الرئيسية / مقالات
جنازة المعلم حيا ... بكفالة من! بقلم رواء أبوهويدي
تاريخ النشر: الأثنين 31/10/2016 05:42
جنازة المعلم حيا ... بكفالة من! بقلم رواء أبوهويدي
جنازة المعلم حيا ... بكفالة من! بقلم رواء أبوهويدي

 شهد العام الدراسي الماضي والعام الدراسي الحالي حراكا مطلبيا بحتا، تمخض عنه نقابة للمعلمين والعاملين الحكوميين في وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، بعد أن أُقفلت في وجهه كل الآفاق وصُمّت كل الآذان إن كان على صعيد استقبال مطالبه أو حتى العمل بشكل جدي على  إصلاح اتحاد المعلمين، وتلقى العديد من الدعوات لحضور جنازته حيا من خلال سحقه وكسر إرادته وطحنه وتهديده وتخويفه وقمع حريته ومصادرتها، وتزوير الحقائق وقلب الوقائع، وتأليب المجتمع عليه وتصويره كمجرم ومتواطئ مع أجندات خارجية وداخلية، ومؤسسات الـ NGO's !!، ووصلت لدرجة اتهامه بالجاسوسية لجهات خارجية.

.
وقد تم تهيئة كل وسائل الراحة والدعم والموازنة لكل مؤسسات ومرافق الوطن الرسمية وغير الرسمية التي قبلت بين مرغمة وبين التقاء مصالحها لاستعباد المعلم، وربما لو استطاعوا الوصول لمن في الأرحام ما تقاعسوا، وعليه أصبح في كل مدرسة من هيئتها التدريسية من يحتاج لفريق إنقاذ وترميم نفسي واجتماعي وإعادة تأهيل لرأب الصدع الذي تم التفنن في إيقاع المعلم تحت وطأته، كونه المجرم الذي رفع صوته للمطالبة بحقه، وكونه محرم عليه أن يتثقف أو تنفتح الآفاق أمامه تجاه حقوقه بقدر ما يجب إغراقه بواجباته، وكلما فكر مجرد التفكير تتململ كل الكراسي وتتنحنح كل الحناجر وتخشخش كل الجيوب، ويُجهّز السوط !!.
.
سبقني الزميل يتيم الأب والأم يتيم الوطن!، حين قال "إكرام المعلم دفنه"، تاركا خلفه لكل من أحوجه لقول عبارته وما تحمله من مرارة، رسالة صارخة لواقع المعلم المهني والنفسي والاجتماعي، رحل تاركا عائلته وعائلة أخويه وذكريات أليمة من الفقد، ترك لهم كل شيء ترك لهم الحريات والحقوق، ترك لهم خطيئة معلقة بأعناقهم تجلجل كلما تململوا وكلما تقلبوا في مضاجعهم، وما لنا إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل.
.
أهي شكرا لكل من تقدم وتصدر المشي في جنازة المعلم، أهي شكرا حكومة ووزارة وأجهزة أمنية، والفاتحة أيها المجتمع على روح العملية التعليمية والتربوية، أم نأمل يقظة علّها تأتي قبل أن تذروا الرياح ما تبقى من حُطام.
.
هل حقا هذا ما نريده بقايا حطام يقف أمام فلذات أكبادنا، أمام جيل المستقبل، أمام أمل القادم!، يحتاج المعلم للمجتمع وجميع مؤسساته، يحتاج المعلم لجميع المؤسسات الحقوقية ليقفوا جميعا أمام مسؤولياتهم.
.
أسألكم بالله أن تترفقوا بما تبقى من معلم حتى لا نفقده فنفقد أنفسنا أكثر مما حاصل، يقتلني أن تقف إحدى طالباتي في غرفة الصف وتقول لي: لماذا لم تقومي بإنزال ما وعدتنا به من إجابات نموذجية للدرس على مجموعة " مع معلمتي "، لأقدم الإجابة بيني وبين نفسي قائلة إن حساباتي الإلكترونية تمت مصادرتها من قبل جهاز المخابرات الفلسطيني! بعد أخذ جهازي الجوال!، وتقول شفتاي: قريبا إن شاء الله، ويقتلني أكثر عندما أرى الحماسة في عيون طالباتي - بناتي لمتابعة العمل في مبادرة تحت عنوان " كن وردا "، بدأتها العام الماضي، وأجد نفسي أجاهدها على المتابعة، ولا أقوى على سماع تساؤلاتهن حول ما حصل معنا كمعلمين، وماذا حققتم؟ وأين ذهبت " كرامة المعلم " صورتك الشخصية معلمتي!، ألا تدري بُنيتي أنه طُلب مني تغييرها؟، ألا تدري أنها أصبحت جريمة؟، وأن أي منشور لي على الفيسبوك وحقي في التعبير مصادر، وأن حريتي في تنظيم أي عمل مطلبي نقابي مع زملائي المعلمين معتقل!
.
رواء أبوهويدي
30 تشرين أول 2016
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017