قلاع مليئة بالأسرار وأسماء لا يعرفها إلا من أمضى زهرة شبابه وسنين عمره داخلها، أسماؤها مألوفة على الأسرى بداخلها، أسوار عالية وأسلاك شائكة وزنازين معتمة، ومساحات ضيقة وهواء قليل وشمس محجوبة وجدارن أكلت من أعمار آلاف المخلصين والصادقين من مجاهدين حرموا الحد الأدنى من شروط الحياة، ومن الحرية ولقاء الأهل والأحبة، وحرموا من ألوان الطعام والشراب والبيت؛ فعاشوا صابرين وصامدين.
لقد كنت بين تلك الاسماء حاولو ان يبقوني بعيدًا عن عيون العالم, وعن عيون مجتمعي نفسه, وضعوني في تلك السجون لانهم لا يرغبون ان يعرف عني احد كي اصبح مخفيا .
وضعوني في غرفه لا تتعدى مساحتها 190سم×190سم، تعرضت لتعذيب قاس وبشع جداً، والى جانب آلام التعذيب أو حتى التهديد باستخدام التعذيب، مع الخوف من القتل او بمجرد تفكيري بانني شخص منسي ، جعلتني مثالاً حياً لما يدعوه الدكتور "شتاين" الفزع المؤذي نفسياً كانت اكبر امنيه لي انا ارى اليل والنهار
وعدم معرفتي بالمكان الذي احتجز فيه، أو حتى عدم رؤيتي لوجوه السجانين، جعلني مرتعب جداً. بل الشيء الأصعب هو شعوري بأني قد اختفي ولن تعرف عائلتي مطلقاً ما قد حصل لي
. "لم أشاهد سوى الغرفة التي كنت متواجداً فيها وغرفة التحقيق ووجه الطبيب داخل العيادة، حيث كانوا يمنعوني من الالتفات جانباً وأنا أعرض على الطبيب". لم يعلم احد أمر وجود هذا المعتقل، ومكانه، وهوية المحتجزين فيه، سوى الجهات الأمنية المعنية، وبطبيعة الحال لم تكن هناك زيارات أهالي ولا محامين، أما الصليب الأحمر فكان يسمح له برؤية الأسير بعد 21 يوماً على أسره، ان كانت اسرائيل تعترف بوجودي لديها ،لحسن الحظ اجتمعت مع الصليب الاحمر ولكن كأن شيئا لم يتغير ، طلبو مني وصف طبيعه التحقيق داخل هذا السجن، فقلت: إنه، وخلال التحقيق في هذا المعتقل، يدرك الإنسان مدى الفرق بينه وبين الحيوان، حيث لا توجد أي مراعاة لحقوق الإنسان أو المشاعر الأدمية من قبل الموجودين داخله تجاه الأسرى. وردّ مندوب الصليب الأحمر بأنهم لا يستطيعون فعل أي شيء سوى جمع شهادات المعتقلين حول هذا المكان، لرفض الاحتلال الحديث الاحتلال الحديث عن هذا الموضوع. تمنيت حينها لو أن روحي صعدت الى السماء .
العزل القاسي صعب للغايه ، لم يكن يسمح لي برؤية أي شيء خارج زنزانتي ، عندما سألت أحد السجانين عن مكان احتجازي قيل لي أنني "على القمر"،إما أن اعترف أو انتهي ولا يعلم أحداً ماذا حصل معي ,
في تلك اللحظه كل ما بادر ذهني هم اهلي و اصدقائي هل اعتبرو انني في عداد المفقودين ام ، أنني اقضي حكماً بالسجن لسنوات في ثلاجات الموتى، ام دفنت في مقابر الأرقام السرية للأبد ؟ تلك الاميره أمي تلك الأميرة...ما زالت تعاند ما يقال عني ...ما زالت ترفض بأن تصدق ما زالت بعقلي ما زالت تعانق الأحلام وكأنها لا تدري بأني قد لا اعود بقت صامده في وجه ما يقال .
بدأت افكر هنا كيف أبقى صامدا امام من خالف جميع المواثيق الدوليه حيث يعتبر احتجازي السري وعدم إبلاغ عائلتي وممارسة شتى أنواع التعذيب بحقي جميعها تشكل انتهاكات وجرائم وفقاً للقانون الدولي التي تعد اتفاقيات جنيف أحد أركانه الأساسية, ومخالفاً لكافة الأعراف والمبادئ الدولية. كما تعتبر انتهاكاً لقواعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, وجريمة حرب يعاقب عليها القانون الجزائي الدولي خاصة المواد 8/7 من نظام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لكن هذا لم ينقذني بدأت اشعر بضعف وافكر بلاعتراف حقا بشيئ لم افعله وتحت ضغط التحقيق المتواصل والعزلة، فقدت إحساسي بالزمن والمكان،وتحت ضغط التحقيق المتواصل والعزلة اصبحت امنيتي البقاء على قيد الحياه ، فقدت إحساسي بالزمن والمكان، هذا السلوك اللاإنساني اتعبني واعترفت هكذا كانت نهايتي .....
أي شخص يدخل هذا السجن يختفي، ومن المحتمل للأبد.
دينا فضة من مدرسة الحاجة رشدة