كتبت: إكرام التميمي
متلاشية تلك المنعطفات والطرقات التي تتشابه بها كل النساء؛ وما عادت تلك الحقبة من الزمن حيث تستطيع بوجودها النساء ارتداء معاطف الفراء الثمين، يغطين بها أجسادهن العارية خشية المطر، فكل طقوس الشتاء اختفت ملامحها من زمان هذا الزمان الذي يختلس من أعمارنا كافة الأسرار الدفينة والمغروسة بنا وقدمها من قدم القيم .
الانفتاح والعولمة والتسارع بالشابكة أمسى هو سيد الموقف؛ ونحن تتمطى أجسادنا المتعبة بين مفاتيح الحروف وتلك الشاشة تحدق باستمرار تختلس النظر، ونتحدث باستمرار عن ما يختلج بين الضلوع ببوهيمية عذراء، تنتشل اليأس من دواخلنا وتفرغها بغضب على لوحة مفاتيح صماء تنصاع للأصابع الضاغطة عليها دونما إرادة وتصطف الحروف مشكلة كلمات وجمل منها الحزين ومنها السعيد وبعض من خواطرنا يختلسها الآخر، ولكنها مشروخة وتنقصها الروح، والحقيقة الكامنة ما زالت مستترة بالنفوس المتعبة من الضجر تنتظر هطول الغيث من بين الضباب وما زالت تلك النساء عالقة بين السماء والأرض يغطيهن الفراء والضباب يختلس النظر؛
وهن يخشين من قطرات الماء، ويعشقن البلل في الطرقات تلك الممنوعة، يا لتلك الدهشة التي تسكننا وفتاة يافعة تتحدى عنصريتهم تخترق الحواجز دون علمها فتسيل منها الدماء على الإسفلت وتغتال بالوطن الطفولة والأنوثة تحت المطر؛ ويصرخ عجزنا بصمت؛ ضجرنا احتلالكم فانصرفوا واخرجوا من تحت معاطفنا ومن أزقتنا القديمة ومن طقوس حياتنا كافة وارحلوا يا من تكالبتم وصنعتم تاريخكم على أرض لم تكن يوما وحدها، هي بعد ما زالت لنا، ونحن نتمطى بعجز الصمت والعالم العاهر الذي يرى شرف النساء دماء وحناء، وديمومة البراءة وهبها الله لنا والستر حامينا، وأنتم عققتموها بدون شرف، تتباكون على الضحية، والجلاد هو الجلاد ويتشابه وجه الاحتلال، والأغلبية الصامتة عليها الصمت دون غضب.