ينتبه إليهم احد .. هؤلاء الذين يحملون لقب قيادي ومدير ومستشار .. والذين يملئون الدنيا يوميا خطبا وحديثا بالسياسة واستقراء للواقع واستشفاف للمستقبل .. ويتنقلون في اليوم الواحد خمس مرات من فندق لآخر ومن مقر فصيل لآخر ومن مطعم لآخر ومن قاعة اجتماعات لأخرى .. ويستبدلون ملابسهم في كل مرة لزوم التصوير والمقابلات مع الفضائيات .. ليقرفوا الجمهور بأحاديث مكررة مجترة عن الوطن والكفاح والانتماء والتفاني.
يا صديقي ..عن أي نضال يتحدث المثقفون وفريق النخب .. ؟؟ حديث الصالونات وقاعات الفنادق .. البيانات وأوراق العمل .. ومن هم الذين سيحملون تلك الأفكار والمبادرات وينزلوا بها للشارع .. ؟؟ هل هم النخبويون ؟ لا أظن ذلك فهذا العمل بالنسبة لهم مصنف بالأسود على غيرهم القيام به ليقطفوا هم ( النخبويون ) ثماره إن كان له حظ بالنجاح .. ويتنصلون منه إن فشل.
يعجبني كلام المثقف حين يخطب ويتحدث عن العدالة والنزاهة والنضال والتضحيات .. وحين يصب جام غضبه على الواقع والفساد والمفسدين .. ويدهشني بقدرته على تقديم الاقتراحات ووضع الخطط للتغيير ..
ويسقط من عيني ذلك المثقف حين اعرف انه يتقاضى الرواتب الخيالية .. مرفه مترف تعرفه الفنادق والمطاعم الخمس نجوم .. ويقضي معظم أوقاته مسافرا للاستجمام .. وأبناؤه يتعلمون بأوروبا وأمريكا بمنح دراسية حصلوا عليها من أموال الدعم المخصصة لأبناء الفقراء .. وامرأته وأبناءه يتسوقون إما من رامي ليفي هنا أو من الشانزليزيه وما شابهه بأوروبا وأمريكا ..
يا صديقي .. وبسبب كل أولئك قضيتنا تضيع يوما بعد يوم وأوضاع شعبنا تسوء أكثر فأكثر .. وكاذب أو واهم من يتحدث عن انجاز ملموس حققته القيادة والنخب ..
يا صديقي خذها مني فانا صرت على يقين أننا بحاجة لطعم جديد لمواليدنا يكون متعدد الأغراض .. وقائي ضد العديد من الأمراض .. ضد المنفخة والأنانية والفساد والإفساد .. ضد الغرور والتعالي على العباد .. ضد النفاق وهز الذنب للزعامات .. للجرأة والشجاعة واحترام الذات .
مخيم الفارعة – نابلس – فلسطين
17/7/2016