الرئيسية / مقالات
كتب الأسير عدنان حمارشه عن صديقه الشهيد الأسير ياسر حمدونة,,, ياسر كان على موعد
تاريخ النشر: الأحد 09/10/2016 15:48
كتب  الأسير عدنان حمارشه عن صديقه الشهيد الأسير ياسر حمدونة,,, ياسر كان على موعد
كتب الأسير عدنان حمارشه عن صديقه الشهيد الأسير ياسر حمدونة,,, ياسر كان على موعد

 كان يرنّ الجوال بصخب، وتوالت الرنّات، كأن أحدهم يصر على الحديث، وصلت إلى الجوال، إذ سمعته من بعيد وقد رنّ أكثر من مرة، فلا بد وأن هناك أمرا مهما قد حدث، فالوقت ما زال باكرا جدا.

_السلام عليكم
_عليكم السلام يا شيخ
_حياك الله...
_كيف حالك شيخنا أبو عمر 
_الحمد لله بخير... 
وسكت حائرا لا أعرف ماذا أقول لشخص يحدثني وكأنه أحد الأصدقاء
_شو عمي أبو عمر، معقول مش عارفني؟
وضحك الضحكة التي كانت كفيلة أن تعيد الذاكرة سريعا إلى ذاك الطفل الشقي الذي كان يمر من الشارع المحاذي لمنزلي عائدا من المدرسة، ويحدث أحيانا أنه كان يعود في الصباح بسبب مشكلة افتعلها مع الأستاذ أو مع طالب، فقد كان لا يريد أن يمر يوم عليه بدون أن ينزل إلى الشارع المقابل حيث سيارات الجيش وسيارات المستوطنين التي كانت تمر، مطلقة النار على أصحاب المنازل الآمنة، ويرسل عبر الهواء تلك الحجارة الصغيرة من أصابعه السمراء الرقيقة والتي لا تؤذي طفلا في مهده ولا حتى فراشة في الواد.

هكذا عادت الذاكرة فورا عند سماع ضحكته على الجوال، لكن الفرق أن ضحكته الطفولية عندما كان ذو خمسة عشر عاما تغيرت وأصبحت ضحكة تتخللها بحّة الرجولة، فقد مر على سجنه أكثر من اثنا عشر عاما، بعد أن قرر أن تتحول حجارته الصغيرة إلى رصاص تتفجر في دماغ أحد لصوص الأرض "المستوطنين" فحصل على سجن مدى الحياة، تنقل خلال هذه السنوات الطويلة في سجون الاحتلال تاركا خلفه طفلين.
ويبدو أن الذاكرة قد ابتعدت في المكان والزمان حتى ظن ياسر أن الخط قد فصل
فقال: ألو أبو عمر وين رحت؟
وكأني صحوت من نومي بلهفة فأجبته والسرور يظهر علي صوتي: أنا هنا يا ياسر، كيف حالك يا حبيب... يا جارنا البطل؟
_أجاب والفرح يظهر في صوته: يعني عرفتني؟ وضحك تلك الضحكة مرة أخرى.
_طبعا يا ياسر وكيف ننسى الأبطال! 
_بارك الله فيك شيخنا، منكم تعلمنا
سألني عن صحتي والعائلة والجيران وشدد على رعايتي لولده، وأبدى سروره إذ عرف من أهله بتواصلي الدائم مع ابنه  ولقاؤنا المستمر  في المسجد
تابع قائلا: لا أريد أن أطيل عليك يا شيخنا واعذرني أني أتصل في وقت مبكر، لكنك اليوم خطرت ببالي فأحببت أن أسلم عليك وأخبرك أني اشتقت للحرية...
ضحكت وقلت: لكنك حر يا ياسر أكثر من آلاف العبيد الذين تراهم يتنقلون بسياراتهم الفارهة ومع ذلك، أنا متأكد أنك ستكون حرا قريبا بإذن الله.
ياسر: كلامك يا شيخي يجعلني متفائلا جدا، واعتبر أيضا كلامك وعد بأني لن أقضي السنة المقبلة في السجن ووضحك طويلا...
هذا الحديث كان قبل أقل من سنة مع ياسر ذياب حمدوني.

في مساء اليوم نفسه زارتني والدته وابنه وقالت لي والدته التي لا تترك مسيرة ولا مهرجانا ولا وقفة تضامن إلا وكانت تهتف بحرية الأسرى 
قالت: يا خوي بالك ياسر برجع؟!... والله يا شيخ نفسي أحضنه قبل ما أموت
واليوم ياسر قد عاد يا أم ياسر
وهكذا يا ياسر لم تمض السنة وعدت حرا
رحمك الله يا ياسر، فقد عشت حرا ومت حرا وانتصرت أيها المقاتل
صديقك المحب عدنان حماشة_سجن مجدو
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017