بثينة بدر سفاريني
مرت سنين طوال على صدور كتاب "جريمة ودفاع"، ليصف الجريمة التي تقوم بها إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني من نهب واغتصاب، والدفاع، وهو أن إسرائيل بكاملها ما زالت ملكاً لسكان البلاد الأصليين.
حيث احتوت صفحات الكتاب على مناظرة حادة بين سفير إسرائيل إلى كندا ياماكوف هرتزوك والمؤرخ البريطاني ارنولد توينبي. كان محور حديثهم عن مسألة الأخلاق والمقارنة الأخلاقية بين مجازر النازية ضد الأقلية اليهودية في أوروبا ومجازر الإسرائيليين ضد سكان فلسطين.
أستهل الحديث السفير هرتزوك، حيث تحدث عن فظاعة الاضطهاد الذي تعرض له اليهود على أيدي النازية ما بين 1933_1945، وغرق في وصف مشاهد العنف والظلم النازي حتى أستشهد بعبارة من التوراة تقول" لم تستطع الأرض أن تمتص الدماء التي أغرقتها".
لم يستنكر ارنولد توينبي فظاعة مجازر النازية ضد اليهود، ولكنه ذكر ما يسمى بسلسلة الشر الأخلاقي أو (كارما) وهو تفسير سيكولوجي والمقصود به، بأن تقوم دولة تعرضت لعنف ما بصب نقمتها على شعب آخر، كما فعلت بريطانيا عندما تعرض سكانها للقصف أثناء الحرب العالمية الثانية، فقامت بالرد على ذلك بقصف مدينة بور سعيد أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.
وكما فعلت إسرائيل أيضاً عندما تعرضت للعنف والظلم، قامت بإلحاق ألآلام الموجعة لشعب يقطن بلاده منذ قرون عدة.
حيث ذكر المؤلف، أن حوالي (684,000) من مجموع (859,000) عربي فلسطيني يقطنون في الرقعة التي أحتلها اليهود الصهيونيون من فلسطين عام 1948. وباتوا مشردين في مدن فلسطينية لم تحتل عام 48 بالإضافة لبلدان عربية مجاورة، وارتكب بحقهم مجازر وحشية على أيدي الهاغانا وأرغون، ومن أهم هذه المجازر مجزرة دير ياسين، هذه المجزرة التي أشعلت الحرب النفسية والخوف في قلوب القرى المحيطة بالقرية. أو كما عبر البروفسور" أيها العرب، نحن فعلنا ذلك بسكان هذه القرية. إذا لم تشاؤوا أن نفعل بكم مثله فاخرجوا من هذه الديار".
وضح المؤلف، السياسة التي أنتهجتها إسرائيل في الدفاع عن نفسها مستندة على مزاعم دينية، مثل أن رجوعهم إلى أرض الميعاد هو تدبير من عند الله، وعاشوا على هذا الأمل الذي ساعد في ترابط اليهود المشتتين حول العالم وهذا ما عبر عنه البروفيسور توينبي، عندما وصفهم بالشعب "المتحجر". وقصد حينها أن هناك حضارات اندثرت منذ قرون عديدة ولكن بقيت منها شعوب مثل البارسي واليهود وفروع البوذيين والذين بقوا من خلال مؤسسات دينية صارمة. وقامت إسرائيل بتحقيق أملها من خلال حركة صهيونية ومن خلال أعمال عسكرية وحشية.
واستندت إسرائيل أيضا إلى وعد بلفور، حيث تمت ترجمته من الناحية اليهودية، على أنه مرحلة انتقالية لتحقيق دولة إسرائيل، وإذا لم يكن الأمر كذلك يكون بمثابة رافعة لتحقيق غايتهم.
وضح توينبي من خلال المناظرة، خلل وعد بلفور الذي يحمل نقيضين في نفس الوقت، فالوعد تحدث عن إقامة وطن قومي لليهود مع المحافظة على الحقوق الدينية والمدنية للطوائف غير اليهودية. ولكن كيف يم إنشاء وطن قومي لليهود دون المساس بمصالح ال90% من المواطنين غير اليهود؟
ما زالت إسرائيل تنكر حق السكان الأصليين بملكية أراضيهم وبيوتهم ، وتتهم الدول العربية بحدوث مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وترفض عودتهم إلى بلادهم لأنهم تربوا على الكراهية ضد اليهود، كما يقول السفير هرتزوك، ولكن هل أغفل اليهود عن حقهم عندما خرجوا من ألمانيا بعد أن تسلم هتلر الحكم، وهل أغفل سكان شمال فرنسا عندما رحل بضعة ملايين منهم إلى جنوب البلاد بسبب احتلال ألمانيا لبلادهم عم 1940، هروب سكان المدنيين والأصليين من منطقة عسكرية لا يعني تخليهم عن حقوقهم
للآن تمارس إسرائيل وبشكل يومي جرائم بشعة بحق الشعب الفلسطيني مثل الإعدامات الميدانية والسجن الإداري والاعتقال اليومي وغيرها من الأعمال البربرية ونمارس نحن حق الدفاع عن فلسطين التي هي بالأساس حق شرعي لسكانها.