الرئيسية / الأخبار / فلسطين
شبان من نابلس "سنقتطع من رواتبنا للمقدم أبو عرب الذي تم إيقافه بسبب رأيه
تاريخ النشر: السبت 01/10/2016 18:41
شبان من نابلس "سنقتطع من رواتبنا للمقدم أبو عرب الذي تم إيقافه بسبب رأيه
شبان من نابلس "سنقتطع من رواتبنا للمقدم أبو عرب الذي تم إيقافه بسبب رأيه

 قال عشرة شبان من نابلس "سنقتطع من رواتبنا لتوفير راتب المواطن الفلسطيني أسامة منصور "أبو عرب" مدير العلاقات العامة في جهاز الإستخبارات العسكرية، الذي تم إيقافه عن عمله بسبب رأي نشره بموضوعية دون تجريح على صفحته على الفيسبوك ناشد فيه السيد الرئيس للعدول عن رأيه بالمشاركة في تشييع بيرس".

وقال المهندس محمد جهاد دويكات متحدثاً باسم مجموعة الشبان المذكورة "هناك قاعدة عالمية تشير بأن لا يتدخل العساكر في شؤون السياسيين في الدولة، لكن اقتراح المقدّم أسامة منصور لم يكن ضمن ذلك، إذ أنه نشر اقتراحاً بأدب وموضوعية ناشد فيه السيد الرئيس للتفكير من زوايا جديدة بمسألة المشاركة في مراسم تشييع بيرس والمقارنة بين حسناتها ومساوئها على مستوى القيادة والشعب".

 

ولكي نكون بعيدين عن الغوغائية في التحليل، فإن السياسيين وعبر التاريخ قد يمارسون أحياناً أعمالاً تخالف تماماً توجهات شعوبهم لأنهم كقادة في الصف الأول قد يرون أبعد مما يراه الشعب الذي يقف وراءهم، وتتبين آثار رؤيتهم هذه بعد فترة من الزمن، فمثلاً أرسل صلاح الدين الأيوبي طبيبه الخاص لمعالجة قائد جيش عدوه ريتشارد ملك إنجلترا خلال مجيئه لإعادة احتلال القدس بعد أن حررها الأيوبي، وأدى ذلك الموقف فيما بعد إلى أول معاهدة صلح إسلامي مسيحي في التاريخ حافظت على وحدة القدس وسيادتها العربية الإسلامية، فما الأثر الإيجابي الذي سيترتب على مشاركة السيد الرئيس في عزاء بيرس؟ وهل ستظهر إجابات على عكس ما يرى الناس الآن؟ سنترك المجال للزمن ليجيب على ذلك أو للسيد الرئيس.

 

أعجبني موقف حركة الشبية الطلابية في الجامعات الفلسطينية من حيث طريقته، الذي قالت فيه على لسان متحدث لها على راديو حياة إف إم: نحن نستنكر ذهاب الرئيس للجنازة، ولكننا نحترمه كقائد لنا وللشعب الفلسطيني ولا نُخرج أنفسنا من تحت لوائه. كما أعجبني رأي مواطن آخر قال فيه: تتجلى في أبناء فتح مقولة (القداسة للوطن وليست للأشخاص)، وهنا أستذكر أن هذه القاعدة هي المطلوبة في تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بين المواطن والرئيس. عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما تولى الخلافة خاطب الناس قائلاً: "أيها الناس إنى وليت عليكم ولستُ بخيركم، فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطلٍ فقوِّموني"، ومقولته أيضاً: "أصابت امرأة وأخطأ عمر"، وندعو جميع الأطراف والأحزاب إلى أن تتبنى هذا النهج في التعامل مع المسؤول والمواطن دونما نديّة أو تجريح. نعم الحاكم معرض للوقوع في الخطأ، وإن أخطأ فعلى الشعب تقويمه لا مجاملته، وهو حر في تبني أو عدم تبني وجهة نظرهم، وحسب ما نراه فإن السيد منصور حاول العمل بمقولة عمر، هكذا رآى.

 

 إن فكرتنا بتوفير راتب الأخ أسامة منصور لا تأتي من باب المناكفة لأحد، ولا للوقوف مع أحد ضد أحد، ولا لأننا مع أو ضد ذهاب السيد الرئيس لبيت العزاء، وربما لا يكون منصور بحاجة لهذا المبلغ، لكن المسألة معنوية بالدرجة الأولى، لنكون طرفاً في الحفاظ على مساحة حرية الرأي والتعبير في بلدنا دون تضييقها، ولكي لا يخاف أحد من قول رأيه خوفاً على رزقه أو منصبه، ولكي يطمئن من يريد أن يقول رأيه بحرية أن وراءه أناس أحرار سيظهرون بعد موقفه وسيدعمونه، والأهم أن وراءه ربّ اسمه الرزّاق، نحن لا نريد مواطنين ومسؤولين يهزون رأسهم دائماً ويومِئون بالموافقة. وقد لا نكتفي بالتعبير عن رأينا بهذه الطريقة، قد نجري حراكاً لإرجاع المقدم إلى موقعه طالما أن سبب إيقافه هو رأيه المهذب الذي رأيناه.

 

نريد من موقفنا هذا أيضاً أن نطرح توجهاً جديداً في تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، يقوم على الاحترام المتبادل، وتقبل الآخر ورأي الآخر، وعدم منح قداسة أو تأليه لأي مسؤول أينما كان موقعه. وأن الوقوع في الخطأ ليس منقصةً لأحد، قد يكون توجه السيد الرئيس خاطئاً وقد يكون صائباً، وقد يكون رأي الرجل الآخر صائباً وقد يكون خاطئاً، وقد يكون مقالنا ورأينا هذا صائباً وقد يكون خاطئاً، وقد تكون وجهة النظر التي يتبناها القارئ الآن صائبة وقد تكون خاطئة.

 

فالبشر كلهم يخطئون بمن فيهم الأنبياء، وقد أقر الله سبحانه بتلك الصفة التي وضعها في خليفته الإنسان، وقد عاتب الله سبحانه وانتقد في أكثر من موقع نبيه الكريم عليه السلام ليعلمنا نحن أن الخطأ وارد عند كل انسان لكن الإصرار عليه مرفوض، فقد قال: {عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَن جَاءهُ الْأَعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى؟!} وكذلك: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ؟ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ؟!} وقد امتدح الله من لا يصر على خطئه: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ ... وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017