د. صقر الجبالي
أستاذ العلوم السياسية جامعة النجاح
تعتبر الانتخابات المحلية وسيلة عملية يتم بواسطتها اختيار الاشخاص الذين سيعهد إليهم باتخاذ القرارات ورسم السياسة العامة في الدولة، ويأخذ الانتخاب اشكالاً مختلفة وفقا لشكل النظام السياسي واسلوب التنظيم الانتخابي المتبع. وارتبطت فكرة الانتخابات تاريخيا بمفهوم الحكومة التمثيلية التي تحدث عنها توماس سميث منذ القرن السادس عشر.
وهناك عدة مزايا تختص بها الدولة التي تطبق الانتخابات في نظامها السياسي، لعل ابرزها:أن الانتخابات تعتبر بمثابة "صك للشرعية" التي تتمتع بها الحكومة المنتخبة، فشرعية الحكومة وتبرير ممارساتها وبرامجها وسياساتها تستند كلها إلى قاعدتها الانتخابية. ويعتبر الانتخاب أفضل وسيلة عملية لإقامة حكومة ديمقراطية تمثل الافراد. كما انه وسيلة لتوسيع نطاق المشاركة السياسية لإعطاء المواطن فرصة لكل شخص للمساهمة في عملية الممارسة السياسية والمشاركة في اختيار صانعي القرارات. وتمنح الانتخابات المواطن فرصة الافصاح عن رغبته في اختيار المسؤولين المناسبين للمراكز الحكومية، إضافة إلى انها وسيلة لحث المسؤول الحكومي على أن يكون اهلاً للمسؤولية، وأن يسعى لارضاء الناخبين من خلال تقديم افضل الخدمات والانجازات لان مستقبله السياسي يتوقف على تقديرهم لجديته وإخلاصه وإنتاجه واستجابته لمطالبهم.
لا شك أن القرار الحكيم الذي اتخذته حكومة الوفاق الوطني برئاسة د.رامي الحمد الله بإجراء الانتخابات المحلية في الثامن من تشرين الأول المقبل سيساهم في إضفاء طابع الشرعية على ممارسات وبرامج وسياسات الحكومة من خلال إدارة 414 هيئة محلية، منها 142 مجلس بلدي، و272 مجلس قروي في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الأمر الذي سيساهم في إعادة اللحمة لشقي الوطن.
وينسجم قرار حكومة الوفاق مع القانون الاساسي للسلطة الفلسطينية وفقا لما نصت عليه المادة الثانية من القانون الأساس " الشعب مصدر السلطات ويمارسها عن طريق السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية على أساس مبدأ الفصل بين السلطات على الوجه المبين في هذا القانون الأساس" . ولا شك سيشكل هذا القرار بداية لطي صفحة الخلافات الفلسطينية ويساهم في وضع نهاية للانقسام المشؤوم. ونجاح هذه الانتخابات سيكون بداية للعمل على إجراء انتخابات تشريعية (للمجلس التشريعي والمجلس الوطني) ورئاسية أن تم التعامل مع هذا القرار بقلب مفتوح وروح ايجابية من كافة القوى والفصائل الفلسطينية سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقد يساعد قرار حكومة الوفاق في العمل على اكمال المسيرة الديمقراطية المتمثلة بضرورة اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية. وسيمهد هذا القرار من أجل استكمال الاستحقاق الدستوري لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية من أجل إعادة تفعيل وإصلاح مؤسسات وهيئات النظام السياسي الفلسطيني (للسلطة ومنظمة التحرير) وذلك من خلال اختيار الممثلين المنتخبين الأفضل القادرين على مواجه التحديات التي تحيق بالشعب والأرض والنظام السياسي الفلسطيني.
لا شك ان القرار الحكيم بالعمل على اجراء انتخابات محلية قد يكون بداية لإنهاء الانقسام الفلسطيني.
لذلك علينا جميعا أن نفكر ونعمل بعقل جمعي يخلص شعبنا وقضيتنا من كافة المشكلات والتحديات التي تواجهنا في ظل سياسة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة التي تمعن في تهويد ما تبقى من فلسطين وتسعى جاهدة لتقسيم الأقصى مكانيا وزمانيا مستغلة حالة الانقسام الفلسطيني وانهيار النظام الرسمي العربي.
الامر الذي يتطلب من الفصائل والأحزاب الفلسطينية نبذ الخلافات جانبا وطي صفحة الانقسام والعمل على مواجهة التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني سواء على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي....
وتسبق عملية الانتخابات الدعاية الانتخابية التي يتم فيها طرح البرامج الانتخابية المختلفة التي تعبر من خلالها القوائم الانتخابية والمرشحين المستقلين عن رغبتها في تنفيذ ما رسموه من خطط وبرامج ترقى الى مستوى ما يعانيه المواطن الفلسطيني من مشاكل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
وينبغي على الاحزاب والفصائل الفلسطينية والمرشحين المستقلين ان تأخذ عدة اعتبارات عند اختيار مرشحيها منها: التركيز على الجانب المهني والتخصصي في اختيار المرشحين وقدرتهم على العطاء والرغبة في العمل بروح الفريق بغض النظر عن الانتماء الحزبي، وان يكون العضو الحزب المرشح الفائز بالانتخاب لديه الرغبة في نزع ثوبه الحزبي فور نجاحه بالانتخابات والتعامل بموضوعية ومهنية في تقديم الخدمة لكافة المواطنين بغض النظر عن انتمائهم الحزبي.
وهناك تخوف من إصرار بعض القوى النافذة في بعض الفصائل خصوصا تلك التي تعتاش على فتات الانقسام من أن تقوم بالعمل على إفشال هذه الفرصة الرائعة لئيلام الجرح الفلسطيني وإكمال التجربة الديمقراطية الفلسطينية. لذلك علينا جميعا أن نسعى جاهدين لإنجاح قرار حكومة الوفاق، فالإنسان أو الفيصل الناجح الواثق ينبغي أن لا يخشى اجراء الانتخابات بل ان يكون دائما مشجعا لها.
بالرغم من ان القانون قد منح المواطن حق الانتخابات والترشيح اذا ما توافرت فيه مجموعة من الشروط إلا ان ذلك لا يمنع من العمل على الترشيح او الرغبة في الترشيح لأشخاص لديهم البصيرة والقدرة على مواجهة المشاكل الحياتية التي يعاني منها الوطن والمواطن و التي من الممكن ان تكون محور اهتمام البرامج والسياسات الانتخابات ولكن بشكل متكامل ضمن خطة استراتيجية ترسمها الحكومة الحالية ضمن المجالات التالية:
على الصعيد السياسي ينبغي العمل على فكرة فك الارتباط الخدماتي مع سلطة الاحتلال في مجالي الكهرباء و المياه ضمن خطة متكاملة يدافع فيها المواطن وان يكون ساند للعمل الحكومي من خلال اتخاذ قرارات مصيرية بالعمل على استكمال اقامة محطات لتوليد الكهرباء و التي سبق و ان قامت بها حكومة د.رامي الحمد الله.
أليس من حقنا أن نتسائل مواطنين ومسؤلين الى متى سيبقى المواطن الفلسطيني يدفع فاتورة المياه لإسرائيل وهي تٌضخ من ارضه ومن تحت قدميه؟
ويمكن بهذا المجال الاستفادة من الدول الصديقة لتقديم الدعم بهذا المجال والعمل على شق طرق وحماية ما تبقى من جبال فلسطين من الاستيطان خاصة في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة. ويمكن ان تركز القوائم الانتخابية على شعارات فلسطين خضراء وذلك من خلال تشجير مثلا مليون شجرة وهذا ينسجم مع قرارات مجلس الوزراء لحكومة الوفاق؛ خصوصا في المناطق المهددة بالاستيطان واحيطتها بطرق زراعية معبدة وتسهيل منح رخص زراعية وإقامة مناطق صناعية ودعمها من خلال تسهيل تقديم الخدمات لها، ووضع حد أمام ثلة من المرتزقة التي تسمح أو تأجر ارضها لدفن نقايات كيماوية للمستوطنات في مناطق السلطة الفلسطينية الامر الذي تسبب في رفع نسبة التلوث وارتفاع نسبة مرضى السرطان في فلسطين.